هل هناك علاقة بين حديث إيران عن الرد على استهداف إحدى ناقلاتها وطرح أرامكو؟

عربي بوست
تم النشر: 2019/11/10 الساعة 10:35 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/11/10 الساعة 10:35 بتوقيت غرينتش
الرئيس الإيراني حسن روحاني - رويترز

إعلان إيران أنها ستردُّ على استهداف إحدى ناقلاتها، في المكان والزمان المناسبَين، يطرح كثيراً من التساؤلات بشأن توقيت التصريح ومدى ارتباطه بإعلان السعودية عن الطرح الأوَّلي الذي طال انتظاره لشركة أرامكو، في سوق المال المحلية.

ماذا حدث؟

أكد مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية عباس عراقجي، أمس السبت 9 نوفمبر/تشرين الثاني، أن بلاده تحقق حالياً بشأن الجهة الضالعة في الهجوم على ناقلة النفط الإيرانية، مشيراً إلى أنها ستردُّ في الزمان والمكان المناسبَين.

عراقجي كان يتحدث في مؤتمر عن منع انتشار الأسلحة النووية، عُقد بموسكو: “لقد كان هنالك عدد كبير من الحوادث والهجمات والحالات الأخرى، آخرها الهجوم الذي وقع قبل شهر على ناقلة نفط إيرانية باستهدافها بصاروخين، وما زلنا نحقق حول الجهة الضالعة في الهجوم، وسنردُّ على ذلك في الزمان والمكان المناسبَين”، حسب تقرير لوكالة سبوتنيك الروسية.

ما خلفية القصة؟

قبل نحو شهر، ذكرت وسائل إعلام إيرانية أن ناقلة نفط إيرانية تدعى “سابيتي” تعرضت لهجوم وصفته بالإرهابي، وأضافت وفقاً لوزارة الخارجية أن السفينة أصيبت مرتين، دون ذكر ما الذي أصابها، ونشر التلفزيون الرسمي صوراً لسطح الناقلة، وقال إنها التُقطت بعد الهجوم، لكنها لم تُظهر أي ضرر واضح، ولم يظهر هيكل الناقلة في الصور.

الناقلة سابيتي التي قالت إيران أنه تم استهدافها قبالة ميناء جدة

وبعد ذلك بيومين -أي في منتصف أكتوبر/تشرين الأول الماضي- صرَّح وزير الخارجية محمد جواد ظریف، بأن “الهجوم على ناقلة النفط الإيرانية (سابيتي) قبالة ميناء جدة السعودي مؤخراً، وقفت خلفه جهة حكومية واحدة أو أكثر”.

وقال ظريف: “بناء على معلوماتنا فإن الهجوم على الناقلة نفذته حكومة واحدة أو أكثر”، وذلك حسب وكالة “إسنا” الإيرانية.

ظريف لم يوجه اتهاماً إلى حكومة بعينها، “بطبيعة الحال تستمر التحقيقات في هذا الشأن، لكننا لن نتهم أي حكومة ما لم نحصل على نتائج مؤکدة. ونعتقد أن الهجوم كان إجراء معقداً مدعوماً من حكومة”.

هل توصلت إيران إلى الحكومة التي استهدفت الناقلة؟

حسبما جاء على لسان عراقجي، فإن إيران لا تزال تحقق فيما حدث، وهو ما يعني أن الجهة التي دبرت الهجوم على الناقلة غير معروفة بعدُ وهذا احتمال، والاحتمال الآخر هو أن تكون طهران توصلت بالفعل إلى الإجابة على سؤال “من الفاعل؟”، لكنها قررت اختيار الوقت المناسب للإعلان.

اللافت هنا هو توقيت التصريح الإيراني نفسه، طالما ليس هناك جديد فيما يخص الجهة التي نفذت الهجوم المزعوم، وكذلك اللهجة التي استخدمها عراقجي بالقول إن بلاده “تحتفظ بحق الرد في المكان والزمان المناسبَين”.

