بات حديث اليمين الأمريكي عن تعرض الولايات المتحدة للغزو خطاباً مكرراً، لدرجة أكسبته مصداقية زائفة، ولكن هذا الخطاب يتجاهل حقيقة أن المهاجرين الضعفاء ليسوا غزاةً، وإنما أخطر غزاة في القرن العشرين موجودون بالقرب منهم.
توم إنغلهارت، أحد المشاركين في تأليف سلسلة The American Empire Project ومؤلف كتاب The United States of Fear، كتب في مقال بموقع Lobe Log الأمريكي حول خطاب ترامب العدائي تجاه المهاجرين، وما يخفيه هذا الخطاب عن أهم دولة غازية في القرن الحادي والعشرين وهي أمريكا.
يقول الكاتب "لقد عبر الحدود دون إذن، أو -على حد علمي- دون وثائق من أي نوع. إنني أتحدث عن غزو دونالد ترامب التطفلي الذي لم أرغب فيه لمساحتي الشخصية، إنه هناك كل يوم، بل وكل ساعة في أغلب الأحيان، سواء أحببت ذلك أم لا، ولا أملك وزارة للأمن الداخلي لفصله عن أبنائه، وإلقائهم جميعاً فيما يشبه سجوناً لا تحترم آدميتهم -دون تزويدهم حتى بمستلزمات النظافة الأساسية أو الطعام الصالح للأكل أو الماء النظيف- وبعدها أعيده إلى البرج الذي جاء منه في المقام الأول. (لذلك، لا بد لي من الاعتماد على الشعب الأمريكي عام 2020 ومن أجل أنه لا يزال يُعتقد، مهما كان غريباً، أنه ديمقراطية).
كلما أراد رئيس الفوز تحدث عن خطر الغزو اللاتيني
إن كلمتَي "الغزو" و "الغزاة" دخلتا لأول مرة قاموس تيار اليمين لتوصيف الهجرة عبر الحدود الجنوبية الأمريكية في أواخر الثمانينيات والتسعينيات. فعلى سبيل المثال، أثناء محاولة باتريك بوكانان للفوز بترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة عام 1992، استخدم عبارة "غزو غير قانوني"، في إشارة إلى المهاجرين من أصل لاتيني. وبالتالي، سلَّط الضوء عليهم كأنهم تهديد وطني وبطريقة أصبحت مألوفة بالفعل في السنوات الأخيرة.
ولكن اليوم، بدايةً من تغريدات البيت الأبيض ووصولاً إلى البيان الطويل الذي نشره باتريك كروسيوس، القومي الأبيض البالغ من العمر 21 عاماً، الذي قتل 22 شخصاً، من بينهم ثمانية مواطنين مكسيكيين، في متجر وول مارت في إل باسو، أصبح استخدام كلمة "الغزو" -أو في حالته "غزو اللاتينيين لتكساس"- جزءاً من أسلوب الحياة الأمريكي (والموت). وفي الوقت نفسه، بشكل أشمل قليلاً، لا تزال اللغة تُستخدم سلاحاً.
رغم أنهم فقط يأتون من أجل الأمان
يقول الكاتب: وبالطبع، حين تتحدث عن الغزو هذه الأيام، مثلما فعل الرئيس ترامب مراراً -فقد استخدم الكلمة سبع مرات في أقل من دقيقة في تجمع حاشد مؤخراً، وفي بداية شهر أغسطس/آب، ونشرت حملة إعادة انتخابه أكثر من 2000 إعلان على الفيسبوك يتضمن كلمة الغزو- فأنت تتحدث عن نوع واحد فقط من الغزو. ويعد هذا النوع ذا طبيعة مجازية وسياسية، وفيه "هم" من يغزوننا (رغم أنهم قد لا يعرفون أنهم يفعلون ذلك). إذ يعبر مئات الآلاف "منهم" الحدود الجنوبية، ومعظمهم بمبادرة فردية. ومع ذلك، في بعض الحالات، وصلوا إلى الحدود في "قوافل". ولكن كل شخص فيهم لم يأتِ وهو يفكر في الفوضى، وإنما أتى بحثاً عن الأمان، وحياة أفضل على الأقل في هذا البلد، إن لم يكن الرفاهية.
