تفاصيل التحرش الذي وقع بالفضاء بين مركبة روسية غامضة وقمر صناعي أمريكي فائق القدرات

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/02/05 الساعة 00:28 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/02/05 الساعة 00:29 بتوقيت غرينتش
المركبة الروسية الغامضة خلال عملية إطلاقها/ رويترز

منذ أسبوعين، بدأ القمر الصناعي الروسي Cosmos 2542 تتبع تلسكوب استطلاع فضائي سري لوزارة الدفاع الأمريكية. ويتساءل محللون إن كان ذلك نوعاً من الاستعداد للهجوم.

نفَّذ قمر صناعي روسي غامض مناورة في مدار جديد حول الأرض، خلف قمر تجسس أمريكي سري فائق القدرات، حسبما ورد في تقرير لموقع The Daily Beast الأمريكي. 

الأمريكيون لا يستطيعون فعل شيء

هذه الحركة غير الاعتيادية من القمر الروسي Cosmos 2542، في 20 يناير/كانون الثاني، سمحت باقترابه من التلسكوب المداري الأمريكي KH-11، البالغة تكلفته 4 مليارات دولار، الموجّه نحو الأرض. ولا يمكن لمسؤولي الفضاء الأمريكيين فعل أي شيء حيال ذلك.

بالنسبة للأمريكيين، فإن تعقُّب الروس لهم في وقت السلم أمر مزعج. وفي أوقات الحرب، قد يعتبر ذلك بمثابة استعداد للهجوم.

قمر Cosmos 2542 الروسي هو ما يطلق عليه العاملون بمجال الفضاء "قمر تفتيش صناعياً". وهو قمر صناعي صغير الحجم، بحجم ثلاجة صغيرة، مزوّد بأجهزة استشعار وأنظمة دفع ينفذ مناورات قريبة من المركبات الفضائية الأخرى ويصوّرها. يمكن لبعض أقمار التفتيش أن تحمل أسلحة وتخرّب أو تدمّر المركبات الفضائية للعدو.

وانطلق قمر التفتيش الصناعي من ميناء بليستسك كوزمودروم الفضائي شمال موسكو، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، على متن الصاروخ سويوز، واستقر القمر الصناعي Cosmos 2542 في مداره على مسافة 400 إلى 900 كيلومتر فوق سطح الأرض.

التبرير الروسي

وذكرت وزارة الدفاع الروسية: "أن الغرض من التجربة هو مواصلة العمل على تقييم الحالة التقنية للأقمار الصناعية المحلية".

ولكن اتضح سريعاً أن الهدف الحقيقي كان تتبع قمر صناعي أمريكي يُدعى USA 245. وسمح المدار الأصلي للقمر الروسي Cosmos 2542 بالاقتراب من القمر الأمريكي KH-11 كل 11 أو 12 يوماً، حسبما ذكر مايكل طومسون، الطالب الأمريكي الذي يعمل بشركة فضاء صغيرة ويتتبع الأقمار الصناعية في وقت فراغه.

هذا الأمر بسيط وسهل على نحو مدهش. متتبعو الأقمار الصناعية الهواة في جميع أنحاء العالم يستخدمون التلسكوبات والبيانات الحكومية لتتبع العديد من الأقمار الصناعية النشطة حول العالم، البالغ عددها تقريباً 2,200 قمر صناعي، أكثر من نصفها في مدار منخفض على ارتفاع بين 160 و1900 كيلومتر فوق سطح الأرض.

مناورة جريئة اكتشفها هاوٍ

وبين شهري نوفمبر/تشرين الثاني ويناير/كانون الثاني، ظل القمر الصناعي الروسي Cosmos 2542 أغلب الوقت على مسافة كبيرة من القمر الأمريكي KH-11، بينما كان قمر الاستطلاع الوطني الأمريكي يستعرض صورَه عالية الوضوح التي التقطها.

وفي منتصف يناير/كانون الثاني، مرّ القمر الروسي Cosmos 2542 على مقربة من قمر التجسس الصناعي الأمريكي، ونفذ مناورته. وبدلاً من الانحراف بعيداً كما يفعل عادة، نفذ القمر الروسي مجموعة من المناورات في الفترة من 20 إلى 23 يناير/كانون الثاني، ودخل إلى مدار القمر الأمريكي USA 245.

