مع اقتراب موعد الحدث الأهم في تاريخ دبي والإمارات العربية المتحدة وهو معرض إكسبو 2020 الدولي، تجري الاستعدادات على قدم وساق لجذب المستثمرين والزوار، لكن أهل الدار أنفسهم -أي المستثمرين الإماراتيين- يوظفون أموالهم في بلدان أخرى، فما هي القصة؟
صحيفة هآرتس الإسرائيلية نشرت تقريراً بعنوان: "الإمارات العربية تتوقع جني الملايين في معرض إكسبو 2020 لكن الاستثمار الإماراتي هو ما يقلقها"، ألقت فيه الضوء على قصة إكسبو 2020 وأبرز تحدي يواجهه حكام الإمارات.
السعي وراء جواز سفر ثانٍ
على الرغم من الفرص العديدة التي تقدمها الإمارات للزوار والمستثمرين الأجانب، يبدو أن هناك المزيد والمزيد من رجال الأعمال الإماراتيين الذين يستثمرون خارج البلاد، وأحد المؤشرات هو زيادة عدد الطلبات المقدمة من مواطني دول الخليج للإقامة في دول أخرى مقابل استثمار هناك.
تبين الأرقام التي أوردتها وسائل إعلام محلية أن أعداد الطلبات المقدمة للحصول على تأشيرة الإقامة مقابل استثمار في عام 2018 كانت أعلى بستة أضعاف مما كانت عليه في عام 2010. في الولايات المتحدة فقط حيث الحد الأدنى للاستثمار المطلوب من أجل تأشيرة إقامة هو 900 ألف دولار، زاد عدد الطلبات من 1369 في عام 2010 إلى 9602 في العام الماضي. هناك دول أخرى لها شروط جذابة أكثر مثل بعض جزر الكاريبي التي تتطلب فقط استثماراً قيمته 100 ألف دولار من أجل الإقامة، وتركيا أيضاً، توفر الإقامة مقابل شراء عقار بقيمة 250 ألف دولار.
ما أسباب تلك الظاهرة؟
يبدو أن السبب وراء الأعداد المتزايدة من مواطني الخليج الذين يريدون جوازات سفر أجنبية مقابل الاستثمار يكمن في الشعور بانعدام الأمان في السنوات الأخيرة الماضية، سواء في ضوء تهديد حدوث حرب مع إيران، أو هجمات من المتمردين الحوثين في اليمن، أو الخوف من عدم الاستقرار الاقتصادي الناتج على الاعتماد الكامل على النفط.
لم يغفل قادة الإمارات هذه المخاوف، فبينما قدمت بعض دول الخليج رؤيتها حتى 2030 "فقط"، أعلن حكام الإمارات في الأسبوع الماضي، الشيخ محمد بن راشد آل نهيان، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد إمارة أبوظبي، عن رؤيتهم للخمسين عاماً المقبلة.
هل رؤية حكام الإمارات قابلة للتحقق؟
تفتقر الرؤية لوجود خطط مفصلة وميزانيات، وتتكون من قوائم أهداف تهتم بتحسين جودة الصحة والتعليم، وعلى الأخص تنويع مصادر الدخل. هذا التصريح عن النوايا مصمم للحفاظ على ثقة المواطنين في قدرة العائلات المالكة على ضمان الرفاهية الاقتصادية في السنوات المقبلة، وكأن المستقبل يعتمد فقط على موهبة القادة وإخلاص المواطنين.
كيف تجري الاستعدادات لإكسبو؟
تستعد الإمارات العربية لتحقيق بعض الإنجازات المبهرة. رجاء عيسى القرق هي المدير العام ونائبة رئيس مجلس إدارة تكتل شركات مجموعة عيسى صالح القرق، واحتلت المركز الـ 84 في تصنيف مجلة Forbes الأمريكية لأقوى 100 امرأة في العالم في عام 2019. إنها تترأس 27 شركة تُكوَّن سوياً تكتل شركات ضخم أسسه والدها، وتشغل أيضاً منصب رئيسة مجلس سيدات أعمال دبي، وتشغل مقعداً في مجلس إدارة الغرفة التجارية والصناعية وجمعية دبي للمرأة. وكانت أيضاً المرأة الأولى في مجلس إدارة بنك HSBC في الشرق الأوسط.
