بدأت بوادر "الانتقام الشديد" الذي توعَّدت به إيران لمقتل قاسم سليماني في الظهور صباح اليوم الأربعاء 8 يناير/كانون الثاني بشنِّ موجتين على الأقل من الهجمات الصاروخية قصيرة المدى على قاعدتين عسكريتين في العراق تضمان جنوداً من الولايات المتحدة وقوات التحالف.
وستتيح الهجمات فرصةً لمُفضِّلي الحلول العنيفة داخل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتصعيد الصراع مع إيران، لكنَّها ربما تُقدِّم كذلك مخرجاً من الأزمة، كما تقول صحيفة The Guardian البريطانية.
"هجمات مليئة بالرمزية"
وقد كانت الهجمات الإيرانية مليئةً بالرمزية. إذ أطلِقَت الصواريخ في حوالي الساعة الواحدة والنصف صباحاً في العراق، أي في الوقت نفسه تقريباً الذي نُفِّذَت فيه غارة الطائرة بدون طيار التي قتلت سليماني صباح يوم الجمعة الماضي 3 يناير/كانون الثاني.
فيما نشر كبار المستشارين الإيرانيين والمؤسسات الإعلامية الإيرانية شبه الرسمية تغريداتٍ خلال الهجوم تحمل صور علم البلاد، للرد على صورة العلم الأمريكي التي نشرها ترامب في تغريدةٍ تزامنت مع ظهور التقارير الأولى عن وفاة سليماني. بينما أطلق الحرس الثوري على الهجوم اسم عملية "الشهيد السليماني". ونُشِرت على وسائل الإعلام الإيرانية مقاطع فيديو للصواريخ المنطلقة.
ولكن في أعقاب وقوع الهجمات مباشرةً، يبدو أنَّها كانت مدروسة بعناية لتجنُّب وقوع خسائر في صفوف القوات الأمريكية، إذ نُفِّذَت على قاعدتين كانتا في حالة تأهب قصوى بالفعل.
"الهجمات انتهت"
فيما قال وزير الخارجية الإيراني إنَّ "الهجمات قد انتهت، ووصفها بأنَّها دفاعٌ عن النفس ضمن حدود القانون الدولي، وليست طلقاتٍ أولى في حرب". وكذلك سعى ترامب، في تعليقاته الأولى بعد الهجمات، إلى التقليل من شأنها.
إذ كتب في تغريدةً على تويتر: "كل شيء على ما يرام! أطلِقت صواريخ من إيران على قاعدتين عسكريتين في العراق. يجري الآن تقييم الخسائر والأضرار التي حدثت. وحتى الآن، الوضع جيدٌ جداً! لدينا الجيش الأقوى والأفضل تجهيزاً في أي مكان في العالم، بفارقٍ كبير عن أقرب نظرائه! سأدلي ببيانٍ صباح يوم غد".
حفظ ماء الوجه
وإذا ظلَّ تقييم ترامب للأضرار كما هو، فقد تكون هذه الضربات فرصةً لكلا الطرفين لعدم التصعيد مع حفظ ماء الوجه. فإيران ستستطيع القول إنَّها انتقمت انتقاماً عنيفاً لموت سليماني، والتحوُّل إلى إطلاق حملة حرب بالوكالة -ستكون أفضل بالنسبة لها ضد عدوٍ أقوى منها بكثير- وممارسة ضغوط دبلوماسية لإخراج القوات الأمريكية من العراق.
فيما يمكن للولايات المتحدة كذلك أن تمتنع عن التصعيد، وتتجاهل هذا الرد الانتقامي باعتبار أنَّه لم يُسفر عن أضرار كبيرة. وهذا هو أفضل السيناريوهات، لكنه يعتمد على عاملين محفوفين بالمخاطر: أولهما أن تتعرَّض قواعد تضم جنوداً أمريكيين لأكثر من 12 صاروخاً دون وقوع أضرار أو خسائر جسيمة، والآخر أن يقاوم البيت الأبيض أي رغبة قوية في الرد على الهجوم.
في السياق، أعلن التلفزيون الإيراني الرسمي، صباح الأربعاء أن القصف خلف مقتل العشرات وخلف خسائر وصفها بـ "الجسيمة" في العتاد العسكري الأمريكي.
وفق ما ذكرته وكالة رويترز، نقلاً عن التلفزيون الإيراني، فإن "80 إرهابياً أمريكياً قُتلوا في الهجوم الصاروخي الإيراني بالعراق"، كما أن القصف الإيراني ألحق "أضراراً جسيمة" بطائرات هليكوبتر وعتاد أمريكي.
كما أشار التلفزيون الإيراني إلى أن طهران عينها على 100 هدف آخر إذا اتخذت أمريكا أي إجراءات للرد على القصف الذي نفذه الحرس الثوري على قاعدة عسكرية في العراق.