منذ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سحب القوات الأمريكية من شمالي سوريا، وتعرُّضه لانتقادات حادة من جميع الأطراف داخل وخارج واشنطن، بمن فيهم زعماء حزبه الجمهوري، أطلق ساكن البيت الأبيض سلسلةً من التغريدات ضد الأكراد، أبرزها أنهم تلقّوا مبالغَ ضخمة من إدارته مقابل محاربتهم لداعش، فما حقيقةُ كلام ترامب في مسألة الأموال؟
ماذا قال ترامب تحديداً؟
يوم الإثنين 7 أكتوبر/تشرين الأول، قال ترامب عبر تويتر، في معرض دفاعه عن قراره بالانسحاب من شمالي سوريا: "… الأكراد حاربوا معنا (ضد داعش)، لكننا دفعنا لهم مبالغ مالية ضخمة، وأعطيناهم معدات كي يفعلوا ذلك (يحاربوا)".
كم دفعت واشنطن للأكراد بالتحديد؟
السؤال هو: ماذا تعني "المبالغ المالية الضخمة"؟ وسائل الإعلام الأمريكية قدَّمت الإجابة من خلال البنتاغون. شبكة سي إن إن نشرت تقريراً مفصلاً حول تصريح الرئيس بعنوان: "ترامب يقول إن الولايات المتحدة قدَّمت مساعدات ضخمة للأكراد، فما الحقيقةُ؟"
قدَّمت الولايات المتحدة بعضَ المعدات العسكرية والأسلحة للقوات الكردية، ودفعت رواتبَ شهرية تراوحت بين 100 و400 دولار شهرياً لكل مقاتل، ورغم أن وصف "ضخمة" مُبهم وغير محدد القيمة، فإن المبلغ السنوي الذي تلقّاه الأكراد يُعتبر أقل بكثير من مليارات الدولارات التي يقدمها البنتاغون سنوياً في هيئة مساعدات عسكرية لدول أخرى، بحسب تقرير "سي إن إن".
وبحسب ما تكشفه خدمة البحث التابعة للكونغرس، أنفقت الولايات المتحدة 28.5 مليار دولار في الحرب على داعش في سوريا والعراق، منذ بدايتها في 2014 وحتى سبتمبر/أيلول من العام الماضي، وقد كان للقوات الكردية على الأرض الدور الرئيسي في تلك الحرب.
وقالت ميليسا دالتون زميل أول في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن لسي إن إن "إنه خلال العام المالي 2017، عندما بدأت الولايات المتحدة تمويل القوات الكردية بشكل مكثف لمحاربة تنظيم الدولة هناك، وحتى العام المالي الحالي 2019، أنفقت الولايات المتحدة ما قيمته 1.4 مليار دولار في صورة تدريب ومعدات وأسلحة ورواتب لهؤلاء الشركاء".
وأضافت دالتون أن تلك الأموال "ساهمت بشكل مباشر في زيادة قدرات شركاء الولايات المتحدة المحليين في سوريا (قوات سوريا الديمقراطية)، على إنهاء سيطرة الدولة الإسلامية على الأرض بشكل كامل". وتمثل قوات حماية الشعب الكردية "قسد" القوام الأعظم من قوات سوريا الديمقراطية.
وقد طلب ترامب 300 مليون دولار في موازنة العام 2020 "لمواصلة تجهيز والحفاظ على قوات شركائنا في سوريا"، ويشمل ذلك المبلغ 3000 بندقية كلاشنيكوف وذخائر وقنابل يدوية ومتفجرات وبلدوزرات وعربات غير تكتيكية، إضافة للرواتب الشهرية التي تتراوح بين 100 و400 دولار.
ما هي تكلفة الحرب على داعش؟
هنري باركي، مساعد زميل أول في دراسات الشرق الأوسط بمجلس العلاقات الدولية، أخبر سي إن إن "أن الموقف في المعسكرات التي تديرها القوات الكردية في سوريا يناقض ادعاءات الرئيس (ترامب) بأن الأكراد تلقوا مبالغ مالية ضخمة"، وأشار إلى معاناة القوات الكردية من أجل حراسة وإدارة معسكرات السجون المعتقل فيها مقاتلو داعش وأسرهم، وذلك بسبب نقص الأموال.
معسكر الهول أحد تلك المعسكرات، يوجد فيه نحو 70 ألف شخص، منهم نحو 30 ألف لا يزالوان يدينون بالولاء لتنظيم داعش، ويخشى قادة قوات سوريا الديمقراطية من إمكانية سيطرة هؤلاء على المعسكر بالفعل، بحسب تقرير لصحيفة واشنطن بوست، مطلع أكتوبر/تشرين الأول الجاري، أي قبل تصريحات ترامب بشأن المبالغ المالية الضخمة.
وفي الأول من أغسطس/آب الماضي، قال السفير جيمس جيفري، المبعوث الخاص للتحالف الدولي لهزيمة داعش إن حوالي 10 آلاف إرهابي مقاتل محتجزون في شمال شرقي سوريا من جانب قوات سوريا الديمقراطية، مع مساعدة بسيطة من الولايات المتحدة.