خلال مؤتمر صحفي يوم الأربعاء، 9 أكتوبر/تشرين الأول 2019، ذكر الرئيس دونالد ترامب أن الأكراد لم ينضموا إلى الولايات المتحدة خلال عملية إنزال نورماندي عام 1944 وذلك خلال دفاعه عن سحب القوات الأمريكية من شمال سوريا، مما فتح لتركيا ممراً واضحاً للهجوم على الأكراد.
وقال ترامب عند سؤاله إن كان تخلِّيه عن الأكراد قد يجعل من الصعب على الولايات المتحدة اكتساب الحلفاء في المستقبل: "الآن الأكراد يقاتلون من أجل أراضيهم، هذا ما تفهمونه من الأمر. ولكن كما كتب شخص ما في مقالة قوية جداً اليوم، فإنهم لم يساعدونا في الحرب العالمية الثانية، ولم يساعدونا في نورماندي"، مشيراً إلى المقال المنشور على الموقع الإلكتروني اليميني Townhall.
تقرير لشبكة سي إن إن الإخبارية حاول الإجابة عن السؤال الذي شغل الكثيرين عقب تصريحات ترامب، ما علاقة الأكراد بنورماندي وهل كان بمقدورهم فعلاً دعم أمريكا في الحرب العالمية الثانية؟
لم يكونوا قادرين أصلاً
الحقائق أولاً: الكيان الكردي لم يساعد الولايات المتحدة خلال الحرب العالمية الثانية، أو نورماندي تحديداً، ولكن ذلك لأنهم كانوا غير قادرين على ذلك.
يتألف الأكراد من قبائل وعائلات مختلفة تعيش بشكل أساسي في كردستان، المنطقة الممتدة عبر خمس دول: إيران، والعراق، وسوريا، وتركيا وأرمينيا. وخلال الحرب العالمية الثانية، لم تكن هناك حكومة كردية في أي من تلك الدول، لذا لم تكن هناك طريقة يمكنهم من خلالها مساعدة الولايات المتحدة في نورماندي أو أي معركة أخرى.
وقال خبراء CNN إن الأكراد لم يكونوا (ولم يصبحوا حتى الآن) دولة قومية، لذا لم تكن هناك طريقة تمكنهم من دخول الحرب. ومع ذلك، بسبب انتقال بعض الأكراد إلى الاتحاد السوفييتي عقب الحرب العالمية الأولى وسقوط الإمبراطورية العثمانية، قاتل بعض الأكراد إلى جانب الاتحاد السوفييتي ضد دول المحور، بحسب ما ذكرت صحيفة The New York Times.
وقال هنري باركي، الزميل المساعد في قسم دراسات الشرق الأوسط في مجلس العلاقات الخارجية، لشبكة CNN، إن دخول الحرب كان مستحيلاً بالنسبة للأكراد.
وقال باركي: "لم يكن هناك كيان كردي، أو سلطة سياسية كردية. مثل العديد من الأشخاص الآخرين الذين لم يكن لديهم دولة، لم يكن من الممكن للأكراد مساعدة الولايات المتحدة".
وقال مايكل روبن، الخبير في شؤون الشرق الأوسط والباحث المقيم في مركز الأبحاث المحافظ بالمعهد الأمريكي لأبحاث السياسة العامة: "الحرب العالمية الثانية كانت حرباً بين الدول والأكراد لم يكونوا دولة؛ لذا من غير المنطقي استخدام تلك الحجة".
تسليحهم كان البنادق القديمة
ووفقاً لبرايان جيبسون، الخبير في كردستان وأستاذ التاريخ المساعد في جامعة هاواي باسيفيك، إنه في ذلك الوقت، أي كردي مسلّح لم يكن لديه أي معدات عسكرية باستثناء البنادق أو ربما بنادق آلية قديمة. لم تكن لديهم دبابات أو طائرات أو أي نوع من المدافع.
وقال جيبسون: "كانت الولايات المتحدة تمتلك قنابل طويلة المدى، ومدافع ثقيلة، ودبابات. بينما الأكراد كان أقصى ما لديهم بعض السيارات".
كانوا منعزلين عن العالم.. كما أشار جيسبون إلى أن العديد من الأكراد كانوا منعزلين عن الأجزاء الأكبر من مجتمعهم في ذلك الوقت، وقال: "إننا نتحدث عن مجموعة من الأشخاص يعيشون في جزء ناءٍ نسبياً من العالم اتصالاتهم مع الحداثة محدودة جداً".
أمريكا لم تطلب قط من الأكراد مساعدتها
لم تطلب الولايات المتحدة من الأكراد قط مساعدتها في عملية إنزال نورماندي أو في الحرب على الإطلاق. أكّد الخبراء الذين تحدثوا إلى CNN ذلك في كل مرة، ومع ذلك، إذا طلبت الولايات المتحدة مساعدة الأكراد، كان الأكراد سيلبون النداء.
وقال روبين، مشيراً إلى أن كل رئيس منذ جورج بوش الابن طلب من الأكراد مساعدته في قتال عدو مشترك: "عندما احتجنا إليهم وعندما طلبنا منهم المساعدة كانوا جاهزين، ودائماً ما كانوا يستجيبون لمطالبنا".
يُذكر أن قوات سوريا الديمقراطية، المجموعة المسلحة تحت القيادة الكردية والمدعومة من القوات الخاصة الأمريكية والبريطانية والفرنسية، تمكنت من هزيمة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) وتحرير شرق سوريا في شهر مارس/آذار. وخسرت قوات سوريا الديمقراطية 11,000 من قواتها، وقياداتها ومقاتليها أثناء حربهم مع داعش.
وقال جيبسون: "تبرير التخلي عنهم على أساس عدم مساعدتهم لنا خلال الحرب العالمية الثانية أمر شائن حقاً".