تشير النتائج الأولية التي خرجت من الانتخابات البرلمانية التي أجريت الأحد 6 أكتوبر/تشرين الأول 2019 في البلاد إلى أن حزب النهضة الإسلامي جاء في المرتبة الأولى، يليه حزب "قلب تونس" المنشأ حديثاً بقيادة رجل الأعمال المسجون نبيل القروي، الذي سيشارك في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية في 13 أكتوبر/تشرين الأول. وتطرح هذه النتائج الأولية 4 أسئلة رئيسة، سنجيب عن كل منها في هذا التقرير.
هل يصبح الغنوشي رئيساً للبرلمان؟
بحسب مركز استطلاعات الرأي Sigma Conseil فإن حزب النهضة حصل على 17.5%، وقلب تونس على 15.6%. وعلى النحو ذاته، أظهرت أيضاً نتائج Emhrod، وهي شركة أخرى لإجراء استطلاعات الرأي، أن حزب النهضة الذي يقوده راشد الغنوشي أتى في المقدمة بنسبة 18.3%، يليه حزب قلب تونس بنسبة 16.3%.
وتمكن الغنوشي، الذي يخوض الانتخابات البرلمانية للمرة الأولى منذ ثورة الياسمين في تونس عام 2011، من تأمين مقعد له في البرلمان. هذا قد يتيح له أن يصبح رئيس مجلس النواب، وهو المنصب الذي يُعتقد أنه لطالما طمح في الوصول إليه بعد أن ظل خارج الحكومة طوال تلك السنوات.
هل يتقاسم النهضويون مع "قلب تونس" السلطة؟
يقول Al-Monitor الأمريكي بما أنه لا يبدو أن أي حزب سيفوز بالمقاعد البالغ عددها 109 المطلوبة في المجلس التشريعي المؤلف من 217 لكي يقود الحكومة بمفرده، فإن هذا يعني أن البلاد سيقودها ائتلاف حاكم مرة أخرى.
ومن ثم فإن سؤالاً رئيساً يطرح نفسه هنا حول ما إذا كان بإمكان الخصمين اللذين شهدت الانتخابات منافسة مريرة بينهما، وهما: النهضة، وقلب تونس، أن يتقاسما السلطة.
فقد سعى "قلب تونس" إلى تصوير أتباع النهضة على أنهم "متشددون إسلاميون"، في الوقت الذي أيّد فيه حزب النهضة سجن القروي بتهمة التهرب الضريبي وغسل الأموال. وبفرض توافقهما، فمن المرجح أن يظل الحزبان الرئيسان في حاجة إلى مقاعد حزبين أصغر على الأقل لتشكيل ائتلاف حاكم.
هل ستساعد الأحزاب الأصغر في تشكيل ائتلاف حاكم؟
أتى الحزب الذي يتزعمه سيف الدين مخلوف، أحد المحامين الإسلاميين والذي سبق له الدفاع عن مسلحين إسلاميين في قضايا، حزب الكرامة في المركز الرابع، وفقاً لاستطلاعات Sigma Conseil.
على الجهة الأخرى، فإن الانتخابات شهدت خسارة كبيرة لشركاء النهضة العلمانيين في الائتلاف السابق، فقد بلغت النسبة التي حصل عليها حزب نداء تونس 2.6%، حسب استطلاعات Emhrod. في الوقت الذي كان فيه أداء حزب تحيا تونس الذي يقوده رئيس الوزراء يوسف الشاهد، والذي انفصل عن نداء تونس في تنافس على السلطة، أفضل حالاً، فقد حقق الحزب نسبة 5.2%، وهو ما يمنح الحزب التابع للشاهد 17 مقعداً في ظل نظام التمثيل النسبي في تونس.
ومع ذلك، فإن استطلاعات الرأي لم تتضمن نتائج استطلاع للمواطنين التونسيين المقيمين في الخارج. ويبلغ عدد المقاعد المخصصة لأصوات التونسيين المهاجرين 18 مقعداً في البرلمان.
في السياق، يُنظر إلى الشاهد، وهو تكنوقراطي أخذ يدفع في اتجاه تطبيق إصلاحات "صندوق النقد الدولي" التي لا تحظى بشعبية، بوصفه شخصاً موثوقاً من جانب المانحين الغربيين في الوقت الذي تصارع فيه البلاد في مواجهة مشاكل اقتصادية هائلة، تشمل معدلات بطالة مرتفعة بين الشباب وزيادة في معدل التضخم وقطاع عام متضخم، وهذا على سبيل المثال لا الحصر.
ويُعتقد أن فشل الحكومة في تحسين مستويات المعيشة واستئصال الفساد المتفشي هو السبب الرئيس وراء دعم الناخبين لمرشحين من خارج النظام الحالي في انتخابات الرئاسة التي جرت في 15 سبتمبر/أيلول الماضي. وسيتنافس كل من أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد والقروي في 13 أكتوبر/تشرين الأول المقبل على مقعد الرئيس القادم للبلاد.
هل يتراجع القروي أمام النهضة؟
كان القروي قد اتهم الشاهد بوضعه خلف القضبان لحرمانه من الفوز في الانتخابات. وحل مرشح النهضة في المرتبة الثالثة في الانتخابات الرئاسية، في الوقت الذي جاء الشاهد ثامناً.
وبدا الشعور العام بالسخط على النظام السياسي في البلاد واضحاً، فقد بلغت نسبة المشاركة في الانتخابات البرلمانية نحو 41.3%، وهي نسبة تقل إلى حد ما عن نسبة الـ 45% ممن لهم حق التصويت التي أدلت بأصواتها في الانتخابات الرئاسية التمهيدية.
يبرز النجاح الذي حققته النهضة اليوم استمرار هيمنتها بوصفها أفضل الحركات تنظيماً في تونس. وتشير نتائج استطلاعات الرأي اليوم إلى أن القروي ربما يتراجع شيئاً فشيئاً، وأن قرار النهضة إعلان تأييدها لسعيد قد بدأ يؤتي ثماره.