كواليس الولادة المتعسرة للحكومة التونسية.. الجملي اختار الدفاع عن تشكيلته رغم تحفظات الرئيس والأحزاب

جاء قرار الرئيس التونسي قيس سعيد بإحالة تركيبة الحكومة إلى البرلمان، بعد ساعات من إعلان مكتب الرئاسة إجراء مزيد من المشاورات حول التشكيل النهائي، ليرسم كثيراً من الغموض

عربي بوست
تم النشر: 2020/01/02 الساعة 17:34 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/01/02 الساعة 17:34 بتوقيت غرينتش
الحبيب الجملي رئيس الوزراء التونسي المكلف

جاء قرار الرئيس التونسي قيس سعيد بإحالة تركيبة الحكومة التي قدمها رئيس الحكومة المكلف، الحبيب الجملي، إلى البرلمان، بعد ساعات من إعلان مكتب الرئاسة إجراء مزيد من المشاورات حول التشكيل النهائي للحكومة، ليرسم كثيراً من الغموض حول ما حدث في الساعات الأخيرة.

وبعد قرار الرئيس التونسي بوقت قليل، أعلن رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي عن تشكيلته الحكومية بعد كثير من التأجيل والغموض.

وقدم الجملي تركيبة حكومته التي تم تسريبها مساء الأربعاء 1 يناير/كانون الثاني 2020، في مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكداً أنه بذل كل جهوده لتشكيل حكومة كفاءات.

الجملي يشكل حكومة رغم التحفظات

أوضح الجملي أنه لا يُلقي بالاً تجاه تحفظات الأحزاب حول عدد من الأسماء، لأن "حكومته هي حكومة كفاءات مستقلة عن كل الأحزاب"، على حد تعبيره في المؤتمر الصحفي الذي عقده يوم الخميس، 2 يناير/كانون الثاني. 

وشدّد الجملي على أنه سيتم تمرير هذه التشكيلة الحكومية للبرلمان لنيل الثقة، مضيفاً أنه سيكون شاكراً لنواب البرلمان، سواء منحوا الثقة لحكومته أو رفضوها، مؤكداً أنه مرتاح الضمير للجهود التي بذلها في تشكيل الحكومة.

وكان رئيس الجمهورية قيس سعيد قد سبق مؤتمر الجملي وأرسل رسالة تكليف لمجلس نواب الشعب لتحديد موعد لجلسة منح الثقة للحكومة.

لا مجال للتأجيل

وحول هذا الإعلان، أوضح المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي لـ "عربي بوست"، أن إعلان رئيس الحكومة المكلف عن تركيبة حكومته يؤكد أنه اختار الدفاع عن تشكيلة حكومته، واستعداده لتقديمها إلى البرلمان لتنال الثقة رغم التحفظات والضغوطات.

وأضاف الجورشي أن الحكومة أصبحت الآن فعليا أمام البرلمان، في انتظار تحديد موعد جلسة منح الثقة لها، متوقعاً أن تنال حكومة الجملي الثقة ولو بأغلبية بسيطة في البرلمان.

وعن سر التغيير في موقف رئيس الجمهورية قيس سعيد، الذي دعا يوم أمس لمواصلة المشاورات ثم عاد وكلف البرلمان اليوم بتحديد موعد جلسة منح الثقة لنفس التشكيلة الحكومية، أوضح الجورشي أن كل الأطراف، ومن بينها رئاسة الجمهورية، اقتنعت أنه لا مجال لتأجيل إعلان الحكومة والبقاء في مربع التجاذبات، في الوقت الذي تمر فيه البلاد بوضعية اقتصادية صعبة.

خطورة التأجيل

كان مسار تشكيل الحكومة في تونس دخل منعرجاً جديداً، أصبح ينبئ بالخطورة بعد تأجيل الإعلان عن التشكيلة الحكومية لأكثر من مرة، آخرها يوم أمس، من قِبل رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي.

ورغم أن كل التونسيين كانوا ينتظرون من الجملي إعلان تشكيل الحكومة يوم أمس، رغم تأجيل موعد الندوة الصحفية المخصصة للغرض 3 مرات، إلا أن خروج رئيس الحكومة المكلف وتأجيل الإعلان عن تركيبة الحكومة إلى الخميس في مسلسل تأجيل، أبى أن ينتهي.

