لماذا استخدم السيسي «الإسلام السياسي» هذه المرة في تفسيره للمظاهرات ضده؟

عربي بوست
تم النشر: 2019/09/24 الساعة 14:36 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/09/24 الساعة 14:39 بتوقيت غرينتش
السيسي يقول أن المظاهرات ضده يقف وراءها الإسلام السياسي

الخطاب الذي يوجِّهه الرئيس المصري للغرب دائماً ما يُركز على "الحرب على الإرهاب"، لكنّه هذه المرة استخدم مصطلح "الإسلام السياسي" أثناء لقائه مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب، في معرض تفسير السيسي للمظاهرات التي شهدتها البلاد مطالبةً برحيله، فلماذا استخدم "الإسلام السياسي"، وما هو الاختلاف بينه وبين "الإرهاب"؟

ماذا قال الرئيس المصري؟

في أول تعليق له على التظاهرات المحدودة التي شهدتها القاهرة وعدة مدن أخرى، الجمعة والسبت الماضيين 20-21 سبتمبر/أيلول، اعتبر السيسي أن الرأي العام في مصر لن يقبل بحكم "الإسلام السياسي" .

وخلال لقائه مع ترامب على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك أمس الإثنين، 23 سبتمبر/أيلول، جاء ردُّ السيسي على سؤال صحفي حول المظاهرات ضده بالقول: "هناك الكثير من الجهود التي بُذلت خلال السنوات الماضية للسماح للإسلام السياسي بلعب دور في المنطقة" .

وأضاف السيسي أنه في ظل الإسلام السياسي وتلك الجهود "ستتأثر المنطقة"، وتابع: "ستظل المنطقة في حالة من عدم الاستقرار الحقيقي، ما دام هناك إسلام سياسي يسعى للوصول إلى السلطة في بلادنا" .

واستطرد: "المهم الذي يجب التأكد منه أن الموضوع، في مصر على سبيل المثال، هو أن الرأي العام في مصر لا يستطيع أن يقبل، ولن يقبل بتواجد الإسلام السياسي ليحكم مصر، ورفض هذا الموضوع عندما تولوا السلطة لمدة عام"، في إشارة إلى فترة حكم الرئيس الراحل محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان بين عامي 2012 و2013، والذي قاد السيسي (وزير الدفاع وقتها) انقلاباً ضده بعد مظاهرات حاشدة.

ما الذي يعنيه هذا؟

تصريحات السيسي السابقة في لقاءاته مع ترامب وغيره من الزعماء الغربيين كانت تتركز حول "محاربة الإرهاب"، وفي خطاباته الداخلية للشعب كان يكرر مصطلح "أهل الشر"، وكلاهما كان إشارة منه لجماعة الإخوان التي صنفها "جماعة إرهابية"، لكن هذه هي المرة الأولى التي يستخدم فيها مصطلح الإسلام السياسي في تفسيره للتظاهرات التي خرجت مطالبة برحيله.

الفنان ورجل الأعمال المصري محمد علي – مواقع التواصل

المظاهرات خرجت تلبية لدعوة المقاول والفنان محمد علي، الذي كسرت مقاطع الفيديو التي بدأ ببثها منذ نحو شهر حاجز الخوف الذي بناه السيسي، ولا ينتمي محمد علي لجماعة الإخوان ولا لتيار الإسلام السياسي من الأساس، فهو رجل أعمال وممثل ومخرج ومنتج، كان يعمل مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة وقصته أصبحت معروفة، وتفاصيل حياته الشخصية كذلك، وبالتالي ربط ما يحدث بالإسلام السياسي من جانب السيسي ليس له ما يبرره على أرض الواقع.

حلف العداء للإسلام السياسي

السيسي في توظيفه للإسلام السياسي تحدث عن المنطقة ككل ثم انتقل للتركيز على مصر، ومن المهم هنا ذكر المحور الإقليمي المُعادي للديمقراطية في المنطقة، وهو الحلف الذي تشكل في أعقاب اندلاع ثورات الربيع العربي أواخر 2010 وبدايات 2011، وتشكل من الإمارات بقيادة ولي العهد محمد بن زايد والسعودية بقيادة ولي العهد محمد بن سلمان ومصر برئاسة السيسي، ولكن ما يقوم به هذا الحلف لم يسترعِ الانتباه بشكل لافت إلا مؤخراً.

السيسي وبن زايد

ففي هذا السياق، نشر موقع Lobe Log الأمريكي تقريراً قبل أشهر لأندرياس كريغ، الأستاذ المساعد بقسم الدراسات الدفاعية بكلية لندن الجامعية والخبير في شؤون الشرق الأوسط ومنطقة الخليج، بعنوان "حرب السرديات الإماراتية في بروكسل"، كشف عن الدور الخطير الذي تلعبه أبوظبي في تشكيل سياسات أمريكا والغرب تجاه ما يجري في المنطقة العربية، بهدف إجهاض التحول الديمقراطي باستخدام فزاعة الإسلام السياسي.

وبالتالي ليس من المستبعد أن يكون استخدام السيسي الإسلام السياسي للمرة الأولى، أمس الاثنين، قد جاء من خلال نصيحة إماراتية لتوسيع المظلة التي يبرر بها قمع أي معارضة له في الداخل، خصوصاً أن فزاعة الحرب على الإرهاب لم تعد تجد نفس الصدى أو تثير ما يكفي من الفزع لغض البصر عن انتهاكات حقوق الإنسان.

متظاهرون وسط القاهرة يطالبون بإسقاط الرئيس السيسي ، في وسط القاهرة 20 سبتمبر/ DPA

ولكن أياً كان السبب وراء استخدام السيسي لمصطلح الإسلام السياسي لوصم من يعبر عن رفضه لأي من سياساته الاقتصادية التي يدفع فاتورتها محدودي الدخل والفقراء من الشعب، على الأرجح نتيجة هذا التفسير ستنعكس بشكل مباشر على الأوضاع الداخلية وتحدد طريقة التعامل مع تلك الاحتجاجات، خصوصاً أن هناك دعوةً من محمد علي لمظاهرات حاشدة الجمعة القادمة (27 سبتمبر/أيلول).

طريقة التعامل بدأت بالفعل مؤشرات على أنها تهدف لقمع أي تظاهرات جديدة وذلك من خلال القبض على المئات من الذين خرجوا بالفعل وطالبوا برحيل السيسي، إضافة لاستهداف حقوقيين ونشطاء شاركوا في ثورة يناير/كانون الثاني 2011 ولا ينتمون لتيار الإسلام السياسي، وسيظل السؤال عما قد تحمله الأيام القادمة من تطورات صعب جداً التنبؤ به.

المحلل السياسي مصطفى السيد لموقع أفريكانيوز: "ما حدث الجمعة (20 سبتمبر/أيلول) إشارة مقلقة للسلطات، حيث خرج الناس على الرغم من القبضة الأمنية المشددة، وأعتقد أن هذه الاحتجاجات لن تتوقف عند هذه النقطة، لكن يظل من الصعب جداً التنبؤ بما قد يحدث في الأيام القادمة".

تحميل المزيد