ماذا بعد فوز عبدالمجيد تبون «مرشح الجيش المفضل» برئاسة الجزائر؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/12/15 الساعة 06:00 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/12/16 الساعة 12:00 بتوقيت غرينتش
حراك الجزائر رغم فوز تبون / رويترز

جاء إعلان فوز عبدالمجيد تبون برئاسة الجزائر في انتخابات قاطعها الحراك المستمر منذ عشرة أشهر ليطرح أسئلة متعددة حول مستقبل البلاد، خصوصاً أن الشارع الثائر يعتبر الفائز المرشح المفضل للجيش ويشكك في الأعداد الرسمية لنسبة المشاركة في التصويت.

صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية نشرت تقريراً بعنوان: "مرشح الجيش المفضل فاز في انتخابات الجزائر"، سعت فيه لاستطلاع آراء بعض قادة الحراك في الداخل والخارج.

كيف استقبل الشارع نتيجة الانتخابات؟

استقبلت الجزائر العاصمة ومدن أخرى إعلان انتخاب رئيس الوزراء الجزائري السابق عبدالمجيد تبون (74 عاماً)، يوم الجمعة 13 ديسمبر/كانون الأول، رئيساً جديداً للبلاد في الانتخابات المثيرة للجدل التي عُقدت في اليوم الذي سبقه بتظاهرات حاشدة.

وسيخلف تبون عبد العزيز بوتفليقة، الذي حكم الجزائر لمدة 20 عاماً قبل أن تطيحه الاحتجاجات الشعبية من السلطة في أبريل/نيسان الماضي.

فيما قال المحتجون، الذين قاطع الجزء الأكبر منهم الانتخابات، إن هذا لا يعني شيئاً. وقالوا إن الحكام الفعليين للبلاد لا يزالون عسكريين، ولا سيما قائد أركان الجيش، الفريق أحمد قايد صالح. ويُنظر إلى تبون على أنه المرشح المفضل للمؤسسة العسكرية، وسار المتظاهرون في شوارع الجزائر يوم الجمعة وهم يرددون "لم نصوت".

ماذا عن نسبة المشاركة الفعلية؟

وكانت النسبة الرسمية للمشاركة في انتخابات يوم الخميس ضئيلة جداً وصلت إلى نحو 40%. ومن المرجح أن نسبة الإقبال الفعلية كانت أقل بكثير لأن أعداد المشاركين في التصويت كانت منخفضة للغاية في المدن الرئيسية في البلاد، التي من بينها الجزائر العاصمة.

إذ يقول مصعب حمودي، وهو محلل جزائري مقيم في باريس، ويعمل في كلية الدراسات المتقدمة في العلوم الاجتماعية، مستشهداً بقول أحد معارفه ممن يشغلون منصباً مهماً في البلاد، إن نسبة المشاركة كانت في الواقع جزءاً ضئيلاً من الأعداد الرسمية.

وفي الجزائر العاصمة، يتفق الأمين العام للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان عبدالمؤمن خليل مع ذلك.

إذ قال: "من الواضح أن نسبة المشاركة المعلنة رسمياً زائفة كلياً. ما رأيناه هو أن أحداً لم يخرج للتصويت. وقد اعتدنا هذه الانتخابات الزائفة بالكامل. ولهذا السبب لم نطرح مرشحاً".

وقد احتشد المتظاهرون في الجزائر العاصمة اعتراضاً على الانتخابات حتى أثناء إجرائها، مما حال دون تدخل الشرطة العنيف لمنعهم من ذلك.

ما علاقة تبون "بالنظام" الذي ثار ضده الشارع؟

ويُشار إلى أن تبون كان تابعاً مخلصاً لبوتفليقة لسنوات: إذ عمل مسؤولاً محلياً، ووزيراً قوياً، ثم تولى لفترة وجيزة منصب رئيس الوزراء عام 2017، قبل أن يطرده شقيق بوتفليقة، الذي أصبح في ذلك الوقت حاكم البلاد الفعلي بسبب مرض شقيقه الأكبر سناً.

الرئيس الجزائري الجديد عبدالمجيد تبون/ Getty

لكن المحللين قالوا إن أحد الأسباب وراء اعتبار تبون المرشح المفضل للمؤسسة العسكرية، والفريق قايد صالح، هو أنه بدا على خلاف مع عشيرة بوتفليقة، التي كان الفريق في صراع مرير معها بعد انتهاء مدة خدمته. 

ورفض المتظاهرون من حينها تبون، وكذلك المرشحين الأربعة الآخرين في السباق الانتخابي، لأنهم جزء من "النظام"، وهي الكلمة التي يستخدمونها لوصف النخبة الحاكمة التي حكمت البلاد منذ استقلالها عن فرنسا عام 1962. وقد أصر الجنرالات الذين يقول المؤرخون والمحللون إنهم سماسرة السلطة الفعليين في البلاد على إجراء الانتخابات يوم الخميس في محاولة لإنهاء حراك الاحتجاجات في البلاد.

يقول حمودي: "القيادة العسكرية هي من أمرت بإجراء هذه الانتخابات. لقد لجأوا إلى إجراء هذه الانتخابات لمنح أنفسهم واجهة مدنية. لكن ما اعتقد قايد صالح أنه قد يكون حلاً، لن يزيد المشكلة إلا سوءاً عليهم".

لماذا أصرت المؤسسة العسكرية على إجراء الانتخابات؟

يقول خليل، الناشط الحقوقي، إن الانتخابات "تتعارض مع إرادة الشعب" وكان القصد منها إعطاء النظام الحالي "واجهة مدنية".

وقال متحدثاً من وسط مظاهرة كبيرة في الجزائر العاصمة يوم الجمعة: "لا تحقق هذه الانتخابات شيئاً ملموساً مما يريده الحراك الشعبي. ربما تحل مشكلة داخلية في"النظام"، لكنها لا تلبي مطالب الشعب الجزائري".

ماذا عن مستقبل الحراك؟

وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، قال المحتجون إن حركة الاحتجاج ستستمر، مثلما حدث يوم الجمعة. وقال خليل إن الرئيس الجديد إما سيعمل على تلبية مطالب المتظاهرين، بادئاً بالإفراج عن العشرات ممن سجنوا في الأشهر الأخيرة -وهو ما يستبعده- أو أن الحكومة ستضاعف من قمع الحراك "وهو ما سيكون خطأً فادحاً".

وقال عبدالكريم بودراع، أحد المشاركين في مسيرة يوم الجمعة والعضو في إحدى مجموعات عمل المعارضة، إن "الأزمة السياسية ستزداد سوءاً".

وقال متحدثاً عن السلطات: "لقد وصلوا إلى النهاية المنطقية، وسوف يدركون قريباً أنهم لم يحلوا أي شيء. بالأمس رأينا الشرطة تتحرك بكامل قوتها. وآمل أن تتوقف عند هذا الحد".

يقول حمودي: "تستحوذ على الناس رغبة واحدة فقط: التخلص من النظام. وهذا الخداع لن يهدئ الحراك".

تنويه

ورد بالخطأ في نسخة سابقة ذكر اسم الرئيس الجزائري الجديد عبد المجيد تبون، إذ كتب سهوا عبد الحميد، لذا وجب التنويه، والاعتذار عن الخطأ.

تحميل المزيد