قرار المحكمة العليا في بريطانيا بأن نصيحة رئيس الوزراء بوريس جونسون للملكة إليزابيث، بتعليق عمل البرلمان لم تكن قانونية، وبالتالي عودة البرلمان للانعقاد غداً تطرح عدداً من التساؤلات بشأن مستقبل جونسون نفسه، ولكن الأهم ماذا يعني ذلك بالنسبة لبريكست، أو مغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبي نهاية الشهر المقبل؟
ماذا حدث؟
قضت المحكمة العليا البريطانية، اليوم الثلاثاء 24 سبتمبر/أيلول، بأن قرار جونسون تعليق أعمال البرلمان في الفترة التي تسبق البريكسيت، غير قانوني ولاغ ولا تأثير له، ودعت المحكمة أيضاً النواب إلى الاجتماع "في أقرب الآجال"، كما اعتبرت أن القرار يعود إلى البرلمان، وخصوصاً رئيس مجلس العموم ورئيس مجلس اللوردات.
وقالت رئيسة المحكمة العليا بريندا هايل في نص الحكم "لا بد أن تستنتج المحكمة أن قرار إسداء مشورة لجلالة الملكة بتعليق البرلمان كان غير قانوني"، بحسب وكالة فرانس برس، ودعت المحكمة العليا البريطانية النواب إلى الاجتماع "في أقرب الآجال"، بعد أن قضت "بعدم قانونية" قرار تعليق البرلمان.
واعتبرت المحكمة في حكمها أن "القرار يعود إلى البرلمان، ولاسيما رئيس مجلس العموم ورئيس مجلس اللوردات، لتقرير ما يجب القيام به بعد ذلك. ما لم يكن هناك نظام برلماني لسنا على علم به، يمكنهما اتخاذ خطوات فورية لتمكين كل مجلس من الاجتماع" .
واتخذ قضاة المحكمة العليا الأحد عشر قرارهم بالإجماع، وعقب صدور القرار أعلن رئيس مجلس العموم جون بيركو أن المجلس سيستأنف جلساته غداً الأربعاء.
ماذا يعني ذلك؟
كان جونسون يتعلل بأن تعليق عمل البرلمان حتى 14 أكتوبر/تشرين الأول مجرد إجراء روتيني لإفساح المجال أمام حكومته الجديدة، لوضع برنامج تشريعي جديد، لكن منتقديه اتهموه بمحاولة إسكات البرلمان قبل الموعد المحدد لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، في 31 أكتوبر/تشرين الأول، وفق شروط لا تزال غير واضحة.
وبعد صدور الحكم، أكد جونسون أنه سيحترم حكم المحكمة العليا، بالرغم من اختلافه معه، إذ قال لشبكات إعلامية بريطانية خلال زيارة يجريها إلى نيويورك "عليَّ القول إنني أختلف بشدة مع ما خلص إليه القضاة. لا أعتقد أنه صحيح، لكننا سنمضي قدماً، وبالتأكيد سيعاود البرلمان" عقد جلساته.
ما هو رد فعل الاتحاد الأوروبي؟
في بروكسل، رحّب نواب أوروبيون بقرار المحكمة العليا، وقال غي فيرهوفشتات رئيس الوزراء البلجيكي السابق ورئيس كتلة الليبراليين في البرلمان الأوروبي "أمر واحد على الأقل يبعث على الارتياح في ملف بريكست الذي لا ينتهي: حكم القانون في بريطانيا لا يزال قائماً" .
وأضاف: "يجب عدم إسكات البرلمانات أبداً في ديمقراطية فعلية، يجب ألا يقول جونسون أو أي مؤيد آخر لبريكست بعد الآن إن الاتحاد الأوروبي غير ديمقراطي" .
هل يستقيل جونسون؟
ويشكل قرار المحكمة صفعةً كبيرة لجونسون، حيث تتالت الدعوات له للاستقالة، إذ قال زعيم حزب العمال جيريمي كوربن من برايتون حيث ينعقد مؤتمر الحزب "أدعو بوريس جونسون… للتفكير في موقفه، وأن يصبح رئيس الوزراء لأقصر فترة على الإطلاق"، كما دعا زعيم حزب المحافظين إلى "تنظيم انتخابات لاختيار حكومة تحترم الديمقراطية" .
كان جونسون قد تولى منصبه في 24 يوليو/تموز، ونصح الملكة إليزابيث الثانية بصفتها رأس الدولة بتعليق عمل البرلمان، الذي بدأ في 10 سبتمبر/أيلول.
وقال مسؤول منطقة وستمنستر في الحزب الوطني الاسكتلندي، إيان بلاكفورد: "يجب أن نعود إلى البرلمان على الفور، نريد العودة إلى العمل، على خلفية ذلك يجب أن يستقيل بوريس جونسون" .
ماذا يعني الحكم لبريكست؟
يعد الحكم الأكثر دراماتيكية في عملية بريكست المضطربة، خصوصاً أنه صدر في وقت حرج، بعد أن أصر جونسون على أنه يتعين على بريطانيا مغادرة الاتحاد الأوروبي، في 31 أكتوبر/تشرين الأول، أياً كان الأمر، بعد أكثر من ثلاث سنوات من التصويت على ذلك في استفتاء 2016.
لكن القانون الذي أقره البرلمان في وقت سابق من هذا الشهر يطالبه بطلب التأجيل من قادة الاتحاد الأوروبي إذا لم يحصل على اتفاق مُرضٍ خلال قمة بروكسل، في 17 أكتوبر/تشرين الأول.
وقد أعرب عن تفاؤله بأنه يمكن أن يوافق على شروط جديدة بحلول ذلك الوقت، لتحل محل الصفقة التي أبرمتها تيريزا ماي من قبله، ورفضها النواب. لكن قادة الاتحاد الأوروبي ليسوا متفائلين، إذ قال كبير المفاوضين الأوروبيين ميشيل بارنييه، الإثنين، إن موقف لندن الحالي لا يشكل "أساساً للتوصل إلى اتفاق" للخروج.
والتقى جونسون برئيس مجلس الاتحاد الأوروبي دونالد توسك في نيويورك، الإثنين، والذي أرسل بعد ذلك تغريدة كتب فيها: "لا تقدم، لا انهيار، لا وقت نضيعه" .
كما أجرى رئيس الوزراء البريطاني محادثات في نيويورك مع رئيس فرنسا والمستشارة الألمانية، ومن المقرر عقد المزيد من الاجتماعات مع القادة الأوروبيين الثلاثاء. مع ذلك، هناك تكهنات بأنه قد يضطر الآن للعودة لمواجهة الأزمة في لندن.