الإسلاميون حاضرون في الجنوب، والوسط ليساريين.. تعرّف على الخريطة السياسية بتونس

عربي بوست
تم النشر: 2019/09/11 الساعة 08:35 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/09/11 الساعة 08:35 بتوقيت غرينتش
السبسي مع الغنوشي/Reuters

أظهرت المحطات الانتخابية التي شهدتها تونس منذ 2011، أن الجنوب الشرقي كان الخزان الانتخابي للإسلاميين، حيث فازت حركة "النهضة" بأغلب المقاعد البرلمانية المخصصة للدوائر الانتخابية بهذه المناطق.

لكن هذه الخارطة الانتخابية لم تمنع مرشحين بارزين منافسين للحركة الإسلامية من بذل محاولات جدية لتغييرها.

وبحسب الأرقام الرسمية للهيئة العليا المستقلة للانتخابات، يبلغ عدد الناخبين التونسيين في محافظات الجنوب الشرقي الثلاث (قابس ومدنين وتطاوين)، نحو 610 آلاف صوت.

ويتوزع الناخبون كالتالي: مدنين: 290 ألفاً و480 ناخباً، وقابس: 230 ألفاً و674، وتطاوين: 88 ألفاً و264.

الناشط الجمعياتي سليمان الطبيب قال إن "الخارطة السياسية في تونس معروفة تاريخياً، فالجميع يعرف أن الإسلاميين يسيطرون على مناطق الجنوب، خاصة الجنوب الشرقي، في حين يسيطر اليساريون على مناطق الحوض المنجمي (محافظة قفصة/ جنوب غرب)، بينما يسيطر الدستوريون (الحزب المسيطر قبل الثورة) على محافظات الساحل (سوسة والمنستير والمهدية/ شرق)".

وأضاف الطيب: "يتّسم أهالي الجنوب بالطابع المحافظ، ولذلك فإنه من السهل جداً تسويق الخطاب السياسي الديني الإسلامي داخل هذا المجال الجغرافي" .

بدوره، يعتبر المحلل السياسي الحبيب الحاج سالم أن "الحركات الإسلامية دخلت من الأبواب التربوية التي تتقاسمها مع طبيعة أهل الجنوب المتسمة بالمحافظة والتمسك بالقيم والدينية".

وتابع: "من الأشياء التي جعلت أهل الجنوب يميلون إلى الإسلاميين أكثر من أي طرف آخر هو شعورهم بأن الدولة التونسية التي بدأت مع الحبيب بورقيبة (حكم من 1957 إلى 1987)، همّشتهم بالإضافة إلى ظلم الاستعمار الفرنسي الذي كانوا من المقاومين الشرسين له".

ومنذ بداية الحملة الانتخابية في الثاني من سبتمبر/أيلول الجاري، شهدت مدن الجنوب الشرقي توافد عدد من مرشحي الرئاسية، مثل: يوسف الشاهد (رئيس الحكومة)، ومهدي جمعة (رئيس حكومة سابق ورئيس حزب البديل (وسطي)، وسعيد العايدي (وزير سابق/ حزب بني وطني/ وسطي)، وعبدالفتاح مورو (رئيس مجلس نواب الشعب بالنيابة/ حركة النهضة).

الشاهد يبحث "اختراق" المشهد

الشاهد، مرشح حزب "تحيا تونس"، اختار أن تكون محافظات الجنوب الشرقي الثلاث أول محطة له في حملته الانتخابية بعد افتتاحها في العاصمة تونس.

ويُعوّل الشاهد على عدد من الوجوه الجنوبية المحلية التي تعتبر من الكفاءات، مثل وزير أملاك الدولة السابق مبروك كرشيد، لمحاولة افتكاك أصوات الناخبين بهذه المناطق من "النهضة".

ونظم حزب الشاهد اجتماعاً شعبياً حضره المئات وسط مدينة مدنين.

وفي حديثه أمام أنصاره، تعهد بالسعي إلى استكمال المشاريع التنموية في مدن الجنوب التونسي، خاصة المشروع الصيني المتمثل في بناء جسر بين منطقة الجرف ومنطقة أجيم من جزيرة جربة، وإيصال مشروع السكة الحديدية من محافظة قابس إلى مدنين ثمّ إلى مدينة جرجيس.

وفي تصريح للأناضول، قال القيادي في "حزب تحيا"، تونس المبروك كرشيد: "نحن عازمون على تغيير الخارطة السياسية بالجنوب الشرقي خلال الانتخابات".

