لماذا تسجل شركات عملاقة مثل «أوبر» خسائر فلكية عند دخولها البورصة؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/10/04 الساعة 15:33 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/10/04 الساعة 15:36 بتوقيت غرينتش

هناك شركات ضخمة يتخطى رأس مالها مليارات الدولارات لكنها تحقق خسائر كبيرة عقب طرحها للاكتتاب العام في البورصات، فما الأسباب؟ وما أبرز تلك الشركات عالمياً؟

موقع بي بي سي موندو باللغة الإسبانية تناول القصة في تقرير بعنوان: "من Uber إلى Tesla.. شركاتٌ تبلغ قيمتها مليارات الدولارات وتسجِّل خسائر فلكية".

شركات لا تحقق أرباحاً

المكاسب والخسائر: يعدُّ البند الأخير من التقرير ربع السنوي لنتائج الشركات المتداولة في البورصة عاملاً رئيسياً لمحللي السوق، ويشمل توقعاتٍ قصيرة أو متوسطة الأجل ومؤشراً على سلامة الوضع المالي للشركات.

ومع ذلك، بالنسبة لبعض الشركات، فإن الأمر مختلف؛ إذ إن بعض الشركات التي تقدَّر قيمتها بالملايين (أو المليارات) من الدولارات لم تحقق أرباحاً.

تمتلئ القائمة بالأسماء المعروفة مثل Uber أو WeWork أو Tesla وSpotify، كما نشرت تويتر أربعة فصول متتالية من الأرباح في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، أي بعد إنشائها بأكثر من عقد.

أظهر استطلاع أجراه البروفيسور غاي ريتر الأستاذ بجامعة فلوريدا، أن 81% من 134 عرضاً عاماً للأسهم (افتتاحية البورصة) للشركات بالولايات المتحدة في عام 2018، قدَّمته الشركات التي سجلت خسائر في الأشهر الـ12 السابقة لأول ظهور لها في سوق الأوراق المالية.

عند إلقاء نظرة على التاريخ الحديث، نجد أن شيئاً مشابهاً قد حدث في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عندما اندلعت ما تُسمى "فقاعة الدوت كوم"، حينما انهارت شركات التكنولوجيا.

ربحُ كثير من المال في المستقبل

في حديثه مع BBC News Brazil، قال أسواث داموداران، الأستاذ بجامعة نيويورك وأحد الخبراء البارزين في تقييم السوق: "في البداية، تكون قيمة هذه الشركات كبيرة، لأن الأشخاص الذين يستثمرون فيها يعتقدون أن لديهم القدرة على كسب كثير من المال في المستقبل، والأهم من ذلك أنهم يعتقدون أنهم يستطيعون بيع نصيبهم لشخص آخر مقابل سعر أعلى".

تعمل هذه الشركات في قطاعات مختلفة، على الرغم من أن هناك عاملاً مشتركاً يجمعها: فكثير منها مبتكر أو ينتمي إلى ما يطلق عليه "ابتكار مزعزع" بمصطلحات السوق.

توضح أندريا ميناردي، الأستاذة بكلية Insper للأعمال في ساو باولو، بالبرازيل: "إنه رهان طويل الأمد على ما سيكون عليه العالم خلال 20 عاماً". 

في حالة أوبر، على سبيل المثال، كان رهان المستثمرين على أن الأجيال القادمة ستفضل ترك السيارات في المرآب؛ ومن ثم ستزداد قاعدة العملاء المحتملين.

ظهرت شركة التكنولوجيا والنقل (التي ظهرت في السوق عام 2010) لأول مرة ببورصة نيويورك للأوراق المالية في شهر مايو/أيَّار من هذا العام، بقيمة سوقية بلغت 82.4 مليار دولار أمريكي، على الرغم من أنها لم تسجل ربعاً سنوياً واحداً من الأرباح.

نموذج أمازون

كانت قصة نجاح أمازون مصدر إلهام لعديد من نماذج الأعمال تلك، فبعد طرح أسهمها في عام 1997، استغرقت الشركة العملاقة للتجارة الإلكترونية نحوست سنوات لتسجيل أرباحها الأولى.

يقول أستاذ مؤسسة غيتوليو فارغاس (FGV)، جيلبرتو سارفاتي: "واصلت الشركة نشر نتائج متواضعة مدة 14 عاماً بين عامي 2003 و2016، حتى وصلت إلى المستوى الحالي للأرباح، والتي لا تزال صغيرة مقارنة مع النمو الهائل في الإيرادات".

