على وقع الإعلان المرتقب للرئيس الأمريكي دونالد ترامب للإعلان عن تفاصيل صفقة القرن، لاقت دعوة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أبو مازن لعقد اجتماع بالتوازي تحضره كافة الفصائل الفلسطينية ترحيباً من حركتي حماس والجهاد الإسلامي، اللتين أعلنتا مشاركتهما.
الاجتماع الذي ستشارك به حركة حماس للمرة الأولى منذ سنوات عديدة، سيبحث سبل الرد الفلسطيني على الصفقة الأمريكية، وهو حدث يصفه البعض بالتاريخي، كونها الدعوة الأولى التي توجه لحركة حماس لحضور اجتماعات القيادة الفلسطينية، كما يعد اللقاء الأول الذي يجمع الرئيس الفلسطيني محمود عباس بممثلي حماس منذ سنوات.
هذا الاجتماع ألقى بالعديد من التساؤلات حول ما يمكن أن يحرزه من نتائج سواء على مستوى التصعيد في مواجهة الإعلان الأمريكي عن الصفقة أو حول إمكانية التقارب بين حركتي فتح وحماس وطي صفحة الخلافات بينهما أو حتى احتمال أن يكون هذا الاجتماع "صورياً" دون الخروج باتفاقات عملية واضحة.
هذا التقرير يحاول الإجابة على هذه الأسئلة.
دعوة للمواجهة المباشرة مع إسرائيل
ماجد الفتياني، أمين سر المجلس الثوري لحركة فتح، وأحد المقربين من مكتب الرئاسة قال لموقع "عربي بوست" إن اجتماع القيادة الفلسطينية سيبحث مساء اليوم بشأن إصدار موقف تاريخي بالإعلان عن خطوات سياسية وميدانية للرد على صفقة القرن، بما فيها وقوف وتأييد السلطة وحركة فتح لصوت الشارع، "حتى لو وصل الأمر إلى إطلاق شرارة انتفاضة ثالثة"، على حد تعبيره.
وكشف الفتياني أن "سلسلة مشاورات جرت في الساعات الأخيرة بين قيادات حركة فتح، لتغيير الدور الوظيفي للسلطة الفلسطينية، والانتقال إلى ساحة المواجهة المباشرة مع إسرائيل، بما يمكنها من الحفاظ على الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني".
أما عن الدور السياسي والدبلوماسي الذي تجريه السلطة الفلسطينية، فكشف الفتياني أن "اتصالات تجري بين مكتب الرئاسة والعديد من زعماء دول العالم لرفض ما تطرحه الإدارة الأمريكية من مشاريع للتسوية تنتقص من حقوق الشعب الفلسطيني".
الإعلان المرتقب للرئيس الأمريكي دونالد ترامب مساء اليوم عن نشر بنود خطة السلام يأتي استكمالاً لما بدأت به الإدارة الأمريكية بالإعلان عن الشق الاقتصادي من الصفقة في يونيو/حزيران الماضي، في العاصمة البحرينية المنامة.
حماس وتوصيات حقيقية لإنهاء الانقسام
أعلن خليل الحية، القيادي في حركة "حماس"، في كلمة له خلال مشاركته بمسيرة رافضة للصفقة المزعومة بمدينة غزة مشاركة الفصائل في الاجتماع وتثمينه لدعوة الرئيس محمود عباس حركة حماس وبقية الفصائل، للمشاركة في اجتماع، في مدينة رام الله، تزامناً مع الإعلان الأمريكي عن نشر بنود الصفقة.
ما يميز هذا الاجتماع المرتقب هو مشاركة ممثلين عن حركة حماس للمرة الأولى منذ سنوات. وكانت قد سبقته دعوة مماثلة وجهها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، لحضور اجتماع عاجل في القاهرة لقادة الفصائل الفلسطينية بما فيها حركة فتح، للتباحث بشأن صياغة استراتيجية وطنية للتصدي لصفقة القرن.
نايف الرجوب، وزير الأوقاف السابق والنائب عن حركة حماس في المجلس التشريعي في الضفة الغربية، قال لموقع "عربي بوست" إن الحركة تتطلع في هذا الاجتماع إلى الخروج بتوصيات حقيقية تطبقها السلطة الفلسطينية على الأرض، بالسماح للحركة بممارسة نشاطها السياسي والتنظيمي دون عرقلة أو مضايقات، ووقف حملات الاعتقال التي تشنها الأجهزة الأمنية ضد كوادر الحركة.