وأشار إلى أن "الخزان الانتخابي في الجنوب غاضب من الأنظمة السابقة (بورقيبة أو بن علي)، ولم يكن أبداً خزاناً انتخابياً إسلامياً 100%".

واعتبر أن "الإسلاميين حكموا لنحو 8 سنوات منذ الثورة، ولكن ماذا حققوا لأهالي الجنوب؟ بينما أنجز مرشحنا ( الشاهد) عدة مشاريع، منها تحويل ميناء جرجيس التجاري إلى ميناء لنقل المسافرين بالإضافة إلى جلب المشروع الصيني إلى محافظة مدنين".

بدوره يُعوّل المرشح الرئاسي مهدي جمعة على بعض الكفاءات الجنوبية في الجهة، مثل آمر الحرس الوطني السابق منير الكسيكسي، للظفر بأكثر ما يمكن من أصوات الناخبين بالجنوب الشرقي.

وفي هذا الإطار، قال المحلل السياسي الحبيب الحاج سالم إن "تعويل بعض المرشحين على وجوه جديدة معروفة في الجنوب لا يمكن أن تكون طريقة فاعلة، فبعض الوجوه المقدمة لا تلقى الإجماع الكلي بالمنطقة".

التغيير صعب

الحاج سالم يرى أن "إمكانية تغيير الخارطة السياسية بالجنوب الشرقي أمر صعب للغاية، باعتبار تشتت الأصوات للعائلة التقدمية أو القومية، في الوقت الذي تتماسك وتتوحد فيه حركة النهضة".

ولكنه يعتبر أن الشاهد يمكن أن يكون أكثر المرشحين ظفراً بأصوات الناخبين بتلك المناطق بعد الحركة الإسلامية.

ولا يخفي المحلل السياسي "إمكانية تراجع عدد المصوتين لمرشح النهضة في الرئاسية، باعتبار وجود غضب بعض الأنصار على توجهات الحركة، بالإضافة إلى وجود مرشحين منافسين يقدمون أنفسهم في صف الثورة مثل سيف الدين مخلوف، المرشح عن ائتلاف الكرامة، ومحمد عبو مرشح حزب التيار الديمقراطي (اجتماعي ديمقراطي) الذي يقدم خطابا سياسي يراوح بين السياسي والديني و الثوري".

أما الطبيب فعاد ليقول إنه "ورغم تراجع عدد المصوتين لحركة النهضة بين انتخابات 2011 و2014 وصولاً إلى الانتخابات البلدية العام الماضي، إلا أن الخزان الانتخابي الإسلامي لم ولن ينقص في الجنوب"، معتبراً أن الأصوات الغاضبة والتي تراجعت عن التصويت للنهضة هي "المساندة للحركة من خارجها وليس من داخلها" .

النهضة وخزانها الانتخابي

مورو، مرشح الحركة، قام بحملته الانتخابية في مدن الجنوب الشرقي، وقدّم تعهدات بالعمل على التسريع في ملف العدالة الانتقالية وتسوية وضعية المناضلين والسجناء السياسيين، ومنهم المئات من هذه المنطقة.

وقال سمير ديلو، رئيس حملة مورو، للأناضول: "نحن لا نعتقد بالتقسيم السياسي لجهات البلاد، ولكن نفتخر بمساندة أهل الجنوب لنا".

وأضاف: "متأكدون من أن أهل الجنوب الشرقي سيعطوننا ثقتهم وسيدعموننا في الرئاسية".

ومن جانب آخر، أشار ديلو إلى أن رؤية المرشح مورو تقوم على العمل أكثر على الملف الليبي لما له من تأثير على الوضع الاجتماعي والاقتصادي بمناطق الجنوب الشرقي.

وتابع: "رؤيتنا تتجاوز المسائل العالقة بالحدود مع ليبيا والتجارة البينية بين البلدين، وإنما نريد توطين الشباب في شريط الصحراء حتى لا تبقى المنطقة خاضعة لإغلاق الحدود".

ويعتبر الملف الليبي من أكثر المواضيع التي يطرحها أغلب المرشحين للرئاسية عند زيارتهم الجنوب الشرقي الذي يعتمد فيه معظم السكان، بشكل مباشر أو غير مباشر، على التجارة البينية مع ليبيا.

وتستعد تونس لإجراء الدور الأول من انتخاباتها الرئاسية الأحد المقبل.

تحميل المزيد