ولاحظ متتبع الأقمار الصناعية نيكو جانسن تلك المناورة، وقدّم تلك البيانات لطومسون، الذي أجرى تحليلاته، ثم بدأ النشر على تويتر.

وكتب طومسون يوم الخميس، 30 يناير/كانون الثاني: "يحوم القمر الروسي Cosmos 2542 خلف القمر الأمريكي USA 245 بشكل ثابت. وبينما أكتب ذلك، تتراوح المسافة بينهما بين 150 و300 كيلومتر بناء على موقعهما في المدار".

 والآن الروس يستطيعون التقاط صور تفصيلية له

من هذا النطاق، بإمكان القمر الروسي Cosmos 2542 التقاط صور تفصيلية للقمر الأمريكي KH-11. وكتب طومسون على تويتر: "صُمم المدار النسبي للقمر الروسي بذكاء بالغ. يمكن للقمر الروسي Cosmos 2542 رصد أحد جانبي القمر KH-11 عندما يكون كلا القمرين الصناعيين في ضوء الشمس، وبمرور الوقت عند دخول منطقة الكسوف، ينتقل لرصد الجانب الآخر".

ومن غير الواضح مقدار ما يمكن لروسيا معرفته من خلال تصوير القمر الأمريكي KH-11. 

كتب طومسون على تويتر: "شخصياً، أعتقد أن القيمة الاستخباراتية لرصد أقمار التجسس الصناعية قد تكون هامشية جداً".

القمر الأمريكي لديه عدسات التلسكوب هابل

ذكر مكتب الاستطلاع الوطني أنه يدير أربعة أقمار تجسس من طراز KH-11. وتحافظ تلك الأقمار على بقائها في مدارات منخفضة تتراوح من 250 كيلومتراً إلى 1000 كيلومتر، مما يتيح للأقمار الصناعية تعديل نطاقها لرؤية قطاعات ضخمة من سطح الأرض بدقة منخفضة وقطاعات أصغر كثيراً من الكوكب بدقة عالية.

ومن خلال التنسيق بين مدارات أقمار KH-11 الأربعة، بإمكان مكتب الاستطلاع الوطني الحفاظ على نطاق مراقبة واسع وضيق في نفس الوقت. هذا واضح لمتتبعي الأقمار الصناعية في العالم. ولم يعلّق مكتب الاستطلاع الوطني من قبل على عمليات أقمار KH-11، ولكن ليس من الصعب رصد تلك الأقمار الصناعية التي يكون حجمها مشابهاً لحجم حاويات الشحن من الأرض.

وبما أنه من المعروف أن أقمار KH-11 تستخدم نفس نوع العدسات المستخدمة في تلسكوب هابل الفضائي لوكالة ناسا، بإمكان أي شخص لديه خبرة في البصريات تقدير قدرات أقمار KH-11.

ليست روسيا وحدها من تمتلك أقمار التفتيش المؤهلة لحمل قدرات تدميرية

قد لا يكون الهدف هو التجسس على قمر التجسس الأمريكي، فقد نشرت روسيا العديد من أقمار التفتيش الغامضة منذ 2014. كما أطلقت الصين واليابان والسويد والولايات المتحدة أقمار التفتيش الخاصة بها. 

ويعتبر المكوك الفضائي الصغير X-37B التابع للقوات الجوية الأمريكية من أهم المركبات الفضائية التي تتمتع بقدرات تفتيشية.

ومن الممكن أن تكون كل تلك المركبات مزودة بأسلحة.

وقال أناتولي زاك، الخبير المستقل بالمركبات الفضائية الروسية لموقع The Daily Beast عام 2015: "يمكنك تجهيز تلك المركبات بالليزر، ويمكنك وضع المتفجرات عليها. إذا اقترب أي منها بشدة من قمر صناعي عسكري، من الممكن لتلك المركبات تدميرها".

وفي مناورة Cosmos 2542 للاقتراب من قمر التجسس الأمريكي، ربما كانت روسيا تتدرب على الحرب.

من المعروف أن أقمار KH-11 لا تمتلك أي أنظمة دفاع. لذا يقول طومسون إن مشغلي الأقمار في مكتب الاستطلاع الوطني لا يمكنهم فعل الكثير بشأن التطفل الروسي "غير التذمّر في الأمم المتحدة".

تحميل المزيد