لكن البيت الأبيض أو معظم الجمهوريين أو الشخصيات الإعلامية اليمينية لا يتناولون الأمور بهذه الطريقة، فعلى حد تعبير الرئيس في اجتماع استشاري للقوة العاملة بالبيت الأبيض في مارس/آذار:
"أنتم ترون ما يحدث على الحدود… إن أداءنا رائع بالنسبة لهجوم كبير كهذا، أسميه "غزواً"، وهم ينزعجون دوماً حين أقول "غزو"، ولكنه في الحقيقة نوع من الغزو" .
أو مثلما قال تاكر كارلسون على شاشة قناة Fox News: "نحن في حالة ذهول، إنه حرفياً غزو يعبر فيه أشخاص الحدود إلى تكساس" . أو مثلما تساءلت جينين بيرو صراحة في برنامج Fox & Friends: "هل سيتحرك أي شخص في السلطة لحماية أمريكا هذه المرة، أم سيواصل قادتنا الوقوف ساكنين فيما يستمر الغزو؟" والأمثلة على مثل هذه التصريحات عديدة.
ولكن هؤلاء هم الغزاة الفعليون الأخطر على كوكب الأرض
وإليكم الأمر الغريب رغم ذلك: في هذا القرن، هناك غازٍ حقيقي واحد فقط على كوكب الأرض، وهو ليس أولئك اليائسين في أمريكا الوسطى الذين يفرون من الفقر والمخدرات والعنف والجوع (وهي أمور تتحمل الولايات المتحدة بالفعل مسؤولية بعض جوانبها المهمة) .
يصادف أن يكون الغازي الحقيقي في هذا العالم الذي نعيش فيه هو الولايات المتحدة الأمريكية.
يقول الكاتب: أنا أتحدث، بالطبع، عن الدولة الوحيدة في هذا القرن التي غزت قواتها المسلحة، بالمعنى التقليدي للكلمة (هذه المرة)، بلدين آخرين.
ففي أكتوبر/تشرين الأول عام 2001، ردت إدارة الرئيس جورج بوش الابن على عمل إرهابي مروع مزدوج في أمريكا بالغزو، إذ ثبت أن من كانت مسؤولة عن تنفيذ العمل الإرهابي جماعة إسلامية متطرفة أطلقت على نفسها اسم "القاعدة"، وكان يتزعمها سعودي ثري (كانت واشنطن متحالفة معه في القرن الماضي في حربها ضد الاتحاد السوفييتي في أفغانستان). وبدلاً من تنظيم عمليات قانونية دولية للتعامل مع بن لادن وتنظيمه، بدأ الرئيس بوش وكبار مسؤوليه ما أطلقوا عليه بسرعة الحرب العالمية على الإرهاب. وبدأت بقصف وغزو أفغانستان، رغم أنها كانت تستهدف من الناحية النظرية ما يصل إلى 60 دولة في أنحاء الكوكب.
وكان أسامة بن لادن وبعض أفراد تنظيمه موجودين بالفعل في ذلك الوقت، لكن هدف الغزو كان في المقام الأول إطاحة مجموعة أخرى من الإسلاميين المتطرفين، وهم أعضاء حركة طالبان، الذين كانوا يسيطرون على معظم تلك الأرض.
اكتسحوا كل شيء، كل ما له علاقة وما ليس له علاقة
وهكذا بدأت واشنطن حرباً لم تنته بعد، ثم في ربيع عام 2003، فعلت المجموعة نفسها من المسؤولين بالضبط ما كان عدد منهم يتوق إلى فعله في 12 سبتمبر/أيلول عام 2001: أطلقوا القوات الأمريكية في غزوٍ ضد العراق كان يهدف إلى إسقاط نظام صدام حسين الاستبدادي (حليف الولايات المتحدة السابق الذي لم تكن له علاقة بأحداث 11 سبتمبر/أيلول أو بالقاعدة). في الواقع، نعرف الآن أنه في غضون ساعات من اصطدام طائرة مخطوفة بمبنى البنتاغون، كان وزير الدفاع دونالد رامسفيلد يفكر بالفعل في مثل هذا الغزو تحديداً.
