في تجاهل صارخ لرفض المحتجين العراقيين التدخل الإيراني في شؤون بلادهم ترأس قاسم سليماني، قائد فيلق القدس بالحرس الثوري، اجتماعاً للقوى السياسية العراقية لاختيار الشخص المرشح لرئاسة الحكومة العراقية.
ويبدو أن الإيرانيين يقتربون من فرض إرادتهم مجدداً في مسألة اختيار المرشح لرئاسة الحكومة العراقية وسط منافسة من قبل الأمريكيين مع استبعاد لأكبر قوة سياسية في البلاد.
مقربون لإيران في مواجهة المقربين لأمريكا
القوى السياسية العراقية رشحت عدة أسماء لرئاسة وزراء العراق، بعضها له علاقة بالولايات المتحدة الأمريكية والبعض الأخرى مقرب من الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
أطراف سياسية في البيت الشيعي تحاول إيجاد توافق على بديل مناسب لعبدالمهدي، يحظى بقبول المرجعية الدينية والمتظاهرين، بحسب مسؤول في ائتلاف دولة القانون.
البيت الشيعي يبحث عن بديل لعبدالمهدي
يقول المسؤول غير المخول بالتصريح لـ "عربي بوست" إن "القوى السياسية عقدت اجتماعاً في العاصمة بغداد مساء يومي الجمعة والسبت الماضيين 29 و30 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، ترأسه القائد في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، لبحث استقالة حكومة عبدالمهدي ومسألة اختيار شخصية تحظى بقبول الجميع لرئاسة الوزراء".
وأوضح أن القوى السياسية التي حضرت الاجتماع هي "الفتح الجناح السياسي للحشد الشعبي برئاسة هادي العامري، ودولة القانون برئاسة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، وتيار الحكمة برئاسة عمار الحكيم، والنصر برئاسة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، وحركة العطاء برئاسة مستشار الأمن الوطني فالح الفياض، وحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه رئيس إقليم كردستان السابق مسعود بارزاني، والاتحاد الوطني الكردستاني الذي كان يتزعمه الرئيس الراحل جلال طالباني، والمحور الوطني برئاسة أسامة النجيفي، والقوى العراقية برئاسة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي.
وقال إن المجتمعين اتفقوا على اختيار شخصية بديلة لعبدالمهدي قبل من منتصف الشهر الحالي من خلال ترشيح عدة شخصيات.
وأبرز الشخصيات هي:
وزير التعليم العالي الحالي قصي السهيل مرشح دولة القانون.
وزير النفط السابق ابراهيم بحر العلوم مرشح تيار الحكمة.
مستشار رئيس الجمهورية علي شكري مرشح الفتح.
محافظ النجف الاسبق عدنان الزرفي مرشح النصر.
إلا أنه لم يتم الاتفاق على اختيار مرشح رئاسة الوزراء
ترشيح الصدر لرئاسة الوزراء
واجه المجتمعون مشكلة مع رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، إذ يرفض اختيار شخصية متحزبة أو مقربة من واشنطن أو طهران لرئاسة وزراء العراق.
ولا يمكن بالوقت ذاته عزل التيار الصدري سياسياً وإبعاده عن تشكيل الحكومة المقبلة.
وهذا قد طرحت إحدى القوى السياسية ترشيح اسم جعفر الصدر سفير العراق في لندن، ابن عم مقتدى الصدر لرئاسة الوزراء، لمغازلة الصدر في تشكيل الحكومة المقبلة.
لكن الصدر يترك ترشيح شخصية رئيس الوزراء للمتظاهرين
غير أن مقتدى الصدر صاحب الكتلة الأكبر في مجلس النواب العراقي "سائرون" التي حصلت على 54 مقعداً في الانتخابات التشريعية السنة 2018، يرى أن آلية اختيار شخصية رئيس الوزراء متروكة لساحات الاحتجاجات العراقية.
وقال مسؤول في الهيئة السياسية للتيار الصدري لـ "عربي بوست": "استناداً إلى أحكام المادة 76 من الدستور العراقي، فإن كتلة سائرون في مجلس النواب قدمت طلباً إلى رئيس الجمهورية برهم صالح يتضمن تنازلها عن استحقاقها الانتخابي، وحق المتظاهرين وساحات الاحتجاج في اختيار المرشح لرئاسة الوزراء".
وأوضح أن الأنباء التي تتحدث على أن التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، يدعم ويرشح عدداً من الشخصيات المدنية والعسكرية أبرزها القائد السابق لقوات جهاز مكافحة الإرهاب الفريق الركن عبدالوهاب الساعدي غير صحيحة، وأن ترشيح الساعدي لرئاسة الوزراء متروك للشعب العراقي هو مَن يقرر ذلك عبر المظاهرات وساحات الاحتجاج.
وقال إن التيار الصدري ليس له علاقة بترشيح جعفر الصدر، لكن هناك جهات سياسية أخرى هي من تزجّ بنجل المرجع الديني محمد باقر الصدر في قائمة التنافس على منصب رئاسة الوزراء، حسبما قال المصدر.
وبعد فشل إيران وحلفائها في إغراء الصدر يبدو أنهم استقروا على مرشح لرئاسة الحكومة مع استبعاد التيار الصدري من عملية الاختيار.
سليماني يختار شخصية رئيس الوزراء
حظى وزير النفط الأسبق ابراهيم بحر العلوم بثقة القوى السياسية، بعد حصوله على دعم قاسم سليماني وتأييد الأطراف الشيعية، بحسب علي الموسوي القيادي في تحالف الفتح.
ويقول الموسوي لـ "عربي بوست" إن "بحر العلوم حصل على دعم وتأييد "الفتح 47 مقعداً، ودولة القانون 25 مقعداً، وحركة العطاء 22 مقعداً، وتيار الحكمة 19 مقعداً، والقوى العراقية 35 مقعداً، والأحزاب الكردية 48 مقعداً، وكتل سياسية أخرى 13 مقعداً".
حصول مرشح سليماني على 209 أصوات داخل مجلس النواب يؤهله للحصول على رئاسة الوزراء.
وسيتم تسليم رئيس الجمهورية مرشح الكتلة الأكبر داخل البرلمان المتمثلة بالفتح والكتل المتحالفة معها، وليس الكتلة الفائزة بالانتخابات التشريعية، حسب الموسوي.
وكان البرلمان العراقي، قد وافق، في الأول من ديسمبر /كانون الأول الجاري على استقالة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي بعد يوم من تقديمها بشكل رسمي، على ضوء الاحتجاجات التي شهدتها البلاد وراح ضحيتها الآلاف من القتلى والجرحى.