بعدما حاصرها الناصريون.. «النهضة» تفكر بخيار لتشكيل الحكومة يغضب حلفاءها الإسلاميين واليساريين على السواء

عربي بوست
تم النشر: 2019/11/17 الساعة 17:37 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/11/20 الساعة 00:41 بتوقيت غرينتش
نبيل القروي رئيس حزب قلب تونس/رويترز

خطوات مثيرة للجدل تتخذها حركة النهضة، فبعد توافقها مع حزب قلب تونس على انتخاب راشد الغنوشي رئيساً للبرلمان، فإن النهضة لوحت بالدخول في تحالف لتشكيل الحكومة التونسية مع حزب قلب تونس الذي سجن رئيسه على ذمة قضايا فساد قبل أن يتم إطلاق سراحه. 

وبعد تكليف الرئيس التونسي قيس سعيد رئيس الحكومة المقترح من قبل حركة النهضة الحبيب الجملي بتشكيل الحكومة بدأت خارطة التحالف الحكومي في التشكل وسط تكهنات بأن حزب قلب تونس سيكون شريكاً حكومياً للنهضة امتداداً لتوافق الحزب مع حركة النهضة في البرلمان.

ويوصف الحبيب الجملي بأنه صديق للنهضة، لكنه لم ينشط أو ينخرط في العمل السياسي داخلها، لكنه سبق أن تولى منصب كاتب الدولة لدى وزير الفلاحة (الزراعة) خلال فترة حكم الترويكا (تضم حركة النهضة وحزب المؤتمر وحزب التكتل عقب الثورة)، وهو في الأصل مهندس زراعي.

وجاء حزب "حركة النهضة" بزعامة راشد الغنوشي في صدارة البرلمان بـ52 مقعداً، يتبعه حزب "قلب تونس" الذي يتزعمه المرشح السابق في الانتخابات الرئاسية، نبيل القروي، بـ38 مقعداً.

وأظهرت النتائج حصول حزب التيار الديمقراطي (يسار وسط) على 22 مقعداً، يليه ائتلاف الكرامة (إسلامي محافظ) بـ21 مقعداً، فالحزب الحر الدستوري (17)، تليه حركة الشعب (ناصر) 16، ثم حزب "تحيا تونس" الذي يتزعمه رئيس الحكومة يوسف الشاهد (14).

مفاوضات مفتوحة

 المفاوضات التي سبقت تكليف الحبيب الجملي بتشكيل الحكومة، والتي أعلنت فيها حركة النهضة شهدت استثناء حزبين وهما حزب قلب تونس والحزب الحر الدستوري.

ولكن يبدو أن التوافقات داخل قبة البرلمان، التي قادت إلى انتخاب راشد الغنوشي (رئيس حركة النهضة) رئيساً للبرلمان وسميرة الشواشي (الناطقة الرسمية لقلب تونس) نائباً أولاً له، بتصويت مشترك بين الحزبين، قد غيرت من مسار المشاورات لتشكيل الحكومة المقبلة حيث لمحت النهضة الفائزة في الانتخابات التشريعية إلى إمكانية التحالف مرة أخرى مع حزب قلب  تونس.

راشد الغنوشي/رويترز

وقال القيادي في حركة النهضة عبدالحميد الجلاصي لـ"عربي بوست" إن الحركة منفتحة على كل الأحزاب دون استثناء في تشكيل "حكومة الجملي"، شريطة أن تكون مشاركة الأحزاب وفق برنامج عمل حكومي من بين أولوياته محاربة الفساد والفقر وتوفير مواطن شغل للشباب ودفع عجلة التنمية، وأن توافق على أن تكون الكفاءة وحدها مقياساً في تعيين وزراء الحكومة المقبلة.

 وتعليقاً منه على تعيين الحبيب الجملي رئيساً للحكومة وإمكانية مشاركة حزب قلب تونس في حكومة الجملي.. أكد حاتم المليكي أن لحركة النهضة الحق في تعيين الشخصية التي تراها مناسبة لتشكيل الحكومة بما أنها الحزب الفائز بالانتخابات التشريعية.

وقال إنه لا يوجد حتى الآن أي تحفظات على رئيس الحكومة المكلف لكن قرار المشاركة من عدمه سيكون من مهام وصلاحيات المكتب السياسي للحزب الذي سيجتمع يوم الإثنين للحسم في هذه المسألة.

اليساريون والإسلاميون متفقون على رفض مشاركة قلب تونس

رغم الخلاف الكبير وحرب الاتهامات في الأسابيع الماضية بين قيادات إئتلاف الكرامة (إسلامي محافظ أكثر من النهضة) وحزب التيار الديمقراطي (يسار وسط) يلتقي الحزبين في رفضهما القطعي للمشاركة في حكومة يشارك فيه حزب قلب تونس.

إذ أكد القيادي في ائتلاف الكرامة عبداللطيف العلوي بأن حزبه لن يشارك في حكومة الجملي لو شارك حزب قلب تونس من بعيد أو قريب فيها، بسبب الاتهامات الموجهة لقيادات هذا الحزب بالفساد.