(أوردت تقارير أنه قال ذلك اليوم فيما يشجع مساعديه على الخروج بخطة لغزو العراق "أريد أفكاراً ضخمة، اكتسحوا كل شيء، كل ما له علاقة وما ليس له علاقة").
والنتيجة موجة الأزمات والحروب والإرهاب
وهكذا استولت القوات الأمريكية على عاصمتي البلدين، كابول وبغداد، حيث شكلت إدارة بوش حكومتين من اختيارها.
ولن تنتهي الاحتلالات والحروب أو الاضطرابات التي نشأت عنهما انتهاءً فعلياً في أي منهما أبداً. ففي كلتا المنطقتين، أصبح الإرهاب أكثر انتشاراً الآن مما كان عليه في ذلك الوقت. وفي السنوات التي تلت الغزو، هُجّر ملايين السكان من منازلهم في هاتين المنطقتين وغيرهما خلال الحرب الأمريكية على الإرهاب، وقُتل وجُرح مئات الآلاف، فيما انتشرت الفوضى والإرهاب والحرب في جميع أنحاء الشرق الأوسط الكبير (وهي أمور ضاعفها "الربيع العربي" بعد ذلك)، وأخيراً في قلب إفريقيا.
وفضلاً عن ذلك، نفّذ الجيش الأمريكي -بالقدر نفسه من الفشل وطول الأمد والاستفادة حين يتعلق الأمر بانتشار الإرهاب والدول المتدهورة أو المنهارة- عمليات في ليبيا والصومال واليمن (كانت بدرجة كبيرة عن طريق السعوديين، ولكن ليس حصرياً).
بل وفي سوريا، ورغم أن هذه العمليات قد تعد تدخلات، وليست غزواً، فقد كان كل منها يتصف بالغزو بدرجة أكبر من أي شيء يطلق عليه اليمين المحلي الآن غزواً على حدودنا الجنوبية.
في سوريا عام 2016، على سبيل المثال، ألقى سلاح الجو الأمريكي وحلفاؤه ما يقدر بنحو 20 ألف قنبلة على "عاصمة" تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، الرقة، وهي مدينة سورية صغيرة الحجم. ومن خلال ما فعلوه، إلى جانب ما اضطلعت به المدفعية وما اضطلع به الانتحاريون من داعش، حولوها إلى ركام. وبنفس الطريقة من الموصل إلى الفلوجة، تحولت المدن العراقية الكبرى إلى أنقاض. وفي العموم، كان هذا إلى حد كبير سجلاً من الغزو والتدخل والدمار.
لا ينبغي لنا أن ننسى أنه في تلك البلدان وغيرها (مثل باكستان)، أرسلت الولايات المتحدة طائرات مسيرة مزودة بصواريخ هيلفاير، لتنفيذ ضربات "محددة" كان يُطلق عليها يوماً "اغتيالات" . فضلاً عن ذلك، في عام 2017 وحده، أُرسلت وحدات من قوات العمليات الخاصة -التي لا تزال متنامية والتي تضم الآن حوالي 70 ألف فرد في الحرب وفي السلام- إلى 149 دولة، وفقاً لصحفي التحقيقات نيك تورس.
والحاميات العسكرية الأمريكية تتوسع بشكل غير مسبوق، والاستخبارات تخطف الناس من الشوارع
وفي الوقت نفسه، استمرت الحاميات العسكرية الأمريكية في الانتشار في أنحاء العالم بأعداد هائلة، وبطريقة لم يسبق لها مثيل في التاريخ، وتُستغل من حين لآخر هذه السنوات لتسهيل تلك التدخلات والاغتيالات وعمليات الغزو.
بالإضافة إلى ذلك، أقامت وكالة الاستخبارات المركزية في هذه الآونة "مواقع سوداء" في عدد من البلدان، حيث كان السجناء الذين يُختطفون فعلياً في بعض الأحيان من شوارع المدن الكبرى (ويؤسَرون أحياناً في مناطق الكوكب النائية)، عرضة للقسوة التي لا تُحتمل والتعذيب لسنوات. واستُخدمت سفن البحرية الأمريكية بالمثل مواقع سوداء. وكل هذا ليس سوى جزء من مثلث برمودا البري للظلم الذي أسسته واشنطن، والذي كان قلبه النابض سجنٌ سيئ السمعة (لا يزال مفتوحاً) في خليج غوانتانامو بكوبا.