هل لطرح أرامكو علاقة بالتصعيد؟

من الصعب استبعاد تزامن التصعيد الإيراني مع إعلان شركة أرامكو السعودية نشرة الإصدار لطرح أسمهما للتداول، للمرة الأولى في تاريخها بالسوق المالية السعودية “تداول”، وهي الخطوة العملية الأولى في مشروع جعله ولي العهد محمد بن سلمان حجر الزاوية في استراتيجيته الاقتصادية أو رؤية 2030 لتحويل السعودية إلى دولة ذات اقتصاد متنوع لا يقوم فقط على النفط.

فعلى الرغم من تراجع ولي العهد عن التقييم الذي كان قد وضعه لـ “أرامكو” قبل أربع سنوات وهو 2 تريليون دولار وقبوله بأن تتراوح القيمة بين 1.5 و1.8 تريليون، من المؤكد أن تصعيداً إيرانياً في اتجاه احتمال القيام بهجمات أخرى “رداً على استهداف ناقلتها”، يمثل في أدنى مستوياته رفع مستوى المخاطر؛ ومن ثم إحجام الشركات والأفراد عن الاستثمار في أسهم شركة قد تكون عرضة لهجمات بأي وقت.

أرامكو تعرضت لهجوم مدمر قبل نحو شهرين / رويترز

كانت أرامكو قد تعرضت لاعتداء مفاجئ يوم السبت 14 سبتمبر/أيلول الماضي، أدى إلى تقليص الإنتاج بنسبة 50%، ووجهت السعودية وواشنطن أصابع الاتهام إلى إيران، رغم تبنّي الحوثيين في اليمن له ونفي طهران وقوفها خلف الاعتداء، الذي استُخدمت فيه طائرات مسيرة وصواريخ.

صحيح أن هناك محاولات دبلوماسية من خلف الكواليس وتحركات تهدف إلى تخفيف حدة التوتر ونزع فتيل الأزمة، لكن إيران في موقف يزداد صعوبة، مع استمرار العقوبات الأمريكية الخانقة وأيضاً تعرُّض نفوذها الإقليمي لتحديات خطيرة في لبنان والعراق مع الاحتجاجات الشعبية هناك، وهو ما قد يمثل دافعاً لطهران للاستمرار في سياستها التصعيدية؛ على أمل الضغط على القوى الدولية مثل أوروبا والصين وروسيا، لتعويضها عن الأضرار الاقتصادية الخانقة التي تتسبب فيها سياسة الضغط القصوى الأمريكية.

هذا الاحتمال يمثل ضغطاً إضافياً على عملاق النفط السعودي، حيث إنَّ ضعف الإقبال على الأسهم في السوق المحلية يعتبر مؤشراً سيئاً بالنسبة للفكرة ككل، وهو بالقطع ليس خافياً على طهران، إذ إن استمرار الوضع الراهن يشكل عبئاً متزايداً على النظام الإيراني، وهو ما يعول عليه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الأساس، والقراءة في كل مرَّة أقدمت فيها طهران على التصعيد، تشير إلى أن ذلك يأتي في إطار استراتيجية إيران القائمة على مبدأ “لو تم منعنا من تصدير النفط فلن يتمكن أي طرف آخر من تصدير نفطه”.

وفي إطار الاستراتيجية نفسها يأتي الاحتمال القوي، وهو أن التصريح الإيراني التصعيدي في قصة استهداف الناقلة ما هو إلا رسالة إلى الحكومة السعودية -المنشغلة بترتيب أوراقها بالتوقيع على “اتفاق الرياض”، لمواجهة الانشقاق بجبهة التحالف في اليمن، وكذلك الإقدام أخيراً على طرح “أرامكو”- بأن طهران لن تسمح لأحد بأن يرتب ملفاته ويحقق ما يطمح إليه، في حين تعاني هي العقوبات الاقتصادية واستهداف نفوذها الإقليمي (إيران أعلنت أن ما يجري في لبنان والعراق مؤامرة أمريكية-إسرائيلية-سعودية).

