العودة إلى الجمال الفرعوني.. المصريون يُعيدون إحياء أسرار الصحة بطرق طبيعية

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/08/29 الساعة 14:41 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/08/29 الساعة 14:42 بتوقيت غرينتش
صورة تعبيرية عن الفراعنة المصريين - iStock


تصدرت مجموعة من العلماء من جامعة هاواي الأمريكية عناوين الصحف العالمية الأسبوع الماضي عندما زعموا أنهم استطاعوا إعادة إنتاج عطر كليوباترا، ملكة مصر الأسطورية المعروفة بجاذبيتها على مر العصور، كما اعتاد قطاع التجميل المحلي في مصر الاعتماد على رصيده من "الوصفات الفرعونية" للتنافس مع منتجات العلامات التجارية العالمية للتجميل غالية الثمن.

ولم يكن جمال الملكات المصريات في العهد القديم اللواتي شُوهدت وجوههن على الجداريات أو التماثيل المعروفة مجرد جمال طبيعي، فالملكات مثل كليوباترا ونفرتاري ونفرتيتي كن يتمتعن بوصفات تجميلية معقدة، شملت عادةً موادَّ طبيعيةً مثل العسل أو الطين أو حليب الماعز، وقد أخذت أشكال حديثة منها تزداد رواجاً في مصر خلال العقد الماضي، بحسب تقرير لموقع Al-Monitor الأمريكي.

العودة إلى الجمال الفرعوني

وعن ذلك، تحدث موقع Al-Monitor إلى المالك المشارك لمتجر Back to Nature، هشام حسنين، الذي قال: "لقد أجريت الكثير من الأبحاث حول طقوس الجمال في العصر الفرعوني، وكيف استخدم القدماء منتجات التجميل"، وأوضح أنه توصل إلى "منتجات تجميل طبيعية 100%" مستمدة من وصفات فرعونية.

ما هي أقدم لغة
تنقرض لغةٌ كل أسبوعين، وانقراض اللغة يكون بموت آخر متحدثيها. وبينما برع الفراعنة في كتابة اللغة، فإن المسمارية قدمت آثاراً أقدم بمئتي عام/ Istock

استعمل المصريون القدماء –رجالاً ونساءً- اللوز المحروق لتكثيف حواجبهم، والكحل لرسم عيونهم، والحليب والعسل كريماً للوجه، وشمع العسل لإزالة الشعر ولصنع العطور. وأظهر اكتشاف "لوحة الملك نارمر"، وهي لوحة احتفالية تعود إلى 3100 قبل الميلاد. كانت تستخدم لخلط المكونات التجميلية، أن أفراد العائلة المالكة من الذكور والإناث استخدموا مستحضرات التجميل.

وشرع حسنين منذ 7 سنوات في عمل بعض الكريمات الطبيعية للشعر والبشرة مستمدة من الوصفات القديمة، وكانت منتجاته في البداية "بالكاد تملأ رفين من رفوف صيدلية". لكنه بعد بضع سنوات، افتتح متجراً خاصاً به في مدينة دهب التي تقع في الساحل الجنوبي الشرقي لسيناء، ومع نمو قاعدة عملائه افتتح متجراً آخر في القاهرة، بحسب الموقع البريطاني.

وقال حسنين: "مستحضرات التجميل التي تستخدم موادَّ كيميائية لها العديد من الآثار الضارة على الجلد والشعر، لذلك بدأ الناس في جميع أنحاء العالم في التحول إلى المنتجات الطبيعية بشكل عام. ونحن لدينا تراث كبير من الوصفات الطبيعية".

الماركات العالمية تستفيد منها

وتستفيد العلامات التجارية الأخرى مثل "Zoganon" و"Nefertari" من جاذبية المنتجات المستوحاة من العصر المصري القديم، حيث تنتج الكحل والكريمات والصابون والزيوت بأسعار معقولة. وتبلغ تكلفة زجاجة صغيرة من زيت الشعر لديهم نحو 50 جنيهاً مصرياً (حوالي 3 دولارات أمريكية)، في الوقت الذي يمكن أن تكلف المنتجات المكافئة الأخرى أكثر من 340 جنيهاً مصرياً (حوالي 20 دولاراً).

ولا يقتصر إغراء مصر القديمة على منتجات التجميل، فقد قامت عدة منظمات محلية بتشكيل برامج لتعليم أو الدعوة إلى "الطب الفرعوني" مثل "أكاديمية الطب الفرعوني في القاهرة" و "نقابة ممارسي الطب الفرعوني تحت التأسيس" التي أنشأها محمود الشاذلي في الإسكندرية.

