نشر تفشِّي فيروس كورونا الجديد الخوف والقلق في جميع أنحاء العالم، وأصاب الفيروس، الذي تشبه أعراض الإصابة به أعراض الالتهاب الرئوي، والذي ظهر في مدينة ووهان الصينية، أكثر من 10.000 شخص وقتل 213 شخصاً.
وحتى الآن، لا يبدو الفيروس قاتلاً أو فتّاكاً كما كان فيروس سارس، الذي قتل 774 شخصاً بين عامَي 2002 و2003. كان معدل الوفيات بين مصابي فيروس سارس 9.6%، بينما تبلغ نسبة الوفيات جرّاء الإصابة بفيروس كورونا الجديد حوالي 2% فقط. ولكن عدد الحالات المصابة بعد شهر واحد من ظهور المرض يفوق العدد الإجمالي للمصابين بفيروس سارس على مدار ثمانية أشهر.
معظم المرضى تعافوا تماماً!
يقول موقع Business Insider الأمريكي إن العديد من مرضى فيروس كورونا تعافوا بشكل كامل. ووفقاً للمسؤولين الصينيين، معظم الوفيات كانت من بين كبار السن أو المصابين بأمراض أخرى تضعف من جهازهم المناعي.
يقول الخبراء إن الذعر العالمي من فيروس كورونا الجديد غير مفيد وغير مُبرر بشكل كبير؛ ينبغي اتخاذ الاحتياطات اللازمة لتجنب الإصابة بالمرض، ولكن التدابير الوقائية الأكثر فعالية هي الممارسات اليومية الاعتيادية، مثل غسيل اليدين وعدم ملامسة الوجه.
يقول خبير آخر إن الذعر لم يوقف انتشار الفيروس وقد يكون له آثار اجتماعية سلبية. تقول أميرة رويس، أستاذة الصحة العالمية وعلم الأوبئة بجامعة جورج ماسون، لموقع Business Insider: "هناك مرض معدٍ ينتشر، وهناك انتشار للذعر. إنهما آليتان مختلفتان تماماً".
تضيف أميرة: "خلال المراحل الأولى من تفشِّي مرض معدٍ، معظم الذعر يكون نوعاً ما (خوفاً من المجهول)".
ما السبب وراء تفشِّي هذا الخوف؟
توضح الأبحاث النفسية أن التهديدات الجديدة ترفع مستويات القلق أكثر مما تفعل التهديدات المألوفة، وأن الأشخاص يميلون إلى عدم التفاعل معها بشكل فعال مثل التهديدات المألوفة.
على سبيل المثال، هناك احتمال 14% تقريباً أن أمراض القلب سوف تكون سبب الوفاة بين الأمريكيين، بينما احتمال وفاتهم على يد الإرهاب لا تزيد عن 0.002%. ولكن وفقاً لاستطلاع أجرته جامعة تشابمان عام 2016 عن مخاوف الأمريكيين، كانت خيارات "هجوم إرهابي على البلد" و "ضحايا الإرهاب" من بين أكبر خمسة مصادر قلق في نتائج الاستطلاع.
وظهر ذلك جليّاً خلال تفشِّي فيروس إيبولا في غرب إفريقيا من 2014 إلى 2016، وفقاً لبول سلوفيك، أستاذ علم النفس ورئيس مؤسسة Decision Research غير الربحية.
وكتب سلوفيك في مقال للجمعية الأمريكية للطب النفسي: "ما حدث كان متسقاً تماماً مع ما نعرفه عن إدراك المخاطر. في اللحظة التي أُبلغنا فيها بوجود تهديد إيبولا، قرع ذلك كل أجراس الإنذار دفعة واحدة: قد يكون مميتاً، قد يكون غير مرئي ويصعب الوقاية منه، قد تتعرض للعدوى دون أن تعرف، من غير الواضح إن كانت السلطات تسيطر على الموقف، إلى آخر كل تلك الاحتمالات".
ولكن معدل الوفيات بين مصابي إيبولا أعلى كثيراً من معدلات وفاة مرضى سارس وفيروس كورونا الجديد: 25% إلى 90% حول العالم، وقتل فيروس الإيبولا أكثر من 33,000 شخص منذ 1976.