هل هناك علاقة بين حديث إيران عن الرد على استهداف إحدى ناقلاتها وطرح أرامكو؟

هل هناك علاقة بين حديث إيران عن الرد على استهداف إحدى ناقلاتها وطرح أرامكو؟

عربي بوست
تم النشر: 2019/11/10 الساعة 10:35 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/11/10 الساعة 10:35 بتوقيت غرينتش
الرئيس الإيراني حسن روحاني - رويترز

إعلان إيران أنها ستردُّ على استهداف إحدى ناقلاتها، في المكان والزمان المناسبَين، يطرح كثيراً من التساؤلات بشأن توقيت التصريح ومدى ارتباطه بإعلان السعودية عن الطرح الأوَّلي الذي طال انتظاره لشركة أرامكو، في سوق المال المحلية.

ماذا حدث؟

أكد مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية عباس عراقجي، أمس السبت 9 نوفمبر/تشرين الثاني، أن بلاده تحقق حالياً بشأن الجهة الضالعة في الهجوم على ناقلة النفط الإيرانية، مشيراً إلى أنها ستردُّ في الزمان والمكان المناسبَين.

عراقجي كان يتحدث في مؤتمر عن منع انتشار الأسلحة النووية، عُقد بموسكو: "لقد كان هنالك عدد كبير من الحوادث والهجمات والحالات الأخرى، آخرها الهجوم الذي وقع قبل شهر على ناقلة نفط إيرانية باستهدافها بصاروخين، وما زلنا نحقق حول الجهة الضالعة في الهجوم، وسنردُّ على ذلك في الزمان والمكان المناسبَين"، حسب تقرير لوكالة سبوتنيك الروسية.

ما خلفية القصة؟

قبل نحو شهر، ذكرت وسائل إعلام إيرانية أن ناقلة نفط إيرانية تدعى "سابيتي" تعرضت لهجوم وصفته بالإرهابي، وأضافت وفقاً لوزارة الخارجية أن السفينة أصيبت مرتين، دون ذكر ما الذي أصابها، ونشر التلفزيون الرسمي صوراً لسطح الناقلة، وقال إنها التُقطت بعد الهجوم، لكنها لم تُظهر أي ضرر واضح، ولم يظهر هيكل الناقلة في الصور.

الناقلة سابيتي التي قالت إيران أنه تم استهدافها قبالة ميناء جدة

وبعد ذلك بيومين -أي في منتصف أكتوبر/تشرين الأول الماضي- صرَّح وزير الخارجية محمد جواد ظریف، بأن "الهجوم على ناقلة النفط الإيرانية (سابيتي) قبالة ميناء جدة السعودي مؤخراً، وقفت خلفه جهة حكومية واحدة أو أكثر".

وقال ظريف: "بناء على معلوماتنا فإن الهجوم على الناقلة نفذته حكومة واحدة أو أكثر"، وذلك حسب وكالة "إسنا" الإيرانية.

ظريف لم يوجه اتهاماً إلى حكومة بعينها، "بطبيعة الحال تستمر التحقيقات في هذا الشأن، لكننا لن نتهم أي حكومة ما لم نحصل على نتائج مؤکدة. ونعتقد أن الهجوم كان إجراء معقداً مدعوماً من حكومة".

هل توصلت إيران إلى الحكومة التي استهدفت الناقلة؟

حسبما جاء على لسان عراقجي، فإن إيران لا تزال تحقق فيما حدث، وهو ما يعني أن الجهة التي دبرت الهجوم على الناقلة غير معروفة بعدُ وهذا احتمال، والاحتمال الآخر هو أن تكون طهران توصلت بالفعل إلى الإجابة على سؤال "من الفاعل؟"، لكنها قررت اختيار الوقت المناسب للإعلان.

اللافت هنا هو توقيت التصريح الإيراني نفسه، طالما ليس هناك جديد فيما يخص الجهة التي نفذت الهجوم المزعوم، وكذلك اللهجة التي استخدمها عراقجي بالقول إن بلاده "تحتفظ بحق الرد في المكان والزمان المناسبَين".