في عام 2020، ستزداد مشاغل القرق كثيراً، ستكون مجموعة شركاتها ضمن الشركات العارضة في معرض إكسبو 2020 العالمي في دبي، الذي من المتوقع أن يكون الأكبر في تاريخ معارض العالم الذي يمتد 168 عاماً.
ستقابل رجاء القرق قريبة موهوبة في المعرض، وهي مصممة الأزياء الشهيرة لطيفة القرق، التي اختيرت لتصميم أزياء القوة العاملة للمعرض بالكامل التي يبلغ عددها 30 ألفاً، والذي ترأسه امرأة أخرى، هي ريم الهاشمي، وزيرة الدولة لشؤون التعاون الدولي في الإمارات، والمديرة العامة لإكسبو. ربما يكون الافتتاح الرسمي بعد حوالي 10 أشهر من الآن، في يوم 20 أكتوبر/تشرين الأول 2020، لكن أعمال البناء والبنية التحتية على وشك الانتهاء.
فالعمال مشغولون الآن بوضع اللمسات الأخيرة والديكورات على المباني المنخفضة الارتفاع البالغ عددها 86 والتي ستكون أرض المعرض، ويقسمون المباني وفقاً لثلاثة أفكار فرعية: الفرص، والتحرك، والاستدامة، والتقسيمة التي وضعتها شركة Hopkins Architects المعمارية البريطانية. الشعار العام للمعرض هو تواصل العقول، وصنع المستقبل.
ستتقابل الشوارع الثلاثة الرئيسية في ميدان الوصل بلازا في وسط أرض المعرض. من المقرر أن يُبنى هذا الميدان على شكل قبة بارتفاع 65 متراً وقطر 150 متراً، من مادة شفافة ليسمح للشركات العارضة بعرض مقاطع فيديو على جدرانه من الداخل. يتسع الميدان لحوالي 10 آلاف زائر، ومن تصميم شركة Adrian Smith + Gordon Gill المعمارية، التي صممت برج خليفة في دبي.
من المتوقع أن يجذب المعرض 25 مليون زائر قبل إغلاقه في أبريل/نيسان 2021، وليس من الواضح إذا كان الزائرون سيغطون كل التكاليف الضخمة التي أُنفقت في الإنشاءات، لكن المنظمين يأملون أن تحقق الصفقات التي ستُوقع أثناء المعرض أرباحاً للتجارة المحلية.
من أبرز الرابحين الآن؟
أما من ينتفع الآن فهي شركات البناء في دبي، التي ليست مشغولة بمشروع إكسبو نفسه فقط، بل ببناء فنادق وأبراج سكنية شاهقة يأملون أن يملؤها الأجانب الذين يريدون أن تكون دبي مقراً دائمة لأعمالهم. قد يوفر هذا دفعة مهمة لقطاع العقارات في الإمارات العربية، الذي كان متعثراً في العامين الماضيين ويعاني من هبوط حاد في المبيعات وهبوط في عدد الأجانب الذين يريدون العيش في مباني المدينة الفخمة.
تسهم العقارات في دبي بمقدار 6.4% في إجمالي الناتج المحلي للإمارات، وفقاً لتقرير أصدرته الغرفة التجارية في دبي. في هذه اللحظة، هناك حوالي 4700 مشروع عقاري قيد التنفيذ، ما يشكل 42% من أعمال البناء في الإمارات بالكامل. تتضمن هذه المشروعات توسعة المطار الدولي وبناء خط سكك حديدية خفيف يربط بين إكسبو ووسط المدينة. ويقدم التقرير أيضاً عدداً من المشروعات المستقبلية مجموعها يُقدر بحوالي 48 مليار دولار.