أدى حادثا قتلٍ وقعا في أسبوع واحد في منشأتين عسكريتين بالولايات المتحدة، إلى إثارة تساؤلات تتعلق بالتدابير الأمنية المعمول بها في القواعد العسكرية الموجودة في البلاد.
وقد حدث إطلاق النار الأحدث فيهما الجمعة 6 ديسمبر/كانون الأول بقاعدة جوية بحرية في بينساكولا بولاية فلوريدا. إذ قُتل ثلاثة أفراد وجُرح آخرون بعد أن أطلق أحد أفراد سلاح الجو السعودي أرسله بلده لتلقي التدريب، النار على الحضور في صف دراسي داخل القاعدة العسكرية. وكان هذا ثاني حادث إطلاق نار داخل قاعدة عسكرية خلال ثلاثة أيام. ففي يوم الأربعاء الماضي، 4 ديسمبر/كانون الأول، وقع حادث إطلاق نار بقاعدة بيرل هاربر في هاواي، خلَّف وراءه قتيلين وجريحاً.
تقول مجلة Time الأمريكية، إن حادثي إطلاق النار -إضافة إلى حوادث أخرى، بما فيها حادث إطلاق النار في قاعدة فورت هود بمدينة كيلين في ولاية تكساس عام 2009، الذي حصد أرواح 13 شخصاً- يشير إلى أن القواعد العسكرية الأمريكية غير حصينة أمام هجمات مطلقي النار بنفس درجة عدم تحصن الأماكن الأخرى التي يستهدفها هؤلاء، مثل المدارس ودور السينما وأماكن العمل.
لماذا القواعد العسكرية غير حصينة؟
يقول ألكسندر ديغوزمان، وهو رقيب قوات جوية متقاعد، إن العيش في قاعدة عسكرية يشبه العيش في مدينة مغلقة. وبالرغم من التصور العام، لا يكون الأشخاص الموجودون في القواعد العسكرية أكثر تسلحاً ممن هم في مناطق أخرى بالبلاد. وأغلب الأشخاص في القواعد العسكرية لا يحملون أسلحة.
ويضيف ديغوزمان في حديثه إلى مجلة Time: "لديك متاجر بقالة، ومدارس، ومنازل، وأماكن يذهب الأشخاص إلى العمل فيها. فالأشخاص الوحيدون الذين يحملون أسلحة هم موظفون معنيون بالأمن (مثل الشرطة العسكرية). والحياة في أي قاعدة (عسكرية) تشبه حقاً (الحياة) في أي مدينة عادية، لكنها (مدينة) مسورة فحسب".
الثغرات الأمنية
ويقر القادة العسكريون بأن حماية المنشآت العسكرية -والأشخاص الموجودين بداخلها- من حوادث إطلاق النار يعد إجراءً رئيسياً. كان ديغوزمان، مسؤولاً عن تحديد الحلول الأمنية والثغرات الموجودة في المنشآت العسكرية عندما كان في الخدمة.
وقال النقيب تيم كينسيلا، الضابط المسؤول في قاعدة بينساكولا، خلال مؤتمر صحفي عُقد الجمعة: "إن وجود مطلق نار طليق هو شيء يأتي في مقدمة أولوياتنا". وبحسب كينسيلا، كانت الأسلحة النارية ممنوعة داخل المنشأة، حيث وقع إطلاق النار.
يُعد حادث إطلاق النار الذي وقع عام 2009 في قاعدة فورت هود الأكثر فتكاً ضمن الحوادث التي شهدتها القواعد العسكرية. فقد قُتل 13 شخصاً، وجُرح 30 آخرون. وبعد خمس سنوات، وقع حادث آخر في قاعدة فورت هود، حينما مضى مسلح في إطلاق النار مُخلفاً وراءه ثلاثة قتلى و14 جريحاً. وقتل مطلق النار نفسه بعد ذلك.
وفي عام 2013، قُتل 12 عاملاً في ساحة البحرية الأمريكية بواشنطن دي سي، حيث قتلهم متعهد عسكري، قُتل لاحقاً على يد مسؤولين أمنيين. وفي عام 2015، تعرضت منشأتان عسكريتان في مدينة تشاتانوغا بولاية تينيسي، لهجوم على يد مسلح قتل أربعة أشخاص قبل أن يُرديه رصاص الشرطة قتيلاً.
الدروس المستفادة
قال النقيب كينسيلا إن العسكريين والمدنيين في قاعدة بينساكولا يتلقون تدريباً بانتظام للتأهب أمام حوادث إطلاق النار المحتملة. وأوضح خلال المؤتمر الصحفي: "الأمن يستمر في التغير والتطور.. ننظر إلى الدروس المستفادة من هذا، وإذا أملت الضرورة سوف (نجري تغييرات). إنني فخور للغاية باستجابة قسم الأمن لدي.. أعتقد أن الأمر كان من الممكن أن يكون أسوأ بكثير".
ولم يقدم كينسيلا أية تفاصيل محددة بشأن الخطط الأمنية الخاصة بالقاعدة العسكرية. فيما يضيف ديغوزمان أن الجيش يحتاج مواصلة تثقيف العامة والعسكريين بشأن الإشارات التحذيرية التي يمكن أن تمنع وقوع حوادث إطلاق النار.
ويقول ديغوزمان: "طالما كان الجيش بارعاً ومنهجياً في كيفية الاستجابة إلى مثل هذه الأنواع من الحوادث. يحتاج الجميع أن يكونوا مطلعين على ما يدور حولهم، ومن ثم يمكن تحديد الإشارات سلفاً".
في السياق، تستخدم القاعدة في بينساكولا، التي وقع فيها حادث إطلاق النار، والتي يتمركز فيها حوالي 16 ألف جندي، من البحرية الأمريكية لبرامج تدريب العسكريين من بلدان حليفة. ويتلقى مئات الجنود السعوديين كل عام تدريبات مع القوات المسلحة الأمريكية.