ودعا الرجوب إلى "تطبيق السلطة لمخرجات المجلسين الوطني والمركزي بإعادة النظر في العلاقات السياسية والاقتصادية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وإعادة ترتيب البيت الداخلي عبر الدعوة لإجراء انتخابات عاجلة للمجلس التشريعي والرئاسة ومنظمة التحرير، والوقف الفوري للعقوبات الاقتصادية المفروضة على قطاع غزة، وتفعيل أدوات المقاومة الشعبية والمسلحة كرد فلسطيني على صفقة القرن".
يأتي هذا في وقت تتزامن فيه دعوة عباس لحماس مع تواصل ملاحقات أجهزته الأمنية لنشطاء الحركة في الضفة الغربية الذين يخططون لهجمات مسلحة ضد إسرائيل.
وتتضمن الصفقة وفقاً للعديد من التسريبات الإسرائيلية، إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح على 40% من مساحة الضفة الغربية وقطاع غزة، دون القدس، وإقامة ممر آمن يربط الضفة الغربية وقطاع غزة، دون الحديث عن قضايا اللاجئين.
كما تنص الصفقة على منح الفلسطينيين دولة، ولكن فقط إذا تم تجريد غزة من السلاح، وتخلت حماس عن أسلحتها، مما يكسب حضور حماس للقاء عباس في المقاطعة أهمية جديدة، كون الصفقة تتحدث عن الحركة بالاسم.
الاجتماع لإبراء الذمة لا غير
تطرح دعوة عباس لقادة حماس للقائه تساؤلات حول ماذا لدى عباس من عروض يقدمها لحماس، وماذا لدى الحركة من مقترحات تقدمها لعباس لمواجهة صفقة القرن، وفرضية أن يكون إعلان صفقة القرن مناسبة لإعلان المصالحة الفلسطينية بعد تعثر دام 13 عاماً، مما يثير علامات استفهام حول جدية دعوة عباس.
إياد القرا، الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، قال لموقع "عربي بوست" إن اجتماع القيادة الفلسطينية اليوم لن يأتي بجديد، في ظل فرض إسرائيل لواقع جيو-سياسي في الضفة الغربية لن تستطيع السلطة الفلسطينية مجابهته، في ظل افتقارها لأدوات ضغط حقيقية على الطرف الإسرائيلي، وهذا يعود إلى غياب استراتيجية تمتلكها السلطة الفلسطينية للتصدي لهذه الصفقة.
وبشأن دعوة حركة حماس لحضور الاجتماع، رأى القرا أن الرئيس محمود عباس يسعى بهذه الخطوة إلى "إخلاء مسؤولياته أمام القوى الفلسطينية التي تتهمه بالتقصير في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي"، كما أن رفض حركة فتح لتطبيق تفاهمات المصالحة سيبقي هذا اللقاء بحضور نواب من حماس في المجلس التشريعي في إطار المناورة السياسية".
لا قرارات جوهرية متوقعة
لكن القيادي في حماس وصفي قبها، وزير الأسرى السابق في الضفة الغربية، أكد أن دعوة عباس لهذا اللقاء يجب أن تتم وفق الأصول، وعبر الطرق الرسمية، بحيث كان الأولى أن يتم الاتصال بقيادة حماس، وعنوانها إسماعيل هنية.
وأضاف في تصريح لافت أنه "حين تصل هذه الدعوة الرسمية، تدرس قيادة حماس طبيعة الدعوة، وترد عليها وفق أصول التواصل، وإذا قررت الحضور، تقوم بتكليف من تراه مناسباً لحضور الاجتماع، وتمثيل الحركة، لأن من تمت دعوتهم من أعضاء المجلس التشريعي من حماس لا يمثلون قيادتها، حتى لو كان لهم لون سياسي معين".
لا يبدو أن لقاء عباس بحماس سيسفر عن قرارات جوهرية كبيرة، تتعلق بتصعيد المواجهة ضد إسرائيل، أو طي صفحة الانقسام بين الجانبين، سواء لأن اللقاء لم يسبقه تحضير رفيع المستوى بين الجانبين، أو لأن عباس أراد استخدام ورقة حماس للتلويح بها أمام إسرائيل.