ما الذي دفع ترامب إلى العمل على العودة المستدامة للقمر؟ أسباب علمية أم بحث عن السيطرة؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/01/12 الساعة 11:37 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/01/12 الساعة 11:37 بتوقيت غرينتش
ترامب وناسا

قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عرض خطط ناسا للعودة إلى سطح القمر بصورة مستدامة، هذه المرة، طرح تساؤلات حول دوافع القرار، هل هي علمية؟ أم أن ذلك سعي للسيطرة ومد النفوذ إلى الفضاء؟

موقع إيه بي سي الإسباني نشر تقريراً، بعنوان: "ما الذي يوجد على سطح القمر ويدفعنا نحو سباق الفضاء الجديد؟"، أعده ديفيد بارادو نافاسكويس، أستاذ أبحاث الفيزياء الفلكية بمركز الأحياء الفلكية الإسباني، تناول الأسئلة وبحث عن إجابات لها.

عرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مؤخراً، خطط ناسا للعودة إلى القمر، ويزعم هذه المرة أن ذلك سيكون مستداماً. ولكن لماذا الآن؟ وما الدول التي تتوافر لديها القدرة على ذلك؟ وما الذي يترتب عليه ذلك؟ ووفقاً لأي بنود ينبغي أن تكون هذه العودة؟

كان سباق الفضاء الأول بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي فقط، لكننا نشهد حالياً انتشاراً جديداً للإعلانات والبعثات التي تشمل -بالإضافة إلى هذين المتنافسين العتيدين أمريكا وروسيا (بعد انهيار الاتحاد السوفييتي)- وكالة الفضاء الأوروبية، والصين، والهند، والمثير للدهشة هو انضمام إسرائيل أيضاً. ويقترب أيضاً من خط الانطلاق منافسون جدد يتمثّلون في شركات الطيران الفضائي التجارية.

أرتيمس، الطموح الأمريكي

أعلنت الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء (ناسا)، عن برنامجٍ طموح لتحقيق هبوط مأهول على سطح القمر، بالإضافة إلى محطة عبورٍ، ويستهدف البرنامج استكشاف المريخ في المستقبل البعيد.

في هذا البرنامج، الذي أُطلق عليه اسم أرتيمس، من المقرر أن تصل امرأة ورجل إلى سطح قمرنا في عام 2024، ويكمن الهدف في القطب الجنوبي للقمر؛ إذ يعتقد العلماء وجود كمية كبيرة من المياه الجليدية التي تُعدُّ ضروريةً للتنمية المستدامة للقواعد الثابتة والانتقال اللاحق إلى المريخ.

وتبدو أهداف برنامج "أرتيمس" عملية بالدرجة الأولى، وتتضمن:

  • اختبار وإثبات التقنيات المُستخدمة.
  • تأكيد القيادة الأمريكية. ويشمل هذا الهدف توسيع الأثر الاقتصادي.
  • زيادة عدد الشركاء التجاريين.
  • أن يكون البرنامج مصدرَ إلهامٍ للأجيال القادمة لتوجيههم نحو المجالات العلمية والتكنولوجية.

هناك ثلاث بعثات مخطط لها. ففي مهمة أرتيمس 1، من المتوقع أن تدور كبسولة أوريون غير المأهولة حول القمر 10 أيام ما بين 2020 و 2021. 

أما مهمة أرتيمس 2، التي تُعدُّ أول مهمة مأهولة في البرنامج، فستنطلق وعلى متنها أربعة رواد فضاء في عام 2022، للتحليق بجانب القمر في مسار عودة حرة على ارتفاع 8900 كيلومتر عن سطح القمر.

من المقرر إطلاق أرتيمس 3 في عام 2024 في مرحلة Block 1 من نظام الإطلاق الفضائي، حيث ستُستخدم محطة غيتواي ومركبة هبوط، لتحقيق أول هبوط مأهول على سطح القمر في البرنامج. من المخطط أن تهبط الرحلة بمنطقة القطب الجنوبي للقمر، حيث من المقرر أن يقضي رائدا فضاء مدةَ أسبوعٍ تقريباً على سطح القمر.

تقدِّر ناسا أن تكلفة البرنامج ستتراوح بين 20 و30 مليار دولار أمريكي. ومع ذلك، فإن التلسكوب الفضائي الجديد JWST هو فقط الذي تجاوز 10 مليارات دولار بعد 10 سنوات من التأخير. 

وفيما يتعلق باستكشاف الفضاء، هناك حاجة إلى قدرٍ كافٍ من الواقعية وتحديد جيّد للأهداف، بالإضافة إلى اكثير من الصبر.

الصين وإسرائيل والهند وأوروبا

تمتلك الصين برنامجاً فضائياً قوياً يتميز برؤية ثابتة طويلة الأجل ويكتنفه كثير من التعتيم، عكس الدعاية، السابقة لأوانها في بعض الأحيان، في حالة البرنامج الأمريكي.

