قضية غريبة وقعت في السفارة السعودية بباريس مع سيدة فلبينية كانت تعمل في منزل السفير لخدمته، لكنها لم تحصل على حقوقها فرفعت قضية أمام القضاء بباريس لنيل حقوقها، لكن الأمر مازال معلقاً منذ أعوام، بحسب ما قالته المرأة للنسخة الفرنسية من موقع HuffPost الأمريكي.
بحسب الموقع الأمريكي، كانت غيناب بوتون تعمل لمدة عامين خادمةً في منزل موظف سعودي بالسفارة السعودية في باريس، وفي ظل ظروف معيشية مروعة. وقد ناضلت المرأة الفلبينية مع المحامية الخاصة بها للحصول على تعويض لما لحق بها من أضرار.
عوملت غيناب بوتون لمدة عامين معاملة الإماء وفي قلب باريس. بدأ كل شيء في عام 2009، حينما كانت تبلغ من العمر 49 عاماً وتعيش في الفلبين، إذ عُرض عليها العمل في السفارة السعودية بباريس. وحدد عقد العمل عدد ساعات العمل التي تصل إلى 35 ساعة أسبوعياً براتب شهري قدره 900 يورو (حوالي 991 دولاراً) لمدة عامين. بيد أن الواقع كان مختلفاً تماماً بعد ذلك.
في حديثها إلى موقع HuffPost، قالت غيناب : "كان علي القيام بكل الأمور: تحضير وجبات الطعام، وأعمال التنظيف، والكي، ورعاية أسرة مكونة من ثمانية أفراد، مع ستة أطفال من بينهم طفل مصاب بالتوحد.. لم يكن لدي وقت فراغ، ولم يكن هناك يوم عطلة، ولم يُسمح لي بالخروج. نمت على الأرض بجانب سرير الطفل المصاب بالتوحد الذي كان يُمكن أن يستيقظ أثناء الليل. لقد عاملوني مثل الحيوان".
وعلى مدار السنوات الخمس الماضية، كانت تخوض معركة قضائية لا ترى نهاية لها، للحصول على تعويض. ولدى إعادة النظر في القضية، كان يُنتظر صدور حكم جديد في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2019. ويبدو أنها عودة إلى تاريخ العبودية ولكن في العصر الحديث.
حصانة دبلوماسية للموظف السعودي
كان الرجل الذي تعمل لديه موظفاً في السفارة السعودية ويقطن الحي السادس عشر. وعند وصولها في فبراير/شباط 2010، تحفَّظ على جواز سفرها وجميع أوراقها، باستثناء عقد العمل المذكور، الذي تحتفظ به غيناب. لم تكن المرأة تحصل على راتب شهري بانتظام وكانت تتقاضى فقط 250 يورو (حوالي 275 دولاراً). ولم تتلق راتبها لمدة خمسة أشهر. بعد عامين من المعاناة، أعربت غيناب عن رغبتها في العودة إلى الفلبين. لكن صاحب العمل كانت له رؤية مغايرة.
وتابعت غيناب: "لقد رفض رحيلي، وطلب مني إحضار شخص من عائلتي ليحل محلي". وفي عام 2012، تمكنت من إحضار ابنة عمها التي تدعى "دهينة" إلى باريس. لكن جواز سفرها لم تسترجعه منه بعد. وفي النهاية، هددت باستدعاء الشرطة ولكن دون جدوى. في صباح أحد الأيام من شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2012 ، أخذت المرأتان متعلقاتهما ولاذتا بالفرار. وما جال في خاطرها كان كلمة واحدة: محكمة العمل.
إذ تتذكر بانفعال: "لا أعرف من أين سمعت تلك الكلمة، لكنني تذكرتها وهذا ما قلته لسائق التاكسي الذي أقلنا". لحسن الحظ، كان هناك مركز للشرطة أمام المحكمة حيث رافق بعض الأفراد غيناب ودهينة. وسرعان ما قُدمت الشكوى الأولى. وهنا كانت أولى المقابلات المصيرية مع المحامية إنيك فوجورو، رئيسة مؤسسة SOS Esclaves المعنية بمكافحة العبودية الحديثة، التي قررت مد يد العون لهما وتحقيق العدالة.
