تمتلك إيران من الناحية النظرية عدداً كبيراً من الطائرات يضعها ضمن الأكبر عالمياً، لكن يظل سلاح الجو هو أبرز نقاط الضعف في المنظومة العسكرية لطهران، فكيف ذلك، ولماذا؟
مجلة ذا ناشيونال إنتريست الأمريكية نشرت تقريراً بعنوان "إيران لديها قوة جوية كبيرة، لكنها ضعيفة لهذا السبب"، تناولت فيه أعداد وأنواع الطائرات التي تمتلكها طهران وأسباب كونها نقطة ضعف وليس العكس.
كم طائرة تمتلك إيران؟
يعد سلاح الجو الإيراني على الورق أحد أكبر الأسلحة الجوية في العالم، إذ يضم تشكيل قواته حوالي 350 طائرة مقاتلة، أي أكثر من ضعف عدد الطائرات المُقاتلة الموجود لدى سلاح الجو الملكي البريطاني.
لكنَّ معظم طائرات إيران المُقاتلة قديمة وعفا عليها الزمن. أمَّا الطائرات غير القديمة، فهي مجرد نسخ جديدة من تصميمات قديمة، فأسراب القوات الجوية الإيرانية تضم مُقاتلات أمريكية من طراز F-14 وF-5 وF-4 يرجع تاريخها إلى سبعينيات القرن الماضي، وبعض الطائرات القديمة من طراز MiG-29 وقاذفات سوخوي المُقاتلة التي تعود إلى ثمانينيات القرن الماضي، وبضع طائرات من طراز J-7 اشترتها الجمهورية الإسلامية من الصين في تسعينيات القرن الماضي.
أما القطع الأخيرة التي انضمت إلى سلاح الجو الإيراني فهي نسخ محلية الصنع من طائرات F-5 صُنِعَت بأسلوب الهندسة العكسية. لكنَّ البلاد حاولت مراراً شراء طائرات مُقاتلة جديدة، وفقاً لتقارير إخبارية وشائعات انتشرت مؤخراً، ونستعرض هنا قائمة بالطائرات المُقاتلة التي كانت إيران تريد الحصول عليها، لكنها لم تستطع.
طائرات MiG-31
في عام 1990، أرسلت طهران طلباً إلى موسكو لشراء عدة أسلحة، من بينها 24 طائرة اعتراضية من طراز MiG-31، وهي طائرة مزودة بمحركين تعد نسخة مُحدَّثة طورها الاتحاد السوفيتي لتحل محل طائرات MiG-25 التي تبلغ سرعتها 3 ماخ. وكانت بإمكان طائرات الـMiG-31 تحسين قدرة إيران على إجراء دورياتٍ في مجالها الجوي وتهديد جيرانها.
لكنَّ الاتحاد السوفيتي انهار قبل أن يتمكن من تنفيذ طلب النظام الإيراني، وفي عام 1992، حاولت طهران مرةً أخرى، وطلبت من روسيا -التي كانت في أمسِّ الحاجة إلى النقود آنذاك- مجموعة جديدة من طائرات MiG-29 وكذلك قاذفات قنابل من طراز Tu-22، وقاذفات مُقاتلة من طراز MiG-27 و24 طائرة من طراز MiG-31. ولكن في هذه المرة، ضغطت الولايات المتحدة على روسيا لإيقاف عملية البيع ونجحت في ذلك.
ويقال إنَّ الولايات المتحدة عرضت شراء طائرات MiG-31 من روسيا بسعرٍ أعلى ممَّا تستطيع إيران تحمُّله، وبعد ذلك بتسع سنوات في عام 2001، حاولت طهران مرةً أخرى الحصول على طائرات MiG-31، حتى إنَّها دفعت ثمنها مقدماً. لكنَّ الولايات المتحدة ضغطت على روسيا مرةً أخرى لإلغاء الصفقة.
طائرات Su-27 وSu-30
ظهرت تقارير كثيرة عن محاولات إيرانية مزعومة لشراء مُقاتلات Su-27 أو مقاتلات Su-30، وهو طراز أحدث من الطائرة نفسها، من روسيا، وفي عام 2007، انتشرت شائعات عن وجود صفقة ضخمة لشراء 250 طائرة من طراز Su-30 فاضطر رئيس شركة روسوبورون إكسبورت الروسية الحكومية لتصدير الأسلحة إلى إنكار وجود أي عملية بيع كهذه قيد التنفيذ.
