سنصوّت بدلاً منكم.. السلطة الفلسطينية تلجأ إلى «الطريقة القبرصية» لاستبعاد غزة من الانتخابات المقبلة

عربي بوست
تم النشر: 2019/10/16 الساعة 14:16 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/10/16 الساعة 15:26 بتوقيت غرينتش
الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية (أرشيف)/رويترز

الانتخابات على الطريقة القبرصية، كان هذا محور اقتراح ناقشته السلطة الفلسطينية عن إجراء الانتخابات في الضفة الغربية فقط دون غزة.

 فقد ناقش آخر اجتماع للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير برئاسة الرئيس محمود عباس، إجراء انتخابات فلسطينية وفق النموذج القبرصي، حيث تجري الانتخابات في قبرص اليونانية فقط، التي تعتبرها نيقوسيا ممثِّلة لكلّ القبارصة.

ويقضي الاقتراح بتعميم هذا النموذج على الأراضي الفلسطينية، بحيث تجري الانتخابات في الضفة الغربية باعتبارها الانتخابات العامة التي تمثل الكلّ الفلسطيني، وتتجاهل قطاع غزة، وهو ما سيشكل صدمة لحماس، ويسحب منها ورقة شرعية المجلس التشريعي الذي تتمسك به، كما يرى أصحاب الاقتراح.

صحيح أن السلطة الفلسطينية لم تناقش علناً هذا الاقتراح، لكن الشارع الفلسطيني انشغل به في الأيام الأخيرة، مما قد يعني إمكانية تنفيذه.

من صاحب الاقتراح وما هدفه؟

  تهدف هذه الخطوة لجعل حماس معزولة كلياً، وإخراجها من النظام السياسي الفلسطيني بطريقة انتخابية معترف بها دولياً.

صحيفة الأخبار اللبنانية كشفت في العاشر من الشهر الجاري، أن أحمد مجدلاني، وزير الشؤون الاجتماعية، وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وأحد المقربين من الرئيس الفلسطيني، اقترح الذهاب إلى انتخابات تشريعية فلسطينية وفق النموذج القبرصي، حيث تجري الانتخابات في قبرص اليونانية، لكنها تُعدّ ممثِّلة لكلّ القبارصة، وهو يطالب بإجراء الانتخابات في الضفة الغربية وحدها، باعتبارها الانتخابات العامة التي تمثل الكلّ الفلسطيني، مع تجاهل قطاع غزة في العملية.

القاهرة تحاصر غزة/رويترز

ويشير هذا الاقتراح إلى مصداقية مخاوف حماس من دعوة عباس الأخيرة الخاصة بالانتخابات.

وتتلخص مخاوفها في أنه يسعى لإقصائها من الحلبة السياسية من خلال صندوق الاقتراع الذي أتت عبره، وحصلت من خلاله على الشرعية الدستورية، لكنه هذه المرة سيخرجها من حيث دخلت، عبر عملية ظاهرها ديمقراطية، وباطنها إقصائية.

حماس ترد بالدعوة لانتخابات رئاسية أيضاً

واصل أبو يوسف، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، قال لموقع "عربي بوست"، إن "اجتماع اللجنة التنفيذية المذكور ناقش العملية الانتخابية من كل جوانبها، وهذا الاقتراح الخاص بالنموذج القبرصي طرحه أحد أعضاء اللجنة، لكنه غير ملزم للقيادة الفلسطينية، نحن نأمل مشاركة الكل الفلسطيني في هذه الانتخابات، بحيث تمثل توافقاً وطنياً فلسطينياً عاماً".

وليس سراً أن حماس تفاجأت من إعلان عباس عن الدعوة للانتخابات من على منصة الأمم المتحدة، أواخر سبتمبر/أيلول، دون تنسيق مسبق معها، بل وسعى لحشد تأييد عربي رسمي، مما جعل الحركة حائرة، هل هذه دعوة جدية أم مجرد مناورة لجس نبضها.

واللافت أن حماس أصدرت مواقف واضحة تؤيد إجراء الانتخابات في حال كانت شاملة وعامة، تشريعية ورئاسية، دون أن تعلن رفضاً واضحاً لها.

وتقول إنها بلطجة سلطوية

يحيى موسى رئيس لجنة الرقابة وحقوق الإنسان في المجلس التشريعي الفلسطيني، والقيادي في حماس، قال لـ "عربي بوست" إن "النموذج القبرصي الذي يتزايد الحديث بشأنه في أوساط السلطة الفلسطينية، يتعارض مع القوانين الفلسطينية، سواء القانون الأساسي أو قانون الانتخابات.