قالت إنيك: "تقدمنا بشكوى ثانية بسبب" الاتجار بالبشر"؛ لأن هذا ما هو عليه الأمر، إنها جنحة". غير أن الشكويين الجنائيتين أُهملتا بسبب "الحصانة الدبلوماسية" للموظف السعودي. وتأسفت المحامية قائلة: "في هذه الحالات، لا نفحص الحقائق. لم يحدث شيء ولن يُجرى أي تحقيق". فالتحقيق الذي أجرته الشرطة الذي كان من شأنه أن يساعد في دعم الإجراءات المدنية، قُدِّم إلى محكمة العمل في عام 2014 ضد رب العمل السابق لغيناب ودهينة، وكذلك ضد السفارة السعودية المُشار إليها بموجب عقود العمل.
أول إدانة أمام محكمة العمل
وقالت المرأة: "لقد حُرمنا من الإجراءات الجنائية ووقفنا أمام محكمة العمل بوصفنا موظفين عاديين". ولكن في 30 سبتمبر/أيلول 2015، صدر أول حكم لصالح المرأتين.
لم يعترف الحكم سوى بالموظف السعودي الذي عملت لديه المرأتان، وأقصى السفارة السعودية من القضية. إذ إن الحصانة الجنائية التي يتمتع بها رب العمل لكونه موظفاً في السفارة، لا تتضمن حصانة مدنية. وحُكم عليه بدفع غرامة تخطت 200 ألف يورو (حوالي 220 ألف دولار) لصالح غيناب وأكثر من 50 ألف يورو (حوالي 55 ألف دولار) لفائدة دهينة. وذكرت المحامية أن عملية حسابية أُجريت وفقاً للمدة التي شهدت توظيفهما، "على أساس 16 ساعة يومياً، دون وجود يوم راحة، فتقريباً كانتا تعملان 24 ساعة في اليوم".
لم تكن هذه الإدانة مرضية للمحامية؛ نظراً لاختفاء رب العمل السابق دون ترك أثر ولم يعد في الإمكان تنفيذ الحكم. قالت إنيك: "بفضل تواطؤ المملكة العربية السعودية، اختفى الموظف". ومن ثم قررت استئناف الحكم. جاء منطوق الحكم الصادر عن محكمة العمل صدر في يونيو/حزيران 2016، علماً بأن القضية كانت منذ 30 سبتمبر/أيلول 2015.
تأجيل يعقبه تأجيل
قالت إنيك، التي تدين الاستراتيجيات غير العادية التي تؤدي إلى الالتفاف حول العدالة، إنه بعد عدة إحالات وتأجيلات للقضية، حدث تغيير جذري في أكتوبر/تشرين الأول 2018، فقد لجأت السعودية إلى حيلة جديدة، عندما وُضعت أسرة الموظف السعودي عن عمد في دائرة الضوء في تلك القضية، وذلك على حد قول المحامي الجديد للموظف السعودي.
قالت إنيك: "من أجل تأخير الإجراءات في محكمة العمل، قدم صاحب العمل السابق شكوى ضد موكلتينا بسبب "التخلي عن شخص في وضع ضعيف"". ينطبق هذا الأمر على حالة الطفل المصاب بالتوحد. وفي غضون ذلك، أكدت غيناب أن كافة الأسرة كانت موجودة في المنزل عندما غادرت في عام 2012.
حاولنا موقع HuffPost دون جدوى التوصل إلى محامي السفارة السعودية أو محامي الموظف السابق. وفي هذه الأثناء، لا ترجو غيناب إلا إنفاذ العدالة وأن تعود إلى بلادها وزوجها.