لم يكد البيت الأبيض يعلن استقالة المبعوث الأمريكي الخاص للسلام في الشرق الأوسط جيسون غرينبلات، حتى بدأت التكهنات داخلياً ودولياً، بشأن تولي الشاب المغمور "آفي بوركويتز" المهمة في مرحلة حرجة، تستعد فيها الإدارة الأمريكية للإعلان عن صفقة القرن.
وبحسب مصادر أمريكية لموقع "الحرة" فإن آفي بوركويتز، الساعد اليمين لصهر الرئيس الأمريكي وأحد كبار مستشاريه جاريد كوشنر، سيتولى عملياً هذا المنصب، بالرغم من عدم شغله أي منصب سياسي أو دبلوماسي سابقاً، خصيصاً وأنه تخرج قبل 3 سنوات من الجامعة فقط.
وتأتي هذه التأكيدات رغم أن البيت الأبيض اكتفى، في بيان استقالة غرينبلات، بالإشارة فقط إلى أن بوركويتز "سيضطلع بدور أكبر" في فريق خطة السلام، إلى جانب المبعوث الأمريكي الخاص لشؤون إيران، برايان هوك.
وبحسب مراقبين، ففي المرحلة الراهنة لا يمكن التأكيد إن كان ترامب سيمنحه رسمياً صفة "مبعوث خاص لشؤون المفاوضات الدولية"، التي كان يحظى بها غرينبلات.
من هو آفي بوركويتز؟
لا يوجد الكثير حول بوركويتز، لكن بحسب ما نشر في الصحافة الأمريكية، فإن هناك علاقة شخصية تربط بوركويتز (30 عاماً) بكوشنر، وهي علاقة صداقة ليست ببعيده كثيراً، إذ ضم كوشنر بوركويتز إلى فريق حملة ترامب الانتخابية عام 2016، مباشرة بعد تخرجه من كلية القانون، في جامعة هارفرد.
واستمر الشاب آفي مع كوشنر، بعد فوز ترامب بالرئاسة. وتقول مواقع أمريكية إن بوركويتز شارك في اجتماعات ومشاورات حساسة في البيت الأبيض حول سياسات الشرق الأوسط، شملت قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس.
كما حرص كوشنر على اصطحابه خلال جولة شرق أوسطية، في فبراير/شباط الماضي، تحضيراً لورشة المنامة الاقتصادية. ويحظى بوركويتز بعلاقة وديّة مع عائلة ترامب، وهو مقرب جداً من إيفانكا ترامب، ورافق كوشنر وزوجته في كثير من الرحلات.
ومثل كوشنر وجرينبلات وديفيد فريدمان، ولد بوركويتز في عائلة يهودية أرثوذكسية وله علاقات شخصية مع أشخاص في إسرائيل ودرس لمدة عامين في مدرسة دينية يهودية في القدس المحتلة. كما أن ابن عمه، هوارد فريدمان، كان رئيسًا لواحدة من أهم جماعات الضغط الإسرائيلية في أمريكا، منظمة "آيباك"، بحسب صحيفة معآريف الإسرائيلية.
ترقية المقرّبين مع عائلة ترامب
يقول موقع "جويش تليغراف أجنسي"، إن تعيين بيركويتز لهذا المنصب الهام، هو فصل آخر من قصة رفع مستوى المقربين من أسرة ترامب مهما كانت خبراتهم، في حين يوجد الكثير من الدبلوماسيين المطلعين في واشنطن، إذ يرى الموقع المتخصص بالقضايا اليهودية، أن "إدارة ترامب استبدلت محامي عقارات غير مؤهل للشرق الأوسط، بمبعوث مغمور أقل تأهيلاً".
في عام 2017، نُقلت لمحة شخصية عن بوركويتز على موقع "بيزنس إنسايدر" عن المتحدثة السابقة للبيت الأبيض هوب هيكس، قالت "إن من مهام بوركويتز الرئيسية تقديم الدعم اللوجستي يومياً لمكتب كوشنر، مثل إحضار القهوة وترتيب المواعيد" .
وبحسب الموقع الأمريكي، لم يكن بيركويتز معروفًا باهتمامه بأي معتقدات سياسية قوية قبل انضمامه إلى حملة ترامب عام 2016. حيث يقول صديق مقرب لبيركويتز للموقع الأمريكي، إنه منذ أن التقى به في إسرائيل ثم أقام معه في كلية الحقوق بجامعة هارفارد، كان نادراً ما تدور بينهما مناقشات سياسية صريحة، واصفاً إياه بأنه كان شخصية "براغماتية" في بعض الأحيان.
ودفعت قلة خبرة بيركويتز السياسية بعض خبراء سياسيات الشرق الأوسط المخضرمين كالمبعوث الأمريكي السابق مارتن إنديك، إلى التشكيك في قدرته على ملء الفراغ الذي سيتركه غرينبلات.
ورغم أن غرينبلات نفسه لم تكن له خبرة كبيرة في مجال السياسة الخارجية، فإن إنديك رأى أن استبداله بهذا الشاب سيكون بمثابة "خفض في منزلة هذا المنصب" .
هل اكتملت الخطة؟
نورمان رول، الباحث في مركز بولفر للعلوم والشؤون الدولية في جامعة هارفرد، اعتبر أنه "من السذاجة الاعتقاد أن شخصين فقط في البيت الأبيض يتحملان مسؤولية وضع الاستراتيجية المتعلقة بالسلام في الشرق الأوسط" .
وأوضح أن "فريقاً كبيراً يشمل دبلوماسيين محنكين في وزارة الخارجية، يشاركون في عملية صنع القرار"، حسب تعبيره.
وفي السياق نفسه، أكد مسؤولو البيت الأبيض، أنَّ "مغادرة غرينبلات لمنصبه تزامنت مع اكتمال خطة السلام، التي ستعلن في الموعد المناسب".
موعد تأجّل مرات عدة ولأسباب مختلفة، كان آخرها فشل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تشكيل حكومة ائتلافية، ما دفع إلى إجراء جولة ثانية من الانتخابات العامة.
توقع بفشل الصفقة؟
ويرى محللون أن التعيين المفاجئ لبوركويتز جاء بهدف استبداله بسهولة في حال فشلت خطة ترامب للسلام في الشرق الأوسط، المعروفة بصفقة القرن، خاصة أن العملية قوبلت بانتقاد واسع حتى الآن.
وجاء إعلان وزير الخارجية مايك بومبيو أنّ ترامب قد يكشف خطة السلام خلال أسابيع، ليؤكد عزم الإدارة الأمريكية على نشر تفاصيل شقها السياسي بعد الانتخابات الإسرائيلية المقررة في 17 من الشهر الجاري.
و "صفقة القرن"، خطة تسوية أمريكية مرتقبة للشرق الأوسط، يتردد أنها تقوم على إجبار الفلسطينيين، بمساعدة دول عربية، على تقديم تنازلات مجحفة لصالح إسرائيل، خاصة بشأن وضع مدينة القدس، وحق عودة اللاجئين، وحدود الدولة الفلسطينية المأمولة. وفي يونيو/حزيران الماضي، كُشف عن الشق الاقتصادي من الخطة خلال مؤتمر عقده مستشار ترامب وصهره، جاريد كوشنر، بالعاصمة البحرينية المنامة. ويهدف هذا الجانب لضخ استثمارات على شكل منح وقروض مدعومة في فلسطين والأردن ومصر ولبنان، بقيمة إجمالية تُقدّر بـ50 مليار دولار.