تطبيق «شكلي» لاتفاق الرياض يمكّن الانفصاليين من التحكم الفعلي في عدن.. هل ينهار الاتفاق الذي رعته السعودية؟

عربي بوست
تم النشر: 2019/11/20 الساعة 09:15 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/11/20 الساعة 09:15 بتوقيت غرينتش
تظاهرات في عدن في اليمن في أغسطس الماضي دعما للإنفصاليين الجنوبيين/ AFP

في أول خطوة تنفيذية لبنود اتفاق الرياض، الذي وقعته الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً، مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، عاد رئيس الحكومة معين عبدالملك، الإثنين، إلى العاصمة المؤقتة عدن (جنوب) قادماً من الرياض.

ويرافق عبدالملك 5 فقط من وزراء حكومته، هم المالية سالم صالح سالم، والكهرباء محمد العناني، والتعليم العالي حسين باسلامة، والأوقاف أحمد عطية، والاتصالات لطفي باشريف، فضلاً عن نائب رئيس الوزراء سالم الخنبشي، وجميعهم جنوبيون.

عودة منقوصة

وفي وقت لاحق اتضح أن عدداً من أعضاء الحكومة اليمنية مُنعوا من العودة إلى عدن، ما اعتبره مراقبون عودة منقوصة، وإخلالاً بأحد أهم بنود اتفاق الرياض، قد ينذر بانهياره.

وقال وزير التربية والتعليم في الحكومة اليمنية، بعد ساعات من عودة رئيس الحكومة وعدد من الوزراء إلى عدن، إنه تم منعه من العودة قائلاً، في منشور على صفحته بموقع فيسبوك: "منعونا اليوم من العودة إلى الوطن!".

ولم يُشر الوزير اليمني إلى الجهة التي منعته، رغم كونه جنوبياً، وفيما إذا كان المجلس الانتقالي الجنوبي يقف خلف هذا المنع، أم أنها أطراف في التحالف العربي.

تم منع عدد من وزراء حكومة عبدالملك من دخول عدن لحظة وصولهم/ مواقع التواصل
تم منع عدد من وزراء حكومة عبدالملك من دخول عدن لحظة وصولهم/ مواقع التواصل

ورغم أن قيادات في المجلس الانتقالي، الذي تدعمه الإمارات، قد فسروا مسبقاً بند عودة الحكومة إلى عدن بأنه يقتصر على عودة رئيس الحكومة فقط، لتنفيذ مهمة صرف الرواتب، إلا أن عودة بعض الوزراء دون البعض الآخر أثار جملة من التساؤلات، عن سبب عدم عودة الحكومة بكامل قوامها لممارسة مهامها من عدن.

وجود "شكلي" للحكومة في عدن

ويرى الكاتب الصحفي ومدير تحرير صحيفة "المصدر" اليمنية، علي الفقيه، أن العودة المنقوصة للحكومة اليمنية إلى عدن تعني أنها عودة "شكلية" بهدف حفظ ماء الوجه وتوجيه رسالة بأن اتفاق الرياض نجح، وأنه في طريقه للتنفيذ.

ويرجح الفقيه، في حديث للأناضول، أنه لن يترتب على هذه العودة أي شيء سوى أن تصبح الحكومة مسؤولة أمام المواطنين عن توفير الخدمات باعتبارها موجودة، لافتاً إلى أن موضوع انعدام الرواتب والخدمات كان يحرج القوة المسيطرة على الأرض "المجلس الانتقالي الجنوبي".

وأكد أن العبء الآن في هذا الموضوع سيصبح على الحكومة التي عاد جزء منها للتو. ولفت الفقيه إلى أن السعودية تشعر أن تنفيذ اتفاق الرياض يشكل تحدياً لها وبالتالي تدفع بكل ثقلها للمضي في تنفيذ بنوده ولو اقتصر التنفيذ على الجانب الشكلي.

"الإمارات وراء كل ذلك"

من جانبه، اعتبر الكاتب الصحفي ورئيس تحرير موقع "يمن مونيتور" محمد الشبري أن العودة المنقوصة للحكومة اليمنية إلى عدن بمثابة "انقلاب" واضح على اتفاق الرياض الذي رعته السعودية باعتبارها قائدة التحالف لدعم الشرعية في اليمن.

كما أكد أن هذا الوضع -من جهة أخرى- هو نتاج للتدخلات السلبية للتحالف ذاته. وأشار الشبيري، للأناضول، إلى أن هناك ضغطاً إماراتياً قوياً لتمكين الجماعات المسلحة، التي تدعمها أبوظبي، ويأتي المجلس الانتقالي في صدارة تلك الجماعات.

وأضاف: "بسبب الإمارات تحول الانتقالي إلى ندّ للحكومة الشرعية، وفصيل يتفاوض معها ويقتسم النفوذ مثله مثل الحوثي تماماً الذي ينازع الحكومة صلاحياتها".

وأوضح الكاتب الصحفي اليمني أن العودة المنقوصة للحكومة تعني انتصاراً كبيراً للجماعات المسلحة، وتهشيماً لما تبقى من صورة الشرعية لدى اليمنيين. وقال إن هذه الحكومة باتت تقدم نفسها كما لو كانت دميةً في أيدي من ادّعوا يوماً أنهم جاؤوا من أجل استعادة شرعيتها.

الجماعات الانفصالية تمكنت 

واعتبر الشبيري أنه "بطبيعة الحال، سيعاني اليمن ومحيطه الويلات مستقبلاً كنتيجة حتمية لتمكين الجماعات المسلحة المنفلتة من مقاليد الأمور، حتى الذين يعتقدون أنهم حلفاء وداعمون، سينالون نصيبهم من تبعات تفكك الدولة في اليمن".

ووقّع "اتفاق الرياض" في 5 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري بالعاصمة السعودية، وينص في أحد بنوده على عودة الحكومة اليمنية إلى عدن خلال الأسبوع الأول من توقيع الاتفاق.

ويشمل الاتفاق بنوداً رئيسية وملاحق للترتيبات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية بين الحكومة والمجلس الانتقالي.

وينص الاتفاق على تشكيل حكومة كفاءات سياسية لا تتعدى 24 وزيراً، يعين الرئيس عبدربه منصور هادي أعضاءها بالتشاور مع رئيس الوزراء والمكونات السياسية، على أن تكون الحقائب الوزارية مناصفة بين المحافظات الجنوبية والشمالية.

تحميل المزيد