وكان رئيس الجمهورية قيس سعيد أعاد ملف تشكيل الحكومة إلى مربع الأزمة، عندما أكد بيان صادر عن رئاسة الجمهورية بعد الندوة الصحفية لرئيس الحكومة المكلف، أن مسلسل مشاورات تشكيل الحكومة سيتواصل، رغم أن الحبيب الجملي أوضح في أكثر من مرة أن حكومته جاهزة. 

بيان رأى فيه مراقبون أنه يحمل في طياته موقفاً سلبياً من رئيس الجمهورية، حول التشكيلة الحكومية التي اقترحها الجملي.

الجملي دافع عن تشكيلته الحكومية رغم كل الضغوطات
الجملي دافع عن تشكيلته الحكومية رغم كل الضغوطات

تحفظات رئيس الجمهورية

أشارت مصادر مطلعة لـ "عربي بوست"، أن من بين الأسباب التي أدت إلى تأجيل الإعلان عن تشكيل الحكومة تحفظ رئيس الجمهورية قيس سعيد على الشخصية التي اقترحها الجملي لمنصب وزير التعاون الدولي، وهو فاضل عبدالكافي، المقرب والمحسوب على حزب قلب تونس.

ويرى سعيد -وفق ذات المصادر- أن مجال تدخله في تشكيل الحكومة يتجاوز حقيبتي الخارجية والدفاع، ليشمل حقيبة التعاون الدولي، التي فيها تداخل صريح وكبير لحقيبة الخارجية.

من جهة أخرى، أفادت مصادر مقربة من رئاسة الجمهورية لـ "عربي بوست"، أن الاسم المرشح لتولي وزارة الخارجية وهو عثمان الجارندي يرقد في المستشفى العسكري، وسط معلومات متضاربة حول حالته الصحية، وحول قدرته على تولي هذا المنصب، مما استدعى التريث للاطمئنان على صحته أو البحث عن بديل له.

لا خلاف بين النهضة وسعيد

وعلى غرار بيان رئاسة الجمهورية، أصدرت حركة النهضة بياناً أكدت فيه عدم رضاها عن الفريق الحكومي المقترح من طرف الجملي، موضحة أن تمرير الحكومة ومنحها الثقة في البرلمان يتطلب مراجعة عدد من الأسماء المقترحة في عدد من الوزارات.

من جهته نفى القيادي في حركة النهضة عبدالحميد الجلاصي، أن يكون هناك أي خلاف بين رئيس الجمهورية قيس سعيد مع رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي، أو مع حركة النهضة حول بعض الأسماء المقترحة في عدد من الحقائب الوزارية.

وأوضح أن رئيس الجمهورية يعلم جيداً أن الدستور يكفل له الحق فقط في التدخل في حقيبتي الخارجية والدفاع، وأن دوره خارج هذا الإطار يشمل النصح والاستشارة فقط في عدد من الحقائب الوزارية الأخرى.

وأضاف الجلاصي أن التأجيل المتتالي للإعلان عن تشكيل الحكومة يعود إلى تحفظات عدد من الأحزاب والكتل البرلمانية، ومن بينها حركة النهضة حول عدد من الأسماء التي اقترحها الجملي، وحجم تمثيلها في هذه الحكومة.

وأشار القيادي في حركة النهضة أن كتلة الإصلاح من بين الأطراف التي أبدت تحفظها حول حجم تمثيلها في التشكيلة الحكومية الحالية، مشيراً إلى وجود مشاورات في اللحظات الأخيرة مع الأحزاب والكتل البرلمانية المعنية، لوضع اللمسات النهائية بشأن التشكيلة الحكومية.

ورجح أن يتم تمرير الحكومة الجديدة في البرلمان  بداية الأسبوع المقبل.

النهضة تدفع نحو حكومة الرئيس

من جهته أشار المحلل السياسي بسام حمدي لـ "عربي بوست"، أن الأسباب وراء تأجيل الإعلان عن الحكومة في اليومين الماضيين كانت سياسية بحتة.

وأوضح أن حركة النهضة من خلال تعطيل المشاورات كانت تدفع إلى الخيار الأخير، الذي يمنح لرئيس الجمهورية الحق في تكليف شخصية مستقلة لتشكيل الحكومة، حتى تتملص من كل الحكم ومن فرضية فشل هذه الحكومة.