وقيل إن إيران حاولت مرةً أخرى في عام 2016 الحصول على طائرات Su-30، لكنَّ عقوبات الأمم المتحدة -التي تعد جزءاً من الاتفاق النووي الذي أبرِم في عام 2015 للحد من البرنامج النووي الإيراني- هي التي عرقلت مساعي إيران هذه المرة.
طائرات J-10
تمكَّنت إيران في تسعينيات القرن الماضي من شراء بضع طائرات من طراز J-7 من الصين. وهي النسخة الصينية من طائرة MiG-21 الروسية. وفي العقد الماضي، بدأت القوات الجوية الصينية في إحلال طائرات J-10 محل العديد من طائرات J-7 الأقدم. وتجدر الإشارة إلى أنَّ طائرات J-10 تعد تصميماً أحدث بكثير، ويُمكن القول إنَّ قدراتها تضاهي قدرات طائرات F-16 الأمريكية تقريباً.
وفي عام 2015، انتشرت شائعات بأن طهران أرادت الحصول على حوالي 150 طائرة من طراز J-10. لكنَّ هذه الشائعات لم تتحول إلى حقيقة. وتجدر الإشارة هنا إلى أنَّ الصين شريكٌ تجاري رئيسي لدول عربية في الشرق الأوسط مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، اللتين تُعدان غريمتين لدودتين لإيران.
لذا فربما رأت الصين أنَّ بيع طائرات حربية ببضعة مليارات الدولارات إلى إيران لا يستحق الدخول في خلافٍ دبلوماسي مع الحكومات العربية قد ينجم عن صفقةٍ كهذه.
ما البدائل التي تلجأ إليها إيران؟
بعدما حُرِمَت إيران من الحصول على طائرات مُقاتلة جديدة، لجأت إيران إلى تحسين طائراتها القديمة وصناعة نسخٍ جديدة منها، إذ أجرت إصلاحات هيكلية على طائرات F-4 وF-14 وSu-22، وزوَّدتها بأجهزة استشعار وأسلحة جديدة، وفي الوقت نفسه، فكَّك المهندسون الإيرانيون طائرات F-5 البسيطة خفيفة الوزن، ودرسوها وصنعوا نسخاً منها وأنتجوا طرازين مستنسخين منها على الأقل.
ومن الواضح أنَّ إيران زوَّدت طائراتها من طراز Saeqeh بجسم طائرات F-5 التي لم تعد قادرة على الطيران وأضافت إليه زعانف ذيل مزدوجة جديدة بدلاً من الزعنفة الواحدة القديمة، ويقال إن إيران أنتجت تسع طائرات من طراز Saeqeh منذ ظهور أولى طائرات هذا الطراز في عام 2004.
وفي العام الماضي 2018، كشفت إيران عن طائرة أخرى مستنسخة من طائرة F-5، وهي طائرات Kowsar ذات المقعدين، وتدعي وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية أنَّ طائرات Kowsar نتاج صناعة محلية بنسبة 100%، ولكن كما هو الحال في طائرات Saeqeh، فمن المحتمل أنَّ إيران تبني المقاتلات "الجديدة" على هياكل طائرات قديمة مخزنة من طراز F-5 بدلاً من بناء هياكل طائرات جديدة من الصفر.
وصحيحٌ أنَّ إيران، التي تشعر بالإحباط بسبب فشل مساعيها إلى شراء طائرات مقاتلة جديدة على مرِّ عقود، قد لا تملك خياراً آخر غير تحسين الطائرات القديمة إلى ما لا نهاية، ولكن هناك حدود لما يمكن أن تحققه هذه التحسينات، فالنسخة الجديدة من طائرة F-4، وإن كانت مزوَّدة برادار أفضل، ما زالت تعاني العيوب نفسها: وهي أنَّها بطيئة، ويصعب التحليق بها، وغير قادرة على التخفِّي من الرادارت.
وكذلك فالنسخة الحديثة من طائرات F-5 ما زال أداؤها مشابهاً للنسخة القديمة، وربما لا يمكنها أن تضاهي الطائرات الحربية الحديثة التي يمتلكها خصوم إيران.