رجل دولة شغل العديد من المناصب الوزارية سابقاً، وحلم يوماً بالرئاسة عندما نافس في الاستحقاق الانتخابي في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.. إنه إلياس الفخفاخ الذي كلفة الرئيس قيس سعيّد، مساء الإثنين 20 يناير/كانون الثاني 2019، بتشكيل الحكومة الجديدة في البلاد.
والفخفاخ (48 سنة) هو قيادي في حزب "التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات" (اجتماعي ديمقراطي/ 22 نائباً من أصل 217 في البرلمان)، وتم ترشيحه للمنصب من قبل حزب "تحيا تونس (ليبرالي- 14 نائباً)، بعد رفض البرلمان، في 10 يناير/كانون الثاني الجاري، منح الثقة لحكومة الحبيب الجملي، الذي طرحت اسمه "حركة النهضة" صاحبة الأغلبية البرلمانية.
وينتمي الرجل إلى مدينة صفاقس (جنوب)، ثاني مدينة اقتصادية في تونس، حيث وُلد بها عام 1972.
وتخرج في "المدرسة الوطنية للمهندسين" في صفاقس، تخصص هندسة ميكانيكية سنة 1995.
ولاحقاً، حصل على درجة الماجستير في الهندسة الميكانيكية من مدرسة "إينسا" بمدينة ليون في فرنسا، وعلى درجة الماجستير في إدارة الأعمال من جامعة "إيسون" في فرنسا.
في بداية حياته العملية عمل "الفخفاخ" بالخارج في فرنسا وبولندا في شركة عالمية للنفط، قبل أن يعود إلى تونس سنة 2006، حيث تقلد منصب مدير عام لشركة "كورتيل" المتخصصة في صناعة مكونات السيارات.
التحاق بالثورة
اقتنع الفحفاخ بمبادئ ثورة الحرية والكرامة التي أطاحت في يناير/كانون الثاني 2011 بنظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، ليلتحق بها ويعلن دعمه لمطالبها.
قبل أن يلتحق بحزب "التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات"، الذي كان يقوده رئيس المجلس الوطني التأسيسي السابق (برلمان مؤقت من أكتوبر/تشرين الأول 2011 إلى يناير/كانون الثاني 2014) مصطفى بن جعفر.
ويشغل حالياً مهمة رئيس المجلس الوطني للحزب ذاته (بمثابة برلمانه)، وكان مرشحه للانتخابات الرئاسية الماضية، لكنه لم يتمكن من تجاوز الدور الأول من الاستحقاق الرئاسي الذي تمّ في منتصف سبتمبر/أيلول الماضي
رجل الدولة
شارك الفخفاخ في أول حكومة منتخبة بعد الثورة التي قادتها "الترويكا" (ائتلاف بين حركة النهضة الإسلامية وحزبين علمانيين هما المؤتمر من أجل الجمهورية وحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات)؛ إذ تم تعيينه وزيراً للسياحة في حكومة حمادي الجبالي (ديسمبر/كانون الأول 2011 – مارس/آذار 2013).
وإثر استقالة الجبالي من منصبه نهاية فبراير/شباط 2013 على وقع جريمة اغتيال المعارض اليساري شكري بلعيد، تم تعيين الفخفاخ في منصب وزير المالية بحكومة علي العريض (مارس/آذار 2013 – يناير/كانون الثاني 2014).
اجتماعي ديمقراطي
ورغم تراجع حزبه "التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات" شعبياً في انتخابات أكتوبر/تشرين الأول 2014؛ إذ لم يتمكن من الحصول على أي مقعد في البرلمان، إلا أن الفخفاخ واصل نشاطه في التكتل عكس قيادات أخرى انسحبت أو غيّرت الانتماء.
واستمر الرجل مؤمناً بأفكاره الاجتماعية والديمقراطية.
إذ دافع خلال حملته الانتخابية الرئاسية، في سبتمبر/أيلول الماضي، عن قيم التعايش مع الآخر المختلف والعدالة الاجتماعية، خاصة ضرورة تطوير التعليم الحكومي، وتوفير الخدمات الصحية الراقية لكافة المواطنين.
ويرتبط الفخفاخ بعلاقات واسعة بالناشطين المدافعين عن قيم ثورة 2011 من كافة القوى السياسية مثل الإسلاميين والمنتسبين لتيارات يسارية واجتماعية ديمقراطية مختلفة.
وبخلاف حزبه، يتوقع أن يجد الرجل دعم عدة كتل برلمانية مثل حركة النهضة (إسلامية/ 54 نائباً)، وحركة "تحيا تونس"، التي اقترحت اسمه على الرئيس قيس سعيّد.
وقالت الرئاسة التونسية، في بيان مساء الإثنين، إن "الفخفاخ سيتولى تكوين الحكومة في أجل لا يتجاوز مدة شهر ابتداءً من الثلاثاء (21 يناير)، وهي مهلة غير قابلة للتجديد".
وفي أول تصريح عقب اختياره للمنصب، أكد الفخفاخ أنه سيعمل على أن تتكون حكومته من "فريق مصغر منسجم وجدّي يجمع بين الكفاءة والإرادة السياسية القوية والوفاء للثوابت الوطنية وأهداف ثورتنا المجيدة" (ثورة يناير 2011).
وتعهّد، في فيديو بثته الرئاسة التونسية عبر فيسبوك، بالعمل "نحو إرساء شروط ومؤسسات الدولة العادلة والصادقة والقوية"، ووصف الدولة "العادلة والصادقة والقوية" بأنها الدولة التي "تنصف فئاتها وجهاتها الأضعف وتنهي عقود الفقر والتهميش".
كما تعهّد الفخفاخ بالامتناع "عن الدخول في أي مناكفات أو نزاعات سياسية ضيقة".