وأضاف أنه نموذج غير دستوري وليس مقبولاً، بل يعتبر عربدة سياسية وبلطجة سلطوية، نحن لن نتعاطى مع نماذج مستوردة من خارج الحدود الفلسطينية، ولها خلفياتها التاريخية والسياسية، وهي مختلفة عن حالتنا الوطنية الفلسطينية".

وقال إن "عباس من خلال استماعه لمثل هذه الأطروحات التي تتجاوز قطاع غزة إنما يستمر في نهجه القائم على حصار غزة ومحاربة الموظفين واغتصاب السلطة، رغم عدم شرعيته القانونية والدستورية، حسب تعبيره.

واعتبر "أن النموذج القبرصي الذي تتحدث عنه السلطة الفلسطينية لتجاوز غزة وحماس تعبير عن حالة منفلتة وغير منضبطة بمنطق قانوني وطني شرعي".

وختم بالقول إن "لدينا قناعة بأن السلطة وحدة واحدة، والانتخابات يجب أن تتم في كل مناطق السلطة الفلسطينية، ولجنة الانتخابات المركزية ملتزمة بقانون، ولا يجب أن يتم البحث عن نماذج خارجية، إلا إن كان وصفة لتزوير الانتخابات وإرادة الشعب الفلسطيني، والانقلاب عليه".

إنه لا يريد عزل حماس فقط بل الجبهتين الشعبية والديمقراطية أيضاً

تعتقد حماس أن عباس لن يتورع عن الذهاب إلى أي خطوة من شأنها استبعاد الحركة من النظام السياسي الفلسطيني، بدليل أنه يعطل كل مبادرات المصالحة، وينتهج بدلاً منها سياسة الإقصاء والعزل ليس فقط تجاه حماس، بل ضد قوى منظمة التحرير كالجبهتين الشعبية والديمقراطية لتحرير فلسطين، وبعض أوساط فتح التي يقودها.

ويُنظر للنموذج القبرصي الذي يعتقد أن السلطة الفلسطينية تسعى لتسويقه بأنها خطوة ستؤدي لتعزيز الانقسام الجغرافي بين قطاع غزة والضفة الغربية، بحجة عدم القدرة على إجراء الانتخابات، وقد يكون خطوة واضحة باتجاه تكريس الانفصال.

نافذ المدهون، الخبير القانوني، وأمين عام المجلس التشريعي، قال لموقع "عربي بوست" إن "النموذج القبرصي الذي يجري تسريبه بين حين وآخر هو خطوة مخالفة لأبسط مبادئ القانون والديمقراطية، فلدينا قانون الانتخابات نص بشكل واضح على تقسيم الدوائر الانتخابية في جميع الأراضي الفلسطينية، فكيف يتم حرمان 40% من أبناء الشعب الفلسطيني من ممارسة حقهم في السلوك الديمقراطي، وفق النموذج القبرصي الذي يختلف عن الحالة الفلسطينية".

ومعلومات بأن عباس يحشد الدعم الدولي وقد يلجأ للجامعة العربية 

"هناك معلومات تفيد بأن عباس بدأ يحرض الدول العربية والمجتمع الدولي ضد حماس في غزة، ويعمل على استصدار قرار من الجامعة العربية لإجبار حماس على خوض الانتخابات بالنموذج الذي يسعى إليه"، حسب المدهون.

من الواضح أن عباس قد يعمل على تنفيذ هذه الخطوة، ويقدم عليها، لأنه لا يهتم كثيراً بالجانب القانوني.

معلومات عن أن عباس ينوي العمل على استصدار قرار من الجامعة العربية لإجبار حماس على خوض الانتخابات بالنموذج الذي يسعى إليه/رويترز

وهناك من يرى أن هذه الخطوة جزء من صفقة القرن الساعية نحو تكريس الانقسام بين الضفة وغزة، بحجة عدم مشاركة حماس في الانتخابات.

مع العلم أن إجراء الانتخابات في الضفة دون غزة وفق النموذج القبرصي المشار إليه، سيعني بالضرورة غياب الفرص المتكافئة بين المرشحين لممارسة الدعاية الانتخابية من جهة، ومن جهة أخرى عدم توفر أي رقابة على عمليات فرز الصناديق، مما سيعني عملياً إخراج نتائج معدة سلفاً تفيد بفوز فتح، وهزيمة حماس، وفي هذه الحالة، يتم طيّ صفحتها من الشرعية الدستورية التي حصلت عليها في انتخابات 2006.

تحميل المزيد