بالفعل اتفق السودانيون على الحل السياسي.. لكنّ العسكريين هم أصحاب القرار في النهاية

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/08/22 الساعة 12:11 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/08/22 الساعة 13:02 بتوقيت غرينتش
المجلس السيادي السوداني يؤدي اليمين الدستورية/ رويترز

أعلن المجلس العسكري الانتقالي السوداني وقوى إعلان الحرية والتغيير التوصُّل إلى اتفاق نهائي بشأن تعيين أعضاء المجلس السيادي، المكوَّن من 11 عضواً، الذي سيدير البلاد حتى إقامة الانتخابات الوطنية المزمع إجراؤها في عام 2022. وكان الطرفان قد توصَّلا إلى اتفاقات سابقة تُحدِّد بالفعل تركيبة الهيئات التشريعية والتنفيذية التي ستحكم السودان حتى وقت إجراء تلك الانتخابات. 

لا شك أن أداء المجلس السيادي لليمين الدستورية، وتعيين رئيس وزراء البلاد الجديد، وحل المجلس العسكري يوم أمس 21 أغسطس/آب، كلها عوامل تُمثِّل علامة فارقة مهمة في العملية الانتقالية في السودان، بحسب تقرير لمركز Stratfor الأمريكي. 

ما سبب أهمية ذلك؟

المعارضة السودانية تجمع المهنيين السودانيين
أثناء توقيع المجلس العسكري السوداني وقوى المعارضة للوثيقة الدستورية/الشبكات الاجتماعية

وبحسب المركز الأمريكي، تجدر الإشارة هنا إلى أنَّ القرارات التي ستتخذها الهيئات الرئاسية الجديدة على مرِّ السنوات القليلة القادمة لن تحدد فقط نظام السودان المقبل، بل ستحدد كذلك وضع البلاد المستقبلي في منطقةٍ دينامية من الناحية الجيوسياسية. إذ أسفرت إطاحة البشير عن تداخل معقد بين مصالح أطراف متنافسة على التأثير في العملية الانتقالية. فالجيش، الذي كان مهيمناً في عهد حكومة البشير، وجد نفسه مضطراً إلى المشاركة في انتقال السلطة إلى حكومةٍ مدنية بسبب الاحتجاجات الداخلية المستمرة وضغطٍ من المصالح الأجنبية.

ولكن في حين أنَّ الهيكل الجديد للعملية الانتقالية قد وضع بعض السيطرة في يد المدنيين بالفعل، فقد احتفظ فيه الجيش بدرجةٍ كبيرة من الاستقلال، وصلاحياتٍ كافية لكبح القرارات السياسية التي يتخذها المدنيون. وصحيحٌ أنَّ جماعات المعارضة التي أصبحت تقود عملية الانتقال السوداني الآن ستستطيع إجراء إصلاحاتٍ جذرية في المؤسسات السودانية بالتأكيد، لكنَّ الجيش، كما كان في عهد البشير، ما زال يحتفظ بالقدرة على حماية مصالحه المباشرة، بما في ذلك الانحياز إلى صفِّ المستفيدين منه في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

تقاسُم الصلاحيات

يُشكِّل الممثلون المدنيون أغلبية في كل هيئةٍ سياسية تشكَّلت بموجب المفاوضات. لكنَّ الجيش يمتلك القدرة على الاعتراض الفعَّال على أي قرار يتعلق بتعيين شخصية سياسية خلال العملية الانتقالية، مما يسمح له بتقييد سلطات الحكم المدني. وبينما يشغل الجيش خمسة مقاعد فقط من أصل 11 مقعداً في مجلس السيادة، يجب الموافقة على قرارات المجلس بأغلبية الثلثين، مما يعني أنَّه يجب أن يوافق اثنان على الأقل من أعضاء المجلس العسكريين. ومن ثَمَّ، يحق للجيش منع تعيينات بعض حكام المدن، وكذلك جميع أعضاء الحكومة والمجلس التشريعي والمحاكم العليا والدستورية في البلاد.

المجلس السيادي السوداني يؤدي اليمين الدستورية/ رويترز

وإلى جانب امتلاك صلاحية قوية في تحديد هوية الأشخاص الذين سيُعيَّنون في الحكومة التي تشكلت برئاسة رئيس الوزراء الجديد عبدالله حمدوك، سيُعيِّن الجيش وزيرَي الدفاع والداخلية اللذين سيرأسان المؤسسة الأمنية السودانية تعييناً مباشراً. فوزير الدفاع سيدير السياسة العسكرية، بينما يخضع الأمن الداخلي، بما في ذلك جهاز الاستخبارات، لسلطة وزير الداخلية. وهذا سيسمح للجيش بمعارضة إجراء أي إصلاحاتٍ مهمة في جهاز الأمن السوداني من شأنها أن تضعف سلطته، فضلاً عن منحه القدرة على استغلال الهياكل الأمنية في البلاد لزيادة التأثير في العملية السياسية أو الاستيلاء عليها. 

خلاصة القول أنَّ الدرجة الذي سيستخدم بها الجيش هذه الصلاحيات بالفعل ستحدد مدى نجاح السودان في التقدم عبر عملية انتقالية مستقرة. بيد أنَّ أسس استمرار دور الجيش في السياسة السودانية راسخةٌ بوضوح في الاتفاقيات الحالية.

علامات:
تحميل المزيد