التنين الصيني يواصل بهدوء توسيع مناطق نفوذه باستخدام الاستثمارات والاقتصاد، ويبدو أن القارة السمراء سيتحول لونها إلى الأصفر بشكل شبه كامل قريباً، قياساً على ارتفاع قيمة الاستثمارات الصينية التي تعكسها حركة النقل الجوي التي ارتفعت أكثر من ستة أضعاف خلال العقد الماضي فقط.
موقع كوارتز الأمريكي نشر تقريراً حول الغزو الصيني الناعم للقارة السمراء، استعرض فيه التوسعات التي تمولها الصين في المطارات الرئيسية في إفريقيا وخصوصاً في إثيوبيا.
إثيوبيا-شنغهاي
يسافر تشيبين تشو، وهو ميكانيكي يعمل في دولة الغابون، إلى الصين لقضاء إجازته السنوية في مسقط رأسه، يانتشنغ، وهي مدينة تبعد بالسيارة حوالي 3 ساعات ونصف عن مدينة شنغهاي. ويعمل تشو في مدينة ليبرفيل -عاصمة الغابون- في محجرٍ يملكه رجل أعمال من نفس مسقط رأسه.
يحصل تشو على إجازة لمدة شهر كل عام لزيارة أسرته في وطنه، إذ يخوض رحلة جوية مباشرة من أديس أبابا إلى شنغهاي، بعد أن يصل إلى العاصمة الإثيوبية قادماً من من ليبرفيل.
لم تحلق الخطوط الجوية الإثيوبية من أديس أبابا إلى شنغهاي إلا بداية من عام 2014.
عندما وصل تشو إلى الغابون لأول مرة في عام 2011، استقل طائرة من العاصمة بكين متجهة إلى نيودلهي، ثم من هناك إلى أديس أبابا، ثم سافر إلى دوالا في الكاميرون، قبل أن يطير إلى وجهته الأخيرة ليبرفيل.
من رحلة لـ8 رحلات
تغير الزمن، وأصبح هناك ثماني رحلات مباشرة في المتوسط بين الصين والدول الإفريقية يومياً، وهي زيادة كبيرة حدثت في أقل من عشر سنوات: ففي عام 2010، كان متوسط الرحلات التي تسيّرها شركات الطيران أقل من رحلة واحدة في اليوم.
ويتزامن التوسع في الحركة الجوية بين القارة الإفريقية والصين مع عهد التوسع السريع في حجم الاستثمارات الصينية؛ فقد كانت الشركات الصينية تتنافس بشدة على مشاريع البنية التحتية في إفريقيا، وكانت تفوز بها.
ساعدت الشركات الصينية في بناء مطارات في كل من كينيا، ومالي، وموريشيوس، وموزمبيق، ونيجيريا، وجمهورية الكونغو، وتوغو، وسيراليون، وغيرها في السنوات الأخيرة.
مطار بولي الدولي
يخدم مطار بولي الدولي في أديس أبابا، (حيث تقلع رحلة تشو)، معظم المسافرين اليوم من إفريقيا إلى الصين. وزادت صالة المطار الجديدة من سعة المطار الإجمالية إلى ثلاثة أضعاف القدرة الاستيعابية له عند افتتاحه هذا العام؛ إذ تحملت الصين بناءه وتمويله بمبلغ 363 مليون دولار.
ومع تدفق الأموال، ارتفعت أعداد البشر. صارت أساطيل الخطوط الجوية التي تعمل بين الصين وإفريقيا الآن تُقلّ حوالي 850 ألف مسافر سنوياً.
ومعظم التوسعات تجريها الخطوط الجوية الإثيوبية. مع أنه لم يكن لديها خط جوي واحد بين إفريقيا والصين في عام 2010. أما الآن، تدير الشركة حوالي نصف الرحلات الجوية السنوية البالغ عددها 2616 رحلة؛ إذ زاد حجم أسطولها إلى أكثر من الضعف في العقد الماضي وأصبحت أكبر شركة طيران في إفريقيا.
يقول أسرات بيجاشاو، المتحدث باسم دولة إثيوبيا، إن عدد المسافرين الصينيين يشكّل أكبر قدر من العملاء. وتُرسل شركة الطيران رحلات جوية يومياً إلى كوانزو وشانغهاي وبكين وتشنغدو ثلاث مرات في الأسبوع، كما أعلنت عن خططها لإضافة ثلاث وجهات صينية أخرى.
لم يكن الإثيوبيون أول من حاول استغلال السوق الصينية لتحقيق النمو الاقتصادي؛ فقد بدأت الخطوط الجوية الكينية تسيير رحلات بين كوانزو ونيروبي، في عام 2013 وألغتها في عام 2015. وكانت الخطوط الجوية لجنوب إفريقيا تملك خط طيران واحداً بين مدينة جوهانسبرغ وبكين من 2013 إلى 2015، وظلت الخطوط الجوية الجزائرية بنفس القدرة طوال العقد الماضي، كما حافظت شركة مصر للطيران على نفس العدد من الرحلات الجوية إلى بكين ووسعت خدماتها إلى كوانزو.
ويبدو أن الصين والخطوط الجوية الإثيوبية تراهنان، من خلال الاستثمار في بناء المطارات أو شراء الطائرات، على أن حركة النقل الجوي في القارة ستنمو نمواً سريعاً. يسهل تدارك السبب الكامن وراء هذا؛ إذ إن صناعة السياحة الإفريقية شكلت 2.2 ٪ فقط من مجمل رحلات السفر الجوي على مستوى العالم في عام 2018.