وبعدما بددت الحكومة الأمريكية أموال دافعي الضرائب، خلقت أزمة لجوء
منذ عام 2001، نجحت الولايات المتحدة في تبديد مبالغ هائلة من أموال دافعي الضرائب في إثارة الاضطرابات في مساحات كبيرة من الكوكب، وقتلت أعداد مهولة من الناس الذين لم يستحقوا الموت، وطرد الكثير منهم من منازلهم، والإسهام بذلك في خلق أزمة المهاجرين واللاجئين ذاتها التي عكّرت صفو أوروبا والولايات المتحدة من حينها.
إذ إن الدول الثلاث الأولى التي يأتي منها طالبو اللجوء غير المرغوب فيهم إلى أوروبا هي سوريا والعراق وأفغانستان، وكلها غارقة حتى النخاع في أتون الحرب الأمريكية على الإرهاب. (في هذه الأثناء، بالطبع نعيش نحن في بلد رئيسه دعا إلى "منع المسلمين نهائياً وبالكامل من دخول الولايات المتحدة" خلال حملته الانتخابية عام 2015، وبعدها بذل قصارى جهده لمتابعة تنفيذ مثل هذا الحظر على المسلمين).
وبالمناسبة، كانت كل هذه التدخلات وعمليات الغزو الأصلية محاطة بتبريرات مبهرة حول تحقيق "الديمقراطية" و "تحرير" مختلف المجتمعات، وهي تبريرات لا تقل كذباً عن تلك التي قدمها قاتل إل باسو لتبرير المذبحة التي ارتكبها.
الروس يحتلون المركز الثاني
أتقول إنهم غزاة ودخلاء ومخربون؟ لا بد أنك تمزح، أو على الأقل إذا كنت تتحدث عن المهاجرين غير الموثقين من جنوب حدودنا (حتى في ظل الادعاءات الكاذبة بأنه كان يوجد بينهم "إرهابيون").
يقول الكاتب "عندما نتحدث عن الغزو، يجب أن نهتف قائلين: "الولايات المتحدة الأمريكية" . ويضيف: "كنا غزاة ومخربين على كوكب الأرض (ويأتي الروس بعدنا بمسافة كبيرة في المرتبة الثانية، وذلك في جزيرة القرم وأوكرانيا).
قصفوا العراق دون أن يصيبوا رجال صدام بأذى
فكيف تصرف الأمريكيون مع الغزاة الحقيقيين في هذا العالم؟ إنه سؤال منطقي، حتى وإن لم يتردد كثيراً في دولة صار فيها "الغزو" الآن موضوعاً لنقاشات ومناظرات شبه مهووسة.
والحق أنه في عشية الغزو العراقي، كان هناك عدد كبير من الأمريكيين لا يرغبون في خوض الحرب، امتلأت الشوارع في المدن الكبرى والصغرى بالمتظاهرين الذين يطالبون إدارة بوش بعدم فعل ما كان واضحاً وجلياً أنهم مقدمون على فعله. عندما حدث الغزو والاحتلال، كان يجب أن يتضح سريعاً أنه سيكون كارثة مدمرة، فعلى سبيل المثال، نجحت الحملة الجوية الأولى، التي كانت تستهدف التسبب في صدمة وإرهاب ودق عنق نظام صدام حسين، في عدم المساس بأي شخصية قيادية في النظام العراقي، لكنها بدلاً من ذلك طبقاً لتقرير هيومن رايتس ووتش، قتلت عشرات المدنيين. بهذه الطريقة كانت الساحة جاهزة لكثير مما سيأتي بعد ذلك.
ولكن عندما بدأ تواتر الأخبار السيئة (تمت المهمة!)، اختفى المتظاهرون مناهضو الحرب من الشوارع، ولم يعودوا أبداً، كان الأمريكيون عموماً في السنوات التالية يتجاهلون الضرر الذي تسببه الولايات المتحدة حول مناطق مهمة في العالم واهتموا بشأنهم الخاص، لكنها أصبحت بالفعل عادةً من وقت لآخر أن "يشكروا" القوات التي نفذت الغزو على "خدماتها" .