العواقب الوخيمة والعنصرية للذعر
يبلغ رعايا الأقليات الآسيوية في فرنسا وكندا والولايات المتحدة عن حوادث عنصرية بسبب مخاوف انتشار فيروس كورونا الجديد.
ذكرت صحيفة The Guardian أن ما يقرب من 9,000 أب وأم بالقرب من تورنتو وقّعوا عريضة لمنع الطلاب الذين سافروا إلى الصين خلال 17 يوماً سابقين من حضور المدرسة.
كتب أحد الموقّعين على العريضة: "يجب أن يتوقف كل ذلك. يجب التوقف عن تناول الحيوانات البرية ثم إصابة جميع من حولكم بالعدوى. أوقفوا انتشار المرض واعزلوا أنفسكم أو عودوا من حيث جئتم".
وذكرت صحيفة New York Times أن الشركات في هونغ كونغ، وكوريا الجنوبية، وفيتنام نشرت لافتات تخبر عملاءهم من الصين أنهم غير مُرّحب بهم.
وفي الوقت نفسه، قال الطلبة الآسيويون في جامعة ولاية أريزونا، مع تأكيد وجود حالة إصابة أمريكية بفيروس كورونا، إنهم يتعرضون للسخرية ونظرات التحديق والعزل في الحرم الجامعي.
قال طالب فيتنامي أمريكي في جامعة ولاية أريزونا لموقع Business Insider: "سعلت في المحاضرة وفجأة أجد الجميع يلتفت إليّ".
كما انتشرت أخبار مغلوطة عن فيروس كورونا أيضاً، مثل أنه قابل للعلاج عن طريق زيت المردقوش، أو شرب المبيّض.
هل هناك أسباب تدفعنا للتفاؤل مع استمرار تفشِّي المرض؟
يقول الخبراء إن هناك بعض العوامل ينبغي أن تقلل من المخاوف بشأن فيروس كورونا:
- كان التعرف على الفيروس والتوصل إلى أنه فيروس جديد أسرع من أي وقت مضى. بعد أسبوع من اكتشافه، توصلت السلطات الصينية بالفعل إلى التسلسل الجيني للفيروس وشاركته مع مختبرات مختلفة في جميع أنحاء العالم.
- يقول ريتشارد مارتينيلو، الأستاذ المساعد لعلوم الأمراض المعدية في كلية الطب جامعة يال: "من الرائع أن يتوقف التسلسل الجيني للفيروس على الإنترنت خلال أسبوع واحد، لكي يتمكن الجميع من النظر إليه والبدء في محاولات فهمه. هذا حدث مسبوق لم نرَه من قبل".
- حدث الكثير من التطورات التقنية الطبية منذ اكتشاف فيروسات كورونا في ستينيات القرن الماضي، مما سمح للمختبرات الطبية وخبراء الفيروسات بإجراء المزيد من الأبحاث المتعمقة حول طريق عمل تلك الفيروسات الحيوانية.
- على سبيل المثال، بالرغم من أن العلماء يعلمون أن فيروسات كورونا يمكنها إصابة الإنسان لأنها سبب نزلات البرد، أظهر تفشِّي مرض سارس للمرة الأولى إمكانية تتبع فيروس كورونا وصولاً إلى الحيوانات. وقال مارتينيلو إنه من الممكن أيضاً أن تكون فيروسات كورونا في الحيوانات هي سبب مرض البشر في السابق أيضاً.
- يقول مارتينيلو أيضاً إن الأشخاص في الولايات المتحدة أكثر عرضة للإصابة بالإنفلونزا الموسمية عن فيروس كورونا الجديد. وتنطبق نفس الإجراءات الوقائية للمرضين: غسيل اليدين، وتجنب ملامسة الوجه، وعدم التواصل عن قرب مع أي شخص مريض.ويأمل مارتينيلو في أن يُسفر انتشار القلق بشأن فيروس كورونا عن انخفاض معدلات الإصابة بالإنفلونزا الموسمية هذا العام نتيجة اتباع الأشخاص التدابير الوقائية بشكل أفضل.