تشهد تونس يوم الأحد 6 أكتوبر/تشرين الأول 2019، انتخابات تشريعية هي الثانية منذ صدور الدستور الجديد عام 2014. ورغم المسار الديمقراطي يعيش المواطنون التونسيون أوضاعاً اقتصادية واجتماعية صعبة. ولهذا يتوقع مراقبون أن يكون هناك تحول كبير في خيارات الناخبين.
وفي ظل غياب محكمة دستورية في تونس، يحذر العديد من القادة من خطر تشكيل برلمان بدون أغلبية أو ائتلاف محتمل. في مساء 6 أكتوبر/تشرين الأول، سيكون لمجلس نواب الشعب في تونس وجهٌ جديد. لكنه سيكون مشوهاً إذا صحت استطلاعات الرأي. فمنذ شهور ماضية، تشير نتائج مراكز استطلاعات الرأي إلى مشهد مُفتَّت محتمل أو بالأحرى "فسيفساء" كما توقع لطفي زيتون، المستشار السياسي السابق لرئيس حزب النهضة الإسلامي راشد الغنوشي.
ويسود المرحلة الأخيرة من الحملة الرسمية مناخ مضطرب كما تقول مجلة Le Point الفرنسية . إذ ظل زعيم حزب "قلب تونس"، المتصدر الثاني لاستطلاعات الرأي منذ شهر يونيو/حزيران الماضي، قيد الاحتجاز منذ 5 أسابيع، وستكون نتائج التصويت لحزبه، الذي دفع بمرشح في كل دائرة انتخابية، درساً مهماً قبل الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية المقررة في 13 أكتوبر/تشرين الأول.
أزمة الأحزاب السياسية.. الجولة الثانية
أظهرت الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية -أي دليل مؤيد بأرقام- رفض الناخبين للأحزاب التي تحكم تونس منذ 2011 (المجلس الوطني التأسيسي) وكذلك الذين جاءت بهم الانتخابات الرئاسية والتشريعية عام 2015. وهو الرفض الذي تنبأت به جميع استطلاعات الرأي.
إذ خسر زعيما الائتلاف الحاكم: عبدالفتاح مورو، مرشح حركة "النهضة"، الذي احتل المركز الثالث، وكذلك رئيس الحكومة يوسف الشاهد، الذي احتل المرتبة الخامسة بعد حصوله على أقل من 8% من الأصوات. أما نداء تونس، فبالكاد حصد بعض الأصوات.
إضافة إلى ذلك، أزاح المزاج الشعبي أحزاب المعارضة عن المشهد. إذ لم تتجاوز الأصوات التي حصل عليها حمة الهمامي زعيم تكتل الجبهة الشعبية (مجموعة من الأحزاب اليسارية المتطرفة) نسبة 1%.
ومن جانبه، يريد قيس سعيد، الذي تصدر نتائج الجولة بنحو 19% من الأصوات، أن يُجسِّد قيم ثورة 2011. وقال قيس، الذي أعلنت حركة النهضة دعمها له في الجولة الثانية من الانتخابات، إنَّ "الانتخابات التشريعية لم تهمه"، وأعرب عن رغبته في إلغاء انتخابه بالاقتراع العام المباشر من خلال مسؤولي المجالس البلدية المنتخبين، في حال انتُخِب. وهناك حزب واحد يستفيد من الزخم المحاط بقيس سعيد، وهو ائتلاف الكرامة، بزعامة المحامي سيف الدين مخلوف.
ففي ما يتعلق بمسألة الحريات الفردية، يتفق ائتلاف الكرامة مع قيس سعيد حول رفض المساواة بين الرجل والمرأة في الميراث، ورفض إلغاء عقوبة الإعدام، وتأييد الاستمرار في تجريم المثلية الجنسية. إلى جانب ذلك، يرغب "الكرامة" في تحديث اقتصاد البلاد ورقمنته، ويرى أنَّ فرنسا تحتل تونس وتسرق ثروتها. وقد يكون هذا الائتلاف المفاجأة الضخمة التي ستأتي بها الانتخابات التشريعية.
خمسة أحزاب بين 6 و19%
يتطلب الاستقرار البرلماني في تونس ائتلافاً يضم 109 نواب، وهو عدد النواب المنتخبين اللازم للحصول على الأغلبية. وفي عام 2014، أمَّن تحالف نداء تونس (حزب الباجي قايد السبسي) وحركة النهضة هذه الأغلبية من خلال فوز 86 نائباً للأول، و68 نائباً للثاني.
والآن بعد مرور خمس سنوات، سيتطلب الأمر تحالف خمسة أحزاب على الأقل لبناء شكل من أشكال الائتلاف. وهو ما يصعب تصديق حدوثه بالنظر إلى أنَّ الخصومات قوية. ولدى مجلس نواب الشعب ستة أشهر لترشيح رئيس للحكومة باقتراح من الأغلبية.
وفي حالة عجزه عن ذلك، يطلب رئيس الجمهورية حلّ المجلس وإجراء انتخابات جديدة. وهو ما يمكن أن يحدث في مارس/آذار 2020. وتنبأ أحد المرشحين للمجلس: "ستكون البلاد في يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول وكأنها تعاني من صداع ما بعد الثمالة".