هبطت مركبتان صينيّتان بالفعل على سطح القمر. كانت الأخيرة هي المركبة التي أُطلق عليها يوتو 2 في عام 2019، وذلك في مهمة تشانغ آه 4.

يشمل البرنامج إعادة العينات مع المهمتين تشانغ آه 5 و 6، مع استكشافات منتظمة للقطب الجنوبي وإعداد التقنيات اللازمة لبناء قاعدة في مهمّتَي تشانغ آه 7 و 8.

كانت هناك محاولة فاشلة لإسرائيل في مبادرة مموّلة من القطاع الخاص. فضلاً عن مبادرة الهند، التي أطلقت المركبة فيكرام في مهمة تشاندرايان-2 في العام نفسه.

أظهرت الإخفاقات الصعوبات التكنولوجية الهائلة، ولكنها أظهرت كذلك تصميم الكيانات الأخرى على الوصول إلى موارد القمر.

أعلنت الشركتان الأمريكيتان، Blue Origins و SpaceX، عن إرسال بعثات خاصة،  في حين اختارت Nasa شركات Astrobotic و Intuitive Machines وOrbitBeyond إرسال أدوات علمية إلى القمر في مهام مأهولة بالروبوتات.

ومن جانبها، طوّرت وكالة الفضاء الأوروبية برنامجَ استكشافٍ خاصٍ بها، مع التركيز على التعاون الدولي.

وتشمل الأهداف للأعوام العشرة التالية: تحليل العينات، وتحديد خصائص المياه في القطبين وغيرها من المكونات المتطايرة، وإرسال الأدوات الجيوفيزيائية والفلكية، وتحديد خصائص البيئة، وضمن ذلك تأثيرها على البيولوجيا البشرية، وتحديد الموارد المحتملة.

سعيٌ علميٌّ أم استغلالٌ أم بحثٌ عن النفوذ؟

إزاء إرسال هذه البعثات، يجدر بنا التساؤل عن ماهيّة الهدف الحقيقي لهذه الدول والمنظمات، ويمكن أن يسفر استكشاف القمر عن معلومات علمية مهمة، لأننا لا نعرف سوى معلومات سطحية حول كيفية نشأة قمرنا، التي ربما تعود لاصطدام كوكب افتراضي قديم يُطلق عليه ثيا بالأرض.

كانت هناك تسع بعثات جلبت عيناتٍ قمرية إلى الأرض: بعثات أبولو الست، التي عادت محمّلةً بأقل من 400 كيلوغرام، وثلاث بعثات سوفييتية، جلبت لنا نصف كيلوغرام، واستكشفت المركبات الفضائية الآلية 14 موقعاً آخر.

نظراً إلى إخفاء القمر كثيراً من المعلومات حول تكوين وتاريخ النظام الشمسي أكثر مما يخفيه كوكب الأرض نفسه، ستسمح لنا دراسته بالسفر إلى الماضي، ولكن من الضروري أن تتوسع المجالات التي يدرسها العلماء.

لذلك لا غنى عن برنامجٍ منهجيٍّ منتظمٍ طويل الأجل. ومن ناحية أخرى، يُعدُّ إرسال البشر قراراً سياسيّاً. غير أن الاستكشاف باستخدام الروبوتات ربما يكون أكفأ وأسرع وأقل خطورة بكثير.

يحتوي القمر على موارد متنوعة عظيمة الأهمية، مثل هيليوم -3، وهو نظير غير مُشعٍّ للهيليوم يمكن استخدامه مصدراً لتوليد الطاقة بالاندماج. على أي حال، لم تثبت جدوى الاستغلال التجاري حتى الآن، وتتطلب مسألة قبولها أخلاقياً مناقشة أوسع بكثير.

وفي جميع الأحوال، فإن المطالبات الإقليمية بامتلاك مختلف الأجسام السماوية محظورة بموجب معاهدة دولية. ومن ثم هناك عديد من العقبات القانونية المتعلقة بالاستغلال التجاري، رغم أن مجلس الشيوخ الأمريكي قد وافق على ذلك في عام 2016.

يمثِّل استكشاف القمر والأجرام الأخرى في النظام الشمسي تحديات علمية وتكنولوجية وإنسانية كبيرة، إضافة إلى أنه من أعظم الملاحم البشرية. وقد يصبح ذلك سبباً للصراع أو وسيلة لتعزيز التعاون الدولي.

وتقع مسؤولية هذه المغامرة العظيمة على عاتق الجميع، ومن ضمنهم الساسة والعلماء والتقنيون والمواطنون، فهذه المغامرة تبرز أفضل ما لدينا وتهدف إلى مصلحة جميع البشر.

تحميل المزيد