لا تستطيع حجبه عن 10 ملايين مواطن.. كيف أعادت السعودية توظيف عالم تويتر وفقاً لرغبات ولي العهد الخاصة؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/11/08 الساعة 15:28 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/11/08 الساعة 18:47 بتوقيت غرينتش
السعودية لا تستطيع حجب تويتر عن 10 ملايين مواطن، لكنها تستطيع إعادة توظيفه لصالح سياساتها/ عربي بوست

في السعودية، حيث لا تتيح الثقافة شبه المنغلقة سوى قليل من المنصات العامة ليناقش فيها المواطنون السياسة والأخبار، أصبح "تويتر" يمثل ساحة المدينة التي يجتمع فيها المواطنون لتبادل المعلومات والآراء حول آخر القضايا.

ولم تحظر السعودية، التي تطبّق نظام الملكية المطلقة، موقع التدوينات القصيرة الأضخم في العالم، لكنها اتخذت إجراءات موسعة لتشكيل المعلومات التي تظهر على صفحاته، وكذلك إسكات أصوات المعارضين الذين ينشرون انتقاداتهم على هذه المنصة، أو التعتيم عليها. 

وسلَّط اتهام وزارة العدل الأمريكية، الأربعاء 6 نوفمبر/تشرين الثاني، موظفين سابقين في "تويتر" بالتجسس لحساب السعودية، الضوء على أحد جوانب الإجراءات الهائلة التي تتبناها المملكة لتشكيل ما يراه مواطنوها على صفحات هذه المنصة.

لماذا يحظى تويتر بأهمية كبيرة في السعودية؟ 

  • المساحة الأكبر: تقول صحيفة The New York Times الأمريكية، إن السعودية لا توفر أية مساحات عامة يمكن أن يتجمع المواطنون فيها لمناقشة الأخبار والسياسة. إلى جانب أنَّ وسائل الإعلام في المملكة إما تسيطر عليها الدولة وإما تمتلكها؛ وهو ما يجعل نطاق الآراء التي تطرحها محدوداً.   
  • لكن كثيراً من المواطنين السعوديين يمتلكون عدة هواتف نقالة وخدمة إنترنت سريع؛ وهو ما دفعهم إلى استخدام "تويتر" للتواصل بعضهم مع بعض ومع العالم الخارجي.
  • 10 ملايين مستخدم: وهذا منح المملكة واحدة من أضخم ساحات "تويتر" في العالم.  فوفقاً لتقرير حديث، يوجد في السعودية 9.9 مليون مستخدم نشط على تويتر؛ وهو ما يجعلها رابع أعلى دولة من حيث عدد المستخدمين، تالية للولايات المتحدة وبريطانيا واليابان. لكن من حيث النسبة المئوية لعدد السكان مستخدمي تويتر، تحتل السعودية المركز الأول بنسبة 37% مستخدم من سكانها، مقارنة بـ18% في الولايات المتحدة.
  • وقد يبدو أنَّ جميع من في السعودية يستخدمون "تويتر"؛ سواء كانوا رجال دين بارزين، أو صحفيين معروفين، أو مشاهير التلفزيون، وحتى العاهل السعودي الملك سلمان، البالغ من العمر 83 عاماً، الذي لديه 7.8 مليون متابع.
  • المنصة التي قُتل بسببها خاشقجي: وكان جمال خاشقجي، الكاتب السعودي المعارض الذي قُتِل على أيدي عملاء سعوديين في إسطنبول العام الماضي، يتابعه 1.6 مليون حساب قبل وفاته؛ وهو ما سمح له بنشر آرائه حتى بعد أن مُنِع من الظهور في وسائل الإعلام السعودية. ومن ثم، فقد يكون أسهم خط تواصله المباشر هذا مع إخوانه السعوديين، والذي عجزت المملكة عن عرقلته، في مقتله.
  • ساحة معركة: ونظراً إلى الأهمية الكبيرة التي تحظى بها هذه المنصة، تحوَّل تويتر إلى ساحة معركة رئيسية بين الحكومة السعودية، التي تستخدمها لترويج سياسات المملكة، ومجموعة من المعارضين في الداخل والخارج، يستخدمونها لنشر انتقاداتهم للسياسات الحكومية ودعواتهم إلى الإفراج عن المعتقلين السياسيين.

