قال موقع Al-Monitor الأمريكي، إن كلاً من روسيا ومصر تعملان على تعميق وتوسيع التعاون العسكري والتقني بينهما. ففي الفترة من 27 أكتوبر/تشرين الأول وحتى 7 نوفمبر/تشرين الثاني، استضاف مركز التدريب التكتيكي التابع لقوات الدفاع الجوي المصرية بالقرب من القاهرة تدريبات عسكرية مشتركة، أطلق عليها اسم "سهم الصداقة 1".
التعاون العسكري يتوسّع
مناورات مشتركة: ولأكثر من عام، كان نشاط الطائرات الروسية بالقواعد الجوية المصرية سبباً لإثارة التكهنات حول احتمالات إنشاء قاعدة عسكرية روسية على الأراضي المصرية. فقبل عامين فقط، أقرت موسكو والقاهرة مسودة اتفاقية "من شأنها أن تسمح لكل جانب باستخدام المجال الجوي والقواعد الجوية للطرف الآخر". لكن لم يتضمن ذلك إنشاء قاعدة عسكرية في حد ذاته، لكنه ساهم إلى حد كبير في توسيع التعاون العسكري بين البلدين.
ومنذ عام 2015، أجرت روسيا ومصر مراراً مناورات مشتركة لمكافحة الإرهاب للقوات البحرية والمحمولة جواً. وفي أواخر شهر أغسطس/آب، شهدت منطقة ريازان أوبلاست في روسيا مناورات "المدافعين عن الصداقة"، التي يشارك فيها مظليون روس وبيلاروس ومصريون، ووفقاً لبعض الأقوال، فإن المناورات تشمل عادة مهام استعادة السيطرة على أحد المطارات الذي استولى عليه المسلحون.
"سهم الصداقة": مع ذلك، أصبحت "سهم الصداقة 1" أول مناورات عسكرية لقوات الدفاع الجوي الروسية والمصرية. وكانت المناورات السابقة متمثلة في المدفعية المضادة للطائرات من وحدات مختلفة من مناطق فولغوغراد، وكراسنودار كراي، وأوسيتيا الشمالية، وشبه جزيرة القرم.
وسبق عملية التدريب رسمياً على الهجوم المضاد في مواجهة الضربات الجوية الشديدة التي يشنها العدو مرحلة تحضيرية دامت أسبوعين. ففي الأول من نوفمبر/تشرين الثاني، دمرت الوحدات المدمجة مروحيات العدو بعد أن هاجموا، بحسب السيناريو الموضوع، وحدات الدبابات المصرية أثناء مسيرة عسكرية.
أهداف محتملة: وبحسب ما قاله الجيش، فإن المناورات التي شملت طائرات حربية ومروحيات مصرية ومركبات برية عسكرية روسية لم تستهدف أي أهداف تابعة لدولة ثالثة. ومع ذلك، لفت بعض المراقبين العسكريين الروس الانتباه إلى حقيقة أن شرائح العرض قد أظهرت مقاتلات أمريكية من طراز F-22 Raptor وطائرات CH-47 Chinook وصواريخ كروز والقنابل الموجهة بالليزر بوصفها أهدافاً محتملة لروسيا ومصر.
ولا بد للسيناريو العسكري أن يكون معقولاً دائماً. ومع ذلك، وبالنظر لوجود صواريخ الدفاع الجوي الروسية من طراز Buk-M2E وTor-M2E وKub وصواريخ الدفاع الجوي المحمولة من طراز Igla-S وShilka-M4 ونظام صواريخ أرض جو Pechora S-125 تحت تصرف مصر، فإن هذا هو أفضل مثال على تنامي الشراكة الاستراتيجية بين البلدين على أساس المصالح المشتركة.
ما الذي تريده روسيا من مصر؟
موطئ قدم أكثر رسوخاً: في الواقع، تسعى روسيا إلى بناء شبكة من التحالفات لتأمين موطئ قدم أكثر رسوخاً على النطاق الإقليمي. وفي هذا السياق، تؤدي مصر دوراً مهماً. وتمتلك القاهرة تاريخاً من استضافة المنشآت العسكرية السوفيتية على أراضيها، وهو ما يعتبر -بالنظر إلى الوضع الجيوسياسي الحالي- شرطاً أساسياً لروسيا لإعادة تأكيد نفسها في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وعلاوة على ذلك، فإن مصر تتفق مع رؤية روسيا فيما يخص الشأن السوري، ومصر، بطريقة ما، هي الطريق المؤدي لمصالح روسيا في ليبيا.