وأضاف أن طيفاً واسعاً في مجلس شورى الحركة مازال يعارض التحالف مع حزب قلب تونس.

وأشار أن بيان حركة النهضة بعد المؤتمر الصحفي لرئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي، يوم الأربعاء، يؤكد أن الحركة ترغب في استغلال تحمّس رئيس الجمهورية للحكم، والتدخل في تشكيل الحكومة لمنحه فرصة اختيار رئيس حكومة جديد، حتى تتملص من كل مسؤولية سياسية لفشل الحكومة، وحتى لا تكون في الواجهة هي الطرف الذي يقود الحكم، في ظل الوضعية الصعبة التي تعيشها البلاد.

قلب تونس يسكب البنزين على نار الأزمة

وألقى حزب قلب تونس كثيراً من الغموض والشك حول أزمة تشكيل الحكومة، حيث نفى في بيان أصدره يوم الخميس رفضه رفضاً قاطعاً التعامل مع القائمة الوزارية المقترحة.

وأضاف أنه لم يجر أي مفاوضات مع الحبيب الجملي حول تشكيل الحكومة، ولا حول حول الأسماء والمهام المطروحة على قلب تونس في الحكومة. 

وشدد البيان على أن منح حزب قلب تونس الثقة للحكومة المقترحة يبقى رهين التشاور المسؤول والرسمي مع قيادة الحزب، وإطلاع الحزب بصفة رسمية على برنامج الحكومة والقائمة الوزارية المفترضة والتشاور بشأنها.

وفيما يلي التركيبة كاملة للحكومة التي سيتم عرضها على البرلمان: 

الهادي القديري وزيراً للعدل

عماد الدرويش وزير الدفاع الوطني

سفيان السليطي وزير الداخلية 

خالد السهيلي وزير الشؤون الخارجية

رشيد الطباخ وزير الشؤون الدينية

عبد الرحمن الخشتالي وزير المالية

فاضل عبدالكافي وزير التخطيط والتنمية والتعاون الدولي

منجي مرزوق وزير الصناعة والطاقة والمناجم

بشير الزعفوري وزيراً للتجارة 

نور الدين السالمي وزيراً للشؤون المحلية والبيئة

كمال الحجام وزير التربية 

سليم شورى وزير التعليم العالي والبحث العلمي

حسن الشورابي وزير الفلاحة والموارد المالية والصيد البحري

روضة الجبالي العربي وزيرة التجهيز والإسكان

مصطفى الفرجاني وزير الصحة

السيد بلال وزيراً للشؤون الاجتماعية

حسين بن سعيد دبش وزير التكوين المهني والتشغيل

روني الطرابلسي وزير السياحة والصناعات التقليدية

سامي السماوي وزير تكنولوجيا الاتصال والاقتصاد الرقمي

جمال قمرة وزيراً للنقل

عبداللطيف الميساوي وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية

فتحي الهداوي وزير الشؤون الثقافية

طارق ذياب وزير شؤون الشباب والرياضة

نبهة بالسرور وزيرة المرأة والأسرة والطفولة

شيراز تليلي وزيرة الوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد

علي الشابي وزيراً لدى رئيس الحكومة مكلفاً بالشؤون الاقتصادية

محمد الهادي بشير وزيراً لدى رئيس الحكومة مكلفاً بمتابعة وبتقييم الأداء الحكومي

لبنى الجريبي وزيرة لدى رئيس الحكومة مكلفة بالعلاقة مع البرلمان

كتاب الدولة:

سناء السخيري كاتبة دولة لدى وزير الشؤون الخارجية مكلفة بالدبلوماسية الاقتصادية

عبدالسلام العباسي كاتب دولة لدى وزير المالية

نور الدين الكعبي كاتب دولة لدى وزير التخطيط والتنمية والتعاون الدولي مكلفاً بالتنمية والتعاون الدولي

فاتن الورغي كاتبة الدولة لدى وزير التجارة مكلفة بالتجارة الداخلية

محمد عمار كاتب دولة لدى وزير الصناعة والطاقة والمناجم مكلفاً بالطاقة المتجددة

رياض دبو كاتب دولة لدى وزير الشؤون المحلية والبيئة 

محمد علي بن عبدالله كاتب دولة لدى وزير الفلاحة والموارد المائية.

تحميل المزيد