كيف تتعامل الحكومة السعودية مع تويتر؟

  • عكس الحكومات الاستبدادية الأخرى، في إيران أو الصين على سبيل المثال، لم تمنع المملكة العربية السعودية مواطنيها من الوصول إلى تويتر، وقد يكون هذا لأنها تعتبره صمام تنفيس ضغط مفيداً وغير ضار نسبياً للمجتمع. لكن ما فعلته المملكة في المقابل، على حد قول النقاد والباحثين، هو الاستثمار في مجموعة من الأساليب، للسيطرة على ما يراه السعوديون عند استخدامهم للمنصة.
  • تكتيكات صعبة: وتتراوح هذه الأساليب ما بين تكتيكات صعبة؛ مثل اعتقال شخصيات بارزة على تويتر تنتقد الحكومة أو تقديمها للمحاكمة، وجهود بسيطة مثل الترويج للتغريدات "الإيجابية" والعمل على تهميش الآراء "السلبية".
  • وفي هذا الصدد، قال أليكسي أبراهامز، زميل باحث بمختبر Citizen Lab في جامعة تورونتو الكندية: "لا يمكنهم حقاً حجب هذه المواقع من جانب الخادم؛ لذا يتعين عليهم الدخول إلى هذه المساحة… وإذا ضخّوا ما يكفي من الموارد، فربما تصبح وسائل التواصل الاجتماعي أكثر فائدة للنظام منها للمعارضة. لست متأكداً من أننا وصلنا لهذه المرحلة بعد، لكنها ليست بعيدة".
  • صنعت بيئتها الخاصة: وأوضح أبراهامز أنَّ الحكومة السعودية، سعياً لتشكيل بيئة الإنترنت وفق رغبتها، نظمت جيوشاً من حسابات تويتر للترويج للمحتوى المؤيد للحكومة ومهاجمة الأصوات المعارضة. 
  • الذباب الإلكتروني: ووفقاً لتحقيق نشرته صحيفة The New York Times الأمريكية العام الماضي، قد تكون هذه حسابات آلية، تُعرَف باسم بوتات (روبوتات) الإنترنت، أو حسابات يديرها أشخاص يعملون لحساب الحكومة السعودية ويستخدمون تويتر استخداماً ممنهجاً.
  • التضليل: وبالعمل معاً، بإمكان هؤلاء الموظفين الترويج لحسابات أو هاشتاغات تشيد بقيادة المملكة لإضعاف الانتقادات؛ وهو ما سيؤدي في النهاية إلى تغيير المحتوى الذي يتعرض له المواطن السعودي على الإنترنت. وقال أبراهامز: "ويمكنك حينها أن تجعل الرأي العام يبدو كأنه يميل لصالح النظام". 

على الجانب الآخر.. كيف تستخدم المعارضة السعودية تويتر؟

  • المتنفَّس الوحيد: يستخدم المعارضون السعوديون، الذين يقيم كثيرٌ منهم في الخارج، منصة "تويتر" لتوصيل آرائهم إلى مواطني دولتهم داخل المملكة. وتتألف هذه المعارضة من نشطاء حقوق الإنسان الذين يتتبعون حملات الاعتقال، والمنشقين مثل عمر عبدالعزيز الذي يعيش في كندا وينشر مقاطع فيديو متكررة لنفسه وهو يعلّق على الأحداث الجارية وينتقد السياسات السعودية.
  • وحاولت الحكومة السعودية إغلاق هذه الحسابات، إذ يقول عمر عبدالعزيز إنَّ السلطات السعودية احتجزت أشقاءه في المملكة للضغط عليه لإسكاته، وأرسل كذلك الديوان الملكي مبعوثين إلى كندا، لمحاولة إقناعه بالعودة إلى البلد والعمل لحساب الحكومة، لكنه رفض.
  • تجنيد الجواسيس: وتتبعت المملكة أيضاً أصحاب حسابات مجهولة، ويبدو أنَّ هذا هو سبب سعيها لتجنيد جواسيس داخل تويتر.
  • يشار إلى أنَّ المهندس علي الزبارة، أحد موظفَي تويتر السابقَين اللذين وجَّه إليهما الادعاء الفيدرالي الأمريكي هذا الأسبوع تهماً بالتجسس، كان لديه حق الوصول إلى المعلومات الشخصية للمستخدمين. أما المتهم الآخر أحمد أبو عمو، فكان يتمتع بصلاحية الاطلاع على عناوين البريد الإلكتروني للمستخدمين وأرقام هواتفهم، وهي معلومات حساسة يمكن أن تساعد الحكومة على كشف هوية الأشخاص الذين يديرون حسابات مجهولة على المنصة.
  • وترك الموظفان عملهما بـ "تويتر" في 2015، ولم تُكتشَف أية محاولات أخرى من المملكة لاختراق شبكات التواصل الاجتماعي. 
  • آلاف البوتات: وأثار مقتل جمال خاشقجي، الكاتب في صحيفة The Washington Post الأمريكية الذي انتقد القيادة السعودية، انتباه المجتمع الدولي نحو الجهود السعودية لإسكات المعارضين. ويبدو أنَّ المملكة لا تزال تعمل على الفضاء الإلكتروني لترويج آرائها. فيقول الباحث أبراهامز: "ما تزال هناك آلاف البوتات على تويتر". 
تحميل المزيد