دعم حفتر: وهكذا، فقد أعقب الأخبار المتداولة في عام 2016، حول أن جهاز الاستخبارات العسكرية الخارجية الروسي درب قوات الأمن المصرية خلال حملة "مكافحة الإرهاب في سيناء"، ظهور تقارير تفيد بأن خليفة حفتر كان يتلقى معلومات استخبارية من الجيش الروسي المتمركز في مصر.
تنويع مصادر: وفي المقابل، تعتبر مصر روسيا مزوداً موثوقاً به للخبرة العسكرية، ومورداً بديلاً للمعدات، لتنويع مصادرها بدلاً من الاعتماد على الولايات المتحدة فقط. فمثلما ذكر موقع Al-Monitor في وقت سابق، علقت الولايات المتحدة بانتظام نقل مجموعات من قطع غيار الدبابات أو خدمة الطائرات المروحية الأمريكية من طراز بوينغ AH-64D أباتشي، والتي تشغلها أسراب خاصة من القوات الجوية المصرية، إلى مصر، لأسباب سياسية.
هل ينعكس هذا التطور على استئناف رحلات الطيران؟
رحلات الطيران: أُعلن عن مناورات "سهم الصداقة 1" العسكرية المشتركة، في يناير/كانون الثاني 2019. إلا أن المناورات قد تزامنت رمزياً مع حدثين: ذكرى تحطم الطائرة الروسية A321 فوق شبه جزيرة سيناء، وتعهد تنظيم ولاية سيناء بالولاء لأبي إبراهيم الهاشمي القرشي. وفي عام 2015، أسفرت الكارثة الجوية عن قرار موسكو بوقف حركة النقل الجوي المدني إلى مصر إلى أن تتمكن سلطات الدولة المصرية من ضمان التأمين الكافي. وفي الآونة الأخيرة، أقسم تنظيم ولاية سيناء، وهو فرع لتنظيم الدولة الإسلامية في مصر، على الولاء للزعيم الجديد الذي سيتولى قيادة التنظيم. ومنذ عام 2015، تتدرب جيوش الدولتين على مكافحة الإرهاب بانتظام، لكن رحلات الطيران إلى المنتجعات المصرية لم تستأنف بعد. ولم يؤد الاجتماع بين الرئيسين فلاديمير بوتن وعبدالفتاح السيسي، على هامش قمة روسيا-إفريقيا، في سوتشي، إلى تحقيق تقدم كبير في هذه القضية أيضاً.
المماطلة: في غضون ذلك، يُعتقد في روسيا بشكل عام أن المماطلة في الأمر تشكل جزءاً من سياسة موسكو المتعمدة. فالقاهرة حريصة بشدة على استئناف الرحلات الجوية المباشرة، إذ يشكل السياح الروس نسبة كبيرة من زوار مصر، التي تعتمد بشدة على السياحة. وقد يكون لدى روسيا عدة أسباب لعدم التسرع في رفع الحظر المفروض على الرحلات الجوية السياحية. فموسكو تحتاج إلى التأكد مما إذا كانت مصر تلبي متطلبات السلامة. مع ذلك، قد تكون مسألة استئناف الرحلات على جدول الأعمال خلال المساومات الخفية بين الدول، بما في ذلك شراء الخطوط الجوية المصرية لطائرات SSJ-100.
مساومات: قد يكون هذا النوع من المساومات متوافقاً مع نظام العلاقات الذي تبنيه روسيا ومصر. فمن ناحية، تحاول مصر التخلص من الناتو العربي الذي أعلنه دونالد ترامب، والذي قد يكون محفوفاً بخفض المساعدات المالية من الولايات المتحدة وكذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. وتواجه القاهرة أيضاً موقفاً غامضاً لدى بعض المصنعين الأوروبيين. فهم يشعرون بالقلق من احتمال استخدام أسلحتهم لقمع الاحتجاجات على ضوء ما يرون أنه نظام ديكتاتوري جديد في القاهرة وهو ما يدفعهم للامتناع عن إبرام عقود عسكرية مع مصر.
من ناحية أخرى، بالنظر إلى احتمال فرض عقوبات على عمليات نقل الأسلحة من روسيا بموجب قانون "مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات"، يمكن أن تتفاوض القاهرة مع موسكو للحصول على صفقات أفضل بشأن بيع المعدات العسكرية الروسية، بما في ذلك شراء المقاتلات النفاثة Su-35 التي يُزعم أنها تجري الآن.