وكم من حفلات زفاف في أفغانستان تحولت إلى مآتم
في هذه الأثناء، نُسي بكل بساطة كثير مما حدث في هذه الحرب على الإرهاب حول العالم (أو أنه لم يُذكر من الأساس). لذا عندما فجر انتحاري داعشي نفسه، في منتصف أغسطس/آب في حفل زفاف، وقتل حوالي 63 شخصاً على الأقل، قالت صحيفة New York Times الأمريكية إن "حفلات الزفاف، وهي الاحتفالات بلم الشمل، ظلت بدرجة كبيرة الاستثناء" من شعور الأفغان بعدم الأمان في الأماكن العامة. وهذه الجملة لن يتوقف عندها الكثير من الشعب الأمريكي، كأن تلك الدولة لم تشهد تدمير حفلات زفافها. لن يتذكر كثيرون هنا حفلات الزفاف الستة التي فجرتها القوات الجوية الأمريكية في أفغانستان (بالإضافة إلى حفل زفاف واحد على الأقل في كل من العراق واليمن). كان أولها في عام 2001 في شهر ديسمبر/كانون الأول، وأسفر عن مقتل 100 من المحتفلين في قرية في شرقي أفغانستان، وكانت هذه مجرد بداية لكابوس قادم. فقد كان هذا شيئاً وثقته أنا في موقع TomDispatch منذ سنوات، لكنه لم يعد في بنك الذاكرة حتى هنا.
وترامب يقلب الحقائق حول من هم الغزاة
انتخب الأمريكيون بالطبع في عام 2016 رجلاً أثار غضب من عرفوا بعد ذلك بـ "قاعدته" بعد أن أطلق حملة رئاسية مبنية على الخوف من "المغتصبين" المكسيكيين القادمين لهذه الدولة، وضرورة بناء "جدار كبير وسميك وجميل" لمنعهم. أو يمكننا أن نقول إنه منذ البداية كان يركز على إيقاف "غزو" أرضه. وقبل شهر أغسطس/آب 2015، كان بالفعل يستخدم هذا المصطلح في تغريداته.
ولذا في ظل حكم ترامب، بعد أن انتشرت الكلمة والمخاوف المصاحبة لها بيننا، صرنا نحن المعرضين للغزو، وصاروا "هم" الغزاة.
بعبارة أخرى، انقلب العالم بطريقة ما رأساً على عقب، تماماً مثلما ما كان (ومثلما سيبقى هكذا بدرجة كبيرة). ونتيجة لهذا، نعيش جميعاً الآن في الأرض المعرضة للغزو المجازي وقتلة إل باسو، الذين توجهوا في هذه السنوات إلى أماكن تختلف بين المعابد اليهودية وحتى مهرجانات الثوم، مسلحين بأسلحة تشبه أسلحة القوات المسلحة، ليوقفوا الغزاة المختلفين في طريقهم. (في إشارة للمتطوعين اليمينيين).
وفي هذه الأثناء، يستمر الرئيس وفريق السياسيين من كلا الحزبين في واشنطن في ضخ المزيد من الأموال إلى الجيش الأمريكي (وفي أشياء قليلة أخرى تُستثنى منها جيوب الـ1% من الصفوة).
يقول الكاتب: "على الرغم من أنني عشت في مدينة نيويورك، لكنني لم أدخل أبداً برج ترامب. أقصد أنني لم أغزُ مساحته أبداً بغض النظر عن مدى مجازية الأمر" .
لذا مع انتشار الغزو في الأجواء، أواصل طرح السؤال عن السبب كل يوم وبكل طريقة: لماذا يغزو مساحتي الشخصية؟
ولا شك أن الرئيس الذي يقتات على هؤلاء "الغزاة" من الجنوب، يرى أن السلالات الوحيدة المهددة بالانقراض على هذا الكوكب قد تكون شركات النفط، والفحم، والغاز الطبيعي.
ويختتم مقاله قائلاً: "صدقوني، أنتم الآن في عالمه وليس عالمي، ومرحباً بكم هناك!" .