الفراعنة

وأخبر الشاذلي موقع Al-Monitor بأن النقابة تقدم دورات في العلاج بالحجامة وعلم الأعشاب وتصنيع الكريمات، بالإضافة إلى التدليك والعلاج الطبيعي.

واعترف الشاذلي، الذي يمارس المحاماة تحت التدريب، بأنه لم يدرس الطب في الجامعة لكنه درس الطب الصيني التقليدي في عام 2012، وقال: "مجال الطب الفرعوني واسع ونحن بحاجة إلى كيان للحديث نيابة عنّا. ولهذا السبب أسست النقابة".

وتابع الشاذلي: "يدرّس الطب الفرعوني في العديد من الجامعات العالمية في جميع أنحاء العالم، لذلك فكرت في تدريسه هنا في مصر. فهو أكثر فعالية، إذ يعالج جميع الأمراض وليس له آثار جانبية"، مضيفاً أن النقابة تضم 30 ألف عضو في مصر ودول عربية أخرى.

انتقادات للخطوة

وفقاً للشاذلي، فإنه غالباً ما تُنتقد النقابة من قبل الأطباء والخبراء الآخرين في المجال الطبي، الذين يرون أن الوصفات القديمة في العلاج غير مثبتة علمياً وغير آمنة لاستخدامها من قبل الأشخاص الذين لم يدرسوا الطب.

توت عنخ آمون هو أحد أشهر الفراعنة في تاريخ مصر القديم (من 1334 إلى 1325 ق.م)، ويكتسب شهرة عالمية في الأوساط السياحية.توت عنخ آمون هو أحد أشهر الفراعنة في تاريخ مصر القديم (من 1334 إلى 1325 ق.م)، ويكتسب شهرة عالمية في الأوساط السياحية.
توت عنخ آمون هو أحد أشهر الفراعنة في تاريخ مصر القديم (من 1334 إلى 1325 ق.م)، ويكتسب شهرة عالمية في الأوساط السياحية.

وقال الشاذلي: "إن العديد من الأطباء يهاجموننا. لكننا نريد أن نؤكد لهم أننا لا نبدأ عملنا إلا بعد تشخيصاتهم. ثم نزود الناس بالعلاج المناسب"، وادعى أن العلاقة بين الأطباء وشركات الأدوية هي من تسببت في موقف الأطباء المعارض للمنتجات الطبيعية؛ لأنها استخدامها يعني –بحسب قوله- تناقصاً في أدوية الشركات الموصوفة في روشتات الأطباء.

وقال الشاذلي إنه يريد من مصر أن تولي مزيداً من الاهتمام للعلاج الذي يعتمد على الحكمة وطرق العلاج القديمة، واستخدامها عاملاً للجذب السياحي.

أقدم أنواع الطب

يعد الطب المصري القديم، الذي يظهر في الوثائق التي يعود تاريخها إلى عام 2900 قبل الميلاد، أحد أقدم التقاليد الطبية المعروفة. وتمكّن الخبراء، بعد فك شفرة حجر رشيد في عام 1822، من ترجمة العديد من أوراق البردي المكتوبة باللغة الهيروغليفية المصرية القديمة، والتي كانت تحتوي على معلومات طبية. فقد اشتملت "بردية إبيرس"، على سبيل المثال، على مئات الوصفات الطبية لأمراض مختلفة، علاوةً على "بردية إدوين سميث" التي تضم تعريفات بتشخيص وعلاج العديد من الأمراض وكذلك الطرق الجراحية.

وقال الدكتور وسيم السيسي، أخصائي أمراض المسالك البولية المصري والباحث بعلم المصريات، لموقع Al-Monitor: "يستخدم الطب الحديث بعض الأدوية العشبية المعروفة في مصر القديمة مثل الحلفا بر – halfa-bar، وهي عشبة عطرية تنمو على نطاق واسع في صعيد مصر، وتستخدم في صناعة دواء بروكسيمول – Proximol. وبالمثل، تستعمل بذور الخلة البلدية – ammi visnaga، وهي نبات مزهر من فصيلة نباتات العائلة الخيْمِيَّة التي استخدمت في مصر القديمة، في الأدوية التي توصف لعلاج العديد من الأمراض مثل حصوات الكلى. وهناك العديد من الأشياء التي نستخدمها اليوم والتي تعود إلى الوصفات الطبية المصرية القديمة".

لكنه شدّد على أنه ينبغي على الناس دائماً طلب نصيحة الطبيب، وقال: "إن الطب المصري القديم مهم ولا يزال ذا صلة، ولكن يجب أن نستخدمه بشكل صحيح وتحت إشراف الطبيب".

علامات:
تحميل المزيد