إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه أصدر توجيهاته بالسحب من المخزون النفطي الاستراتيجي إذا اقتضى الأمر بعد الهجمات التي ضربت إنتاج النفط في السعودية في مقتل، يطرح التساؤلات حول قصة ذلك المخزون الاستراتيجي، فما هو ومتى بدأ وما هي أهميته؟
متى بدأت الفكرة؟
الفكرة أطلقها وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر وذلك عام 1975، كرد فعل على الحظر الذي نفذته الدول العربية بقيادة السعودية عقاباً على الانحياز الغربي لإسرائيل على حساب الفلسطينيين والعرب، مما أدى لأزمة الطاقة الكبرى في الولايات المتحدة وأوروبا وتسبب في ارتفاع أسعار النفط بصورة كبيرة.
من هذا المنطلق، طالب كيسنجر بإنشاء ما يعرف بالاحتياطي الاستراتيجي حتى يتم استخدامه حال وقوع أزمات في مجال النفط، وبمقتضى القانون الأمريكي يمكن للرئيس أن يأمر ببيع كميات من الاحتياطي الاستراتيجي إذا واجهت البلاد تعطلاً في الإمدادات بما يهدد الاقتصاد.
أين يوجد ومن يديره؟
تدير وزارة الطاقة الأمريكية الاحتياطي الاستراتيجي النفطي المحفوظ في خزانات تحت الأرض تخضع لحراسة مشددة على سواحل ولايتي تكساس ولويزيانا.
ويبلغ الاحتياطي الأمريكي، وهو الأكبر من نوعه في العالم، حوالي 645 مليون برميل من النفط، وفقاً لما يقوله موقع الوزارة الإلكتروني ويتألف من 395 مليون برميل من الخام الثقيل عالي الكبريت، و250 مليون برميل من الخام الأمريكي الخفيف، ويمكن أن يكفي الأسواق الأمريكية نحو 115 يوماً حال السحب منه.
مبررات السحب منه
سبق أن شاركت واشنطن في عمليات سحب منسقة من المخزون الاستراتيجي مع وكالة الطاقة الدولية التي تتخذ من باريس مقراً وتُنسق سياسات الطاقة في دولها الأعضاء الثلاثين.
وبعد تعرض السعودية لهجمات أوقفت أكثر من نصف إنتاج المملكة أكبر مصدر للنفط في العالم السبت 14 سبتمبر/أيلول، قالت إدارة ترامب إنها على استعداد للسحب من المخزون النفطي الاستراتيجي إذا اقتضى الأمر.
وقال ريك بيري وزير الطاقة، السبت، إنه وجه الوزارة للعمل مع وكالة الطاقة الدولية على خيارات العمل الجماعي العالمي إذا اقتضت الضرورة تزويد الأسواق العالمية بالنفط.
ويقول كثيرون من الساسة إن الوقت حان بعد الطفرة النفطية الأمريكية المستمرة منذ نحو عشر سنوات لخفض حجم المخزون الاستراتيجي الأمريكي بشكل كبير.
هل حدثت عمليات سحب سابقة؟
في يونيو/حزيران 2011، أمر الرئيس باراك أوباما ببيع 30.6 مليون برميل بسبب تعطل وقتها، إمدادات النفط من ليبيا بسبب الأحداث السياسية هناك، وجرى تنسيق عملية السحب مع وكالة الطاقة الدولية التي سحبت 30 مليون برميل أيضاً.
الإعصار كاترينا
في سبتمبر/أيلول 2005، وبعد أن عطل الإعصار كاترينا إنتاج النفط وتوزيعه والمصافي في لويزيانا وميسيسيبي، أمر الرئيس جورج بوش الابن ببيع 30 مليون برميل من النفط وانتهى الحال إلى بيع 11 مليوناً منها لشركات الطاقة. وفي رد منسق حددت، وكالة الطاقة الدولية هدفاً يتمثل في إتاحة 60 مليون برميل من النفط والمنتجات البترولية لكن ما بيع من هذه الكمية في النهاية كان أقل من ذلك.
عملية عاصفة الصحراء
في يناير/كانون الثاني 1991، وبعد أن بدأت الطائرات الحربية الأمريكية وطائرات الحلفاء قصف بغداد وأهداف عسكرية أخرى في العراق أمر الرئيس جورج بوش الأب ببيع 34 مليون برميل من النفط، تم بالفعل بيع 17.3 مليون برميل منها.
وفي 2017، وبعد أن أغرق الإعصار هارفي تكساس وأغلق جانباً كبيراً من القدرات التكريرية في المنطقة، أمر بيري بعملية تبادل للنفط من الاحتياطي الاستراتيجي. وتم تسليم ما إجماليه 5.2 مليون برميل لمصافي تكرير على ساحل خليج المكسيك ورد كمية أكبر قليلاً للاحتياطي في أوائل 2018.
وفي أغسطس/آب 2012، قدم الاحتياطي الاستراتيجي قرضاً مقداره مليون برميل لشركة ماراثون بتروليوم لعملياتها التكريرية بعد أن أوقف الإعصار أيزاك إنتاج النفط في خليج المكسيك.
وفي سبتمبر/أيلول 2008، جرى تسليم 5.3 مليون برميل من النفط لخمس شركات تعطلت إمداداتها. وتم رد هذه الكميات بحلول منتصف 2009.
ارتفاع أسعار النفط
أدت الهجمات التي تعرضت لها السعودية إلى ارتفاعات قياسية في أسعار النفط اليوم الإثنين حيث ارتفعت بنسبة 15% لأول مرة في التاريخ، وفي وقت يشهد الاقتصاد الأمريكي والعالمي تباطؤاً في النمو ومخاوف من الدخول في حالة ركود، لن يكون ذلك في صالح ترامب في عام الانتخابات الرئاسية.
لذلك يأتي توجيه ترامب بالسحب من الاحتياطي النفطي الاستراتيجي لتلبية احتياجات السوق سواء الأمريكية أو العالمية بمثابة محاولة للسيطرة على أسعار النفط والتي تعتبر أحد الأركان الأساسية في سياسة ترامب منذ وصوله للبيت الأبيض.