يبدو أن الصين لم تتعلم الدرس بعد التأخّر في الإعلان عن خطورة فيروس "سارس"، مما أدى لانتشاره حول العالم ومقتل الآلاف، فالتعامل مع فيروس "كورونا" الجديد يشير إلى أن ما تواجهه البشرية ربما يكون أخطر بكثير من الأحكام الطبية الصينية في البداية، فما هي القصة؟
ماذا حدث؟
حذرت السلطات الصينية، أمس الأربعاء 22 يناير/كانون الثاني، من خطر تفشّي فيروس كورونا الجديد بصورة أسرع مما تم الإعلان عنه من قبل، وذلك بسبب قدرته على التحول، وتزامن التحذير مع الإعلان عن ارتفاع حصيلة وفيات الفيروس إلى 17 حالة وإصابة أكثر من 600 آخرين، وهو رقم مرتفع مقارنة بحصيلة سابقة قبل يومين فقط قالت إن الوفيات 9 والمصابين نحو 450.
واليوم الخميس 23 يناير/كانون الثاني فرضت الصين حجراً صحياً على مدينة هوانغانغ التي يقطنها 7.5 مليون نسمة بعد يوم من إغلاق مدينة ووهان التي يقطنها 11 مليون نسمة وفيها ظهر الفيروس الجديد (هذا الرابط يحتوي مادة شارحة بها التفاصيل الكاملة للفيروس).
ماذا يعني ذلك؟
على الرغم من أن أول حالة تم تسجيل إصابتها بالفيروس الجديد ترجع إلى مطلع ديسمبر/كانون الأول الماضي، أي قبل ما يقرب من شهرين، لم تنتشر أخبار الفيروس إلا مطلع الشهر الجاري، وبدا أن تفشي المرض في مدينة ووهان شديد، حيث كان قد نقل عشرات الأشخاص إلى المستشفى منذ منتصف شهر ديسمبر/كانون الأول، بعضهم في حالة خطيرة، وقد أبلغ عن وقوع وفيات، وتأكد وجود حالات مصابة في تايلاند واليابان وأجزاء أخرى من الصين، التي تشمل المسافرين القادمين من ووهان.
السيناريو يعيد للأذهان ما حدث بشأن فيروس "سارس" الذي تم تسجيل أول حالة وفاة بسببه في الصين في يناير/كانون الثاني 2002، لكنه تحول لوباء عالمي في مارس/آذار 2003 وتسبب في حالة ذعر بعد أن تحول إلى وباء أودى بحياة الآلاف من البشر حول العالم، وقد أقالت الصين وقتها وزير الصحة بسبب سوء إدارته للأزمة والتأخر في الإبلاغ عن خطورتها.
هل يعني ذلك أن كورونا الجديد قد يتحوَّل لوباء عالمي؟
بعد ظهور حالة إصابة بالفيروس في الولايات المتحدة، أصبحت المؤسسات الصحية حول العالم وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية في حالة تأهب تام لمنع تكرار كارثة "سارس"، لكن إعلان الإجراءات التي اتخذتها الصين أمس واليوم يشير إلى احتمال أن تكون خطورة الفيروس الجديد أشد وطأة مما يتم التصريح به حتى الآن.
لكن تعامل الحكومة الصينية هذه المرة مختلف إلى حد ما، فعلى عكس السرية التي أحاطت بانتشار سارس، تورد الحكومة الشيوعية في الصين هذه المرة تحديثات منتظمة للمعلومات في محاولة لمنع انتشار حالة ذعر بين ملايين المسافرين للاحتفال برأس السنة القمرية.
كما أن مدينة ووهان تضم أول مختبر احتواء بيولوجي في الصين، والذي بُني في عام 2015 لدراسة أخطر مسببات الأمراض على الكوكب، لذا فهو في وضع مهيّأ وجيد لدراسة الوباء الحالي. وربما قام العلماء هناك بفحص عدد من الأسباب المحتملة له. وفي منتصف يناير/كانون الثاني، دُعي متخصصون من خارج البر الرئيسي للصين إلى ووهان لتبادل المعلومات.