هل لطرح أرامكو علاقة بالتصعيد؟

من الصعب استبعاد تزامن التصعيد الإيراني مع إعلان شركة أرامكو السعودية نشرة الإصدار لطرح أسمهما للتداول، للمرة الأولى في تاريخها بالسوق المالية السعودية "تداول"، وهي الخطوة العملية الأولى في مشروع جعله ولي العهد محمد بن سلمان حجر الزاوية في استراتيجيته الاقتصادية أو رؤية 2030 لتحويل السعودية إلى دولة ذات اقتصاد متنوع لا يقوم فقط على النفط.

فعلى الرغم من تراجع ولي العهد عن التقييم الذي كان قد وضعه لـ "أرامكو" قبل أربع سنوات وهو 2 تريليون دولار وقبوله بأن تتراوح القيمة بين 1.5 و1.8 تريليون، من المؤكد أن تصعيداً إيرانياً في اتجاه احتمال القيام بهجمات أخرى "رداً على استهداف ناقلتها"، يمثل في أدنى مستوياته رفع مستوى المخاطر؛ ومن ثم إحجام الشركات والأفراد عن الاستثمار في أسهم شركة قد تكون عرضة لهجمات بأي وقت.

أرامكو تعرضت لهجوم مدمر قبل نحو شهرين / رويترز

كانت أرامكو قد تعرضت لاعتداء مفاجئ يوم السبت 14 سبتمبر/أيلول الماضي، أدى إلى تقليص الإنتاج بنسبة 50%، ووجهت السعودية وواشنطن أصابع الاتهام إلى إيران، رغم تبنّي الحوثيين في اليمن له ونفي طهران وقوفها خلف الاعتداء، الذي استُخدمت فيه طائرات مسيرة وصواريخ.

صحيح أن هناك محاولات دبلوماسية من خلف الكواليس وتحركات تهدف إلى تخفيف حدة التوتر ونزع فتيل الأزمة، لكن إيران في موقف يزداد صعوبة، مع استمرار العقوبات الأمريكية الخانقة وأيضاً تعرُّض نفوذها الإقليمي لتحديات خطيرة في لبنان والعراق مع الاحتجاجات الشعبية هناك، وهو ما قد يمثل دافعاً لطهران للاستمرار في سياستها التصعيدية؛ على أمل الضغط على القوى الدولية مثل أوروبا والصين وروسيا، لتعويضها عن الأضرار الاقتصادية الخانقة التي تتسبب فيها سياسة الضغط القصوى الأمريكية.

هذا الاحتمال يمثل ضغطاً إضافياً على عملاق النفط السعودي، حيث إنَّ ضعف الإقبال على الأسهم في السوق المحلية يعتبر مؤشراً سيئاً بالنسبة للفكرة ككل، وهو بالقطع ليس خافياً على طهران، إذ إن استمرار الوضع الراهن يشكل عبئاً متزايداً على النظام الإيراني، وهو ما يعول عليه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الأساس، والقراءة في كل مرَّة أقدمت فيها طهران على التصعيد، تشير إلى أن ذلك يأتي في إطار استراتيجية إيران القائمة على مبدأ "لو تم منعنا من تصدير النفط فلن يتمكن أي طرف آخر من تصدير نفطه".

وفي إطار الاستراتيجية نفسها يأتي الاحتمال القوي، وهو أن التصريح الإيراني التصعيدي في قصة استهداف الناقلة ما هو إلا رسالة إلى الحكومة السعودية -المنشغلة بترتيب أوراقها بالتوقيع على "اتفاق الرياض"، لمواجهة الانشقاق بجبهة التحالف في اليمن، وكذلك الإقدام أخيراً على طرح "أرامكو"- بأن طهران لن تسمح لأحد بأن يرتب ملفاته ويحقق ما يطمح إليه، في حين تعاني هي العقوبات الاقتصادية واستهداف نفوذها الإقليمي (إيران أعلنت أن ما يجري في لبنان والعراق مؤامرة أمريكية-إسرائيلية-سعودية).

علامات:
تحميل المزيد