 كما أكد القيادي في حزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي لـ"عربي بوست" بأن حزبه لن يشارك في حكومة تضم حزب قلب تونس".

لا تحفظات على شخص رئيس الحكومة ولكن المشكلة في قربه مع النهضة

وقال غازي الشواشي إنه لا توجد هناك تحفظات حقيقية حول شخصية رئيس الحكومة المكلف، لكن التحفظات تتعلق بقدرته على ضمان الاستقرار السياسي ودفع عجلة التنمية الاقتصادية خلال المرحلة المقبلة، إذ تشير كل المؤشرات لقربه الكبير من حركة النهضة وهو ما سيمثل عائقاً أمام تحركه وتعامله بحرية في كل الملفات دون العودة إلى الحركة.

وأوضح الشواشي بأن حزب التيار الديمقراطي لا يرى مؤشرات ايجابية على إمكانية نجاح هذه الحكومة التي قد لا تجد دعماً سياسياً يمكنها من الصمود أمام الملفات الكبرى التي تنتظرها، حسب قوله. 

 وفي سياق متصل تشير مصادر من داخل حركة الشعب إلى أن الحركة ترفض كذلك المشاركة في حكومة تضم حزب قلب تونس، وبأنها ستنسق موقفها مع حزب التيار الديمقراطي، حيث من الأرجح أن يختار الحزبان جناح معارضة الحكومة وتكوين كتلة برلمانية وازنة في البرلمان خلال الفترة المقبلة.

اتهامات متبادلة وشروط الناصريين تحاصر النهضة

 ولعل ما يزيد من صعوبة حصول توافق بين حزب التيار الديمقراطي وحركة النهضة هي الاتهامات المتبادلة بين قيادات الحزب والتي استعرت في مواقع التواصل الاجتماعي.

 إذ اتهم القيادي في حركة النهضة نور الدين البحيري في برنامج تلفزي قيادات التيار بلقاء قيادات من قلب تونس وهو ما نفاه غازي الشواشي متهما البحيري بالكذب.

 تلا ذلك دعوة من رئيس حزب التيار الديمقراطي محمد عبو لعدم استعمال حزبه كشماعة لتبرير تحالف النهضة مع أحزاب أخرى، في تطورات تؤكد بأن تحالف النهضة والتيار أصبح مستبعداً جداً.

وأوضح القيادي في النهضة علي العريض في تصريح للجزيرة نت أن التيار الذي يعد محسوبا على خط الثورة، رفض الرد على مقترحات قدمتها النهضة حول برنامج الحكومة المقبلة وملامح عملها، واشترط الحصول على حقائب وزارية بعينها للدخول في مشاورات تشكيل الحكومة.

وألقى العريض اللوم على حزبي "التيار الديمقراطي" و"حركة الشعب" بسبب دخولهما في "منهج محاصصة".

تحالف منتظر مع الحزب المريب بعدما قدم تنازلات كثيرة

 وفي انتظار إعلان المواقف الرسمية للأحزاب من المشاركة في الحكومة، تشير المؤشرات إلى أن تحالف البرلمان بين النهضة وقلب تونس سيمتد إلى الحكومة.

إذ يقول المحلل السياسي مختار الشيباني إن "الأبواب أصبحت مفتوحة أمام كل الأحزاب للمشاركة في الحكومة باستثناء الحزب الدستوري الحر، حيث تشير كل التكهنات إلى أن حزب قلب تونس أصبح معنياً بصفة مباشرة بتشكيل الحكومة وهو الأقرب للتحالف مع النهضة ومواصلة الاتفاق البرلماني الذي حصل معها في انتخاب رئيس البرلمان خاصة أن قلب تونس قدم كل التنازلات الممكنة للدخول في هذه الحكومة بعد إقصائه في البداية من قبل حركة النهضة والرجوع إليه بعد فشل المفاوضات مع حزبي التيار الديمقراطي وحركة الشعب اللذين أعتقد أنهما يتعرضان إلى ضغط كبير من قبل أنصارهما بعد فشلهما في إحراز أي مقعد في رئاسات البرلمان وتركهما المجال مفتوحاً أمام قلب تونس للدخول في تحالفات كانت صعبة عليه."

 وأضاف "من الممكن أن يرضخ التيار الديمقراطي في النهاية ويدخل في الحكومة ويتنازل عن بعض شروطه خاصة بعد تأكيد أمينه العام غازي الشواشي أن المفاوضات مع النهضة مازالت مفتوحة حتى بعد فشل التوافق على رئيس البرلمان وهو ما كان يرفضه الحزب سابقاً.

وأردف الشيباني قائلاً "أما حركة الشعب فاصطفت نهائياً في المعارضة وستتشبث بموقفها الرافض لهذه الحكومة والداعي إلى حكومة الرئيس".

تحميل المزيد