على سبيل المقارنة، سجلت أمازون في الربع المالي الأخير أرباحاً صافيةً قدرها 2.63 مليار دولار أمريكي، مقارنةً بمبلغ 10 مليارات دولار أمريكي لشركة آبل.

وذلك لأن المؤسسة، لا سيما مؤسِّسها، جيف بيزوس، تعتقد أن الشركة يجب أن تحافظ على مستوى عالٍ من الاستثمار، في البداية لبناء قاعدة عملائها، وتطوير تكنولوجيات جديدة والحفاظ على الابتكار.

هذا هو منطق عدد من الشركات، خاصةً تلك التي يكون فيها لنموذج العمل هامش ربح صغير ويعتمد على قاعدة عملاء كبيرة لكسب المال.

كانت الشركات الكبرى الأخرى، مثل نتفليكس أو فيسبوك، في وضع مرَّت خلاله بأرباع سنوية كثيرة باللون الأحمر قبل تحقيق أرباح.

ضخ رأس المال

هناك سمة أخرى مشتركة بين هذه الشركات؛ إذ تلقت الأغلبية ضخاً سخياً لرأس المال من المستثمرين المؤسسين مثل الشركات ومكاتب الأسرة وحتى صناديق التقاعد، من بين الجهات الفاعلة الأخرى.

وكلما كان الاستثمار مبكراً، زادت المخاطر، ولكن كذلك، زادت العوائد المحتملة، فحتى لو لم تكن الشركة تجني الأموال، بإمكان المستثمرين جني الأرباح، من خلال بيع حصتهم إلى غيرهم من المهتمين.

تشير البروفيسورة أندريا ميناردي إلى أن حجم الاستثمار في صناديق رأس المال الاستثماري قد نما بالسنوات الأخيرة.

تضيف ميناردي: "يعلم هؤلاء المستثمرون أن نسبة كبيرة من الشركات ستنهار، لكن هناك حالة ناجحة واحدة يمكن أن تولد ما يصل إلى 80 ضعف رأس المال المستثمر".

نهاية مرحلة؟

يقول بول كوندرا، من شركة PitchBook لأبحاث السوق، إن "اتجاهات السوق" قد تغيرت وإن المشهد يتجه نحو "ترشيد" أكبر.

يتساءل مزيد ومزيد من المستثمرين عما إذا كان نموذج أعمال هذه الشركات مربحاً حقاً، وما إذا كان من الممكن رؤية الأرباح حتى في أفق أبعد.

ويضيف أن سبب هذا "الحذر" الكبير هو تباطؤ الاقتصاد العالمي وإمكانية حدوث ركود في الولايات المتحدة على المدى المتوسط.

يضاف إلى ما سبق شكوك حول مستقبل الشركات أحادية القرن التي اكتسبت شهرة كبيرة في السنوات الأخيرة، مثل Uber وWeWork.

على سبيل المثال، تخسر أسهم Uber قيمتها منذ الاكتتاب العام في مايو/أيَّار، وكان هناك عديد من التحديات التي اعترضت مسار الشركة، بدءاً من كثرة المنافسة (نظراً إلى أن طرازها قابل للتكرار بسهولةٍ أكثر من طراز Amazon)، وحتى مشاكل تنظيم الأعمال التجارية في عديد من البلدان والفضائح الداخلية، بالإضافة إلى النقاش حول "أَوْبَرَة- Uberisation" سوق العمل.

يشير هذا المصطلح الجديد "أوبرة" إلى الاتجاه العالمي نحو مشاركةٍ أكبر للعمال المستقلين بسوق العمل، في سياق تقلص التمتع بحقوق العمل.

قامت WeWork، الشركة التي تستأجر المكاتب المشتركة، بتعليق الاكتتاب العام في الآونة الأخيرة، بعد أن عبَّر المستثمرون والمحللون عن شكوكهم بشأن التقييم الأوّلي للشركة، وبدأ السوق بالتساؤل عن قيمة الشركة، وعندها نشأت سلسلة من الأسئلة حول عملياتها.

ينتمي جزء من العقارات المخصصة للتأجير في WeWork، على سبيل المثال، إلى مؤسِّسها، آدم نيومان، كما تشارك زوجته ربيكا في هذه الأعمال التجارية، ووفقاً للبيان الأولي للاكتتاب العام للأسهم، أصبح من الممكن أن تصبح في النهاية خليفة لزوجها، إذا تعذر عليه الاضطلاع بمهامه.

واستجابة للانتقادات الموجهة، وتحت ضغط المستثمرين، استقال نيومان في 24 سبتمبر/أيلول، كمدير تنفيذي للشركة وأعلن عن تغييرات بإدارة الشركة.

تحميل المزيد