تصاعدت أصوات فرنسية معترضة على برنامج يموله الاتحاد الأوروبي، يهدف إلى مساعدة أعضاء المنظمات غير الحكومية والمجتمعات الدينية لتوصيل أصواته، يسمى برنامج يراسموس الأديان.
وجاء ذلك بعدما قرَّر الاتحاد الأوروبي إنفاق نحو 1.5 مليون يورو لتطوير برنامج "إيراسموس الأديان"، حسبما ورد في تقرير لموقع RT France الفرنسي.
وسلَّطت صحيفة La Croix الفرنسية الضوءَ على هذه المبادرة عقب تحليل المؤتمر الصحفي، الذي عقدته الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، في 6 سبتمبر/أيلول الجاري، لإعلان القرار، وكشفت فيه "بفخر تأسيس منصة عالمية للتواصل حول الشمول الديني والاجتماعي" .
وذكرت صحيفة La Croix أنَّ "هذا البرنامج الأوروبي الجديد سينطلق رسمياً مطلع 2020″، ويهدف إلى "السماح لأعضاء المنظمات غير الحكومية، والمجتمعات الدينية والمؤسسات، وحتى الحكومات، بتبادل المعرفة وأفضل الممارسات والأفكار للحفاظ على حضورهم وتوصيل أصواتهم بأكبر قدر ممكن" .
ومن ثم، سيدخل الدين إلى المجال السياسي في الاتحاد الأوروبي.
موغيريني تسعى لدمج الإٍسلام السياسي في الأنظمة الديمقراطية
ترى موغيريني، التي تنتمي لتيار الوسط، ومقرَّبة من رئيس وزراء إيطاليا السابق الديمقراطي ماتيو رينزي، في هذا البرنامج فرصةً "للتبادل العالمي حول الدين في المجتمع" .
ومن ثم، تقدم موغيريني، التي لم تُخفِ قطّ التزامها نحو التعددية ومناصرتها لدمج الإٍسلام السياسي في الأنظمة الديمقراطية، وسيلة "لحثّ الدول الأوروبية على التكيف قدر الإمكان، وبالتالي تمكين المسلمين من ممارسة دينهم الحقيقي"، بحسب تعبير مجلة Marianne الفرنسية الأسبوعية.
ومنذ وقت إعلان البرنامج، لم يتوقف حساب المفوضية الأوروبية على موقع "تويتر" عن الترويج لدمج الدين، وتحديداً الإسلام، في المجتمع والشؤون العامة، من خلال الهاشتاغ "#ReligionInSociety" (أو الدين في المجتمع).
ومن ثم، فإنَّ العلمانية الفرنسية تعتبر أنها أصبحت تحت خطر تلقي ضربة مباشرةً في القلب نتيجة إدخال التعددية الدينية في الشؤون العامة، حسب موقع RT France .
اعتراضات فرنسية ولكن أغلبها من تيار محدد
فهل ستُسكِت فرنسا عن البرنامج، وهي من الدول النشطة بقوة في الاتحاد منذ تأسيسه؟
وبالفعل رداً على إعلان البرنامج، حذَّر بعض رواد الإنترنت بالفعل من مشروع فيديريكا موغيريني.
واللافت أن أغلب الاعتراضات جاءت من اليمين الفرنسي، ولاسيما اليمين، الذي يوصف بالمتطرف.
وغرَّد الجمهوري جوليان أوبرت، عضو حزب الجبهة الوطنية الفرنسي اليميني المتطرف، على موقع "تويتر"، متسائلاً: "هل تدعم الجمهورية الفرنسية، التي لا تعترف بأي دين ولا تدين بأي عقيدة، هذا المشروع الصادم؟ حسب تعبيره.
وأردف متسائلاً: ما هو دور الاتحاد الأوروبي تحديداً؟!
وأضاف متهكماً: هل لم نعد نعرف ماذا نطور… لذا قرَّر الاتحاد الأوروبي تطوير برنامج إيراسموس الأديان!".
أما باستيان لوشود، ممثل حركة فرنسا الأبية (La France insoumise) وعضو الجبهة الوطنية عن منطقة سين سان دوني فأعرب أيضاً عن غضبه، وندَّد بصمت الحكومة الفرنسية في وجه هذا المشروع.
وكتب في تغريدة: "تحت قناع العمل نحو "التعايش بين الأديان" تهدف هذه المبادرة لزيادة سيطرة الأديان على المجتمع، بينما يتعين بدلاً من ذلك العمل لضمان ألا تهيمن الأديان على المجال العام. سيُنفَق مبلغ المليون ونصف المليون يورو على تسهيل التبشير. لا بد أنَّ أحد أعضاء الحكومة سيعترض على هذه الفضيحة" .
كما أصدرت دومينيك بيلد-بييرون، عضو البرلمان الأوروبي وحزب الجبهة الوطنية الفرنسي، بياناً أعربت فيه عن دهشتها لإطلاق برنامج "إيراسموس الأديان" في الوقت الذي تتجه فيه ميزانية الاتحاد الأوروبي نحو مرحلة مضطربة؛ نتيجة خروج بريطانيا (بريكست). وقالت: "هل الوقت مناسب لطرح شعارات أيديولوجية جديدة على حساب دافعي الضرائب؟ بالنسبة لبروكسل، فالإجابة نعم" .