ناقلة النفط الإيرانية تُبحر الآن في غرب البحر المتوسط ووجهتها المفترضة اليونان، لكن لا أحد يعرف على وجه التحديد أين سترسو في النهاية، خصوصاً أن واشنطن صعَّدت من تهديداتها لدرجة "اللمس"، فما هي السيناريوهات المحتملة لتلك الدراما؟ وكيف يمكن لناقلة عملاقة يراقبها العالم بأكمله أن تراوغ وتتخلص من حمولتها البالغة أكثر من 2 مليون برميل من النفط الخام؟
آخر المستجدات
يظهر موقع تانكر تراكر المتخصص في مراقبة خط سير ناقلات النفط والسفن التجارية موقع الناقلة أدريان داريا (غريس1 سابقاً) اليوم الأربعاء 21 أغسطس/آب في غرب البحر المتوسط، ووجهتها الأخيرة "غير معلومة" .
الناقلة كانت قد غادرت مياه جبل طارق، الأحد الماضي، بعد أن فشلت محاولات الولايات المتحدة في تمديد احتجازها بناء على مذكرة قضائية أصدرتها محكمة أمريكية على أساس أن الناقلة تابعة للحرس الثوري الإيراني الذي صنّفته إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على أنه منظمة إرهابية.
سلطات جبل طارق لم تعترف بالمذكرة الأمريكية حيث إن جبل طارق التي تتمتع بالحكم الذاتي وتتبع التاج البريطاني تطبق القوانين الأوروبية.
وعيد بومبيو
أعلن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، ليل الثلاثاء الأربعاء 21 أغسطس/آب 2019، أن الولايات المتحدة ستتخذ كل ما بوسعها من إجراءات لمنع الناقلة الإيرانية من تسليم النفط إلى سوريا في انتهاك للعقوبات الأمريكية.
وقال بومبيو للصحفيين: "أوضحنا أن أي أحد يلمسها، أي أحد يدعمها، أي أحد يسمح للسفينة بالرسو يواجه خطر التعرض لعقوبات من الولايات المتحدة". وأضاف: "إذا اتجهت تلك السفينة مجدداً إلى سوريا فسوف نتخذ كلَّ ما بوسعنا من إجراءات بما يتسق مع تلك العقوبات من أجل منع ذلك".
عندما غادرت الناقلة "أدريان داريا 1" التي كانت تعرف باسم "غريس 1"، جبل طارق يوم 18 أغسطس/آب، أظهرت بيانات تتبع السفن أن السفينة متجهة إلى ميناء كالاماتا اليوناني، لكن اليونان نفت تلقيها أي طلب برسو "أدريان دريا-1" في موانئها، في حين تمتنع طهران عن كشف وجهة السفينة، مكتفية بالقول إنها "تواصل مسيرها في المتوسط، وستقوم بتنفيذ المهمة الموكلة لها".
الناقلة مملوكة لروسيا؟
وفي تطوُّر لافت، ذكرت وكالة العمال الإيرانية للأنباء، اليوم الأربعاء، أن شركة شحن إيرانية تستأجر في الوقت الحالي الناقلة أدريان داريا، مضيفة "تجدر الإشارة إلى أن السفينة غريس 1، التي تغيَّر اسمها إلى أدريان داريا بعد الاحتجاز، هي ناقلة نفط كورية الصنع مملوكة لروسيا وتستأجرها حالياً شركة شحن إيرانية" .
التصريحات جاءت خلال مقابلة أجرتها وكالة العمال شبه الرسمية مع علي رضا تنكسيري، قائد القوات البحرية بالحرس الثوري، بحسب رويترز.
وقال تنكسيري للوكالة في تصريحات تنمّ عن التحدي: "لا تحتاج السفينة أدريان داريا إلى مرافقة" .
إلى أين تتجه إذاً؟
إعلان تنكسيري أن الناقلة مملوكة لروسيا، وأن شركة شحن إيرانية تستأجرها من المؤكد أنه يهدف أولاً إلى تكذيب واشنطن التي تبني قضية ملاحقتها للناقلة على أساس أنها تتبع الحرس الثوري، كما أن الزج بروسيا في المسألة ربما يوحي بأن الناقلة قد ترسو في أحد الموانئ السورية التي تسيطر عليها روسيا في البحر المتوسط.
لكن هذا السيناريو تحديداً محفوف بالمخاطر، لأن إيران ادعت أن الناقلة ليست متوجهة إلى سوريا وعلى هذا الأساس تم إطلاق سراحها من جبل طارق، كما أن توجه الناقلة بحمولتها البالغة أكثر من مليوني برميل إلى أحد الموانئ السورية لا يمكن أن يمر دون تصعيد، ولو وصل الأمر لتوقيفها بالقوة قبل الدخول في المياه الإقليمية السورية.
السيناريو الأقرب هنا هو أن تفرغ الناقلة حمولتها في عرض البحر، ولكن هذا الحل لن يكون ميسوراً أو سهلاً في ظل المراقبة الدقيقة التي تتعرض لها الناقلة بعد تحولها لحجر الزاوية في الأزمة الحالية بين إيران وواشنطن، ومن المؤكد أن تفريغ الحمولة لن يتم في أحد الموانئ الأوروبية على البحر المتوسط، لأن ذلك قد يُعرض الدولة صاحبة الميناء إلى غضب وعقوبات واشنطن.
لكن الأرجح أن إيران لديها خطة ربما لا يعرفها أحد خارج دائرة صُنع القرار؛ كي تنهي تلك المواجهة منتصرة حتى النهاية، ولو تضمنت تلك الخطة منح النفط الذي تحمله الناقلة لأحد الأطراف الراغبة دون مقابل، بعد أن أصبحت معركة الناقلة الملعونة رمزاً من رموز الصراع مع واشنطن.