لطالما كانت إسرائيل معجبة بالسلاح الروسي الذي يباع منه لمعظم خصومها في الشرق الأوسط. ولطالما حرصت القوات الجوّية الإسرائيلية خصيصاً بشدة على إلقاء نظرة مباشرة على أنظمة وأداء الطائرة MiG-29 Fulcrum الروسية الأكثر فتكاً، بمجرد ظهورها على الأراضي السورية خلال السنوات الأخيرة. في حين كانت إسرائيل حصلت سابقاً على طائرة MiG-29 شبه كاملة تقريباً في صفقة سرية مع جنرال بولندي، ولكن هذا ما حصل.
كانت الطائرة في دانسك ببولندا بانتظار شحنها إلى سوريا، ولكنها، بدلاً من ذلك، وُضعت على طائرة ونُقلت إلى إسرائيل في أواخر عام 1985. وسرعان ما علم السوفييت بذلك وطالبوا بإعادتها. ولأن إسرائيل كانت تسعى في ذلك الوقت إلى تعزيز علاقاتها بالاتحاد السوفيتي، فقد استجابت في فبراير/شباط 1986. وفحصت إسرائيل أجزاء الطائرة وصورتها، ولكنها، على الأرجح، لم تتمكن من إنجاز أي شيء آخر خلال تلك الفترة القصيرة.
كيف حصلت إسرائيل على MiG-29؟
بحسب مجلة National Interest الأمريكية، فإن إسرائيل، خلال عام 1991، استعارت راداراً من طراز MiG-29 من ألمانيا في صفقة شملت بيع أو إعارة عدد كبير من الأسلحة السوفييتية إلى إسرائيل. وشملت الصفقة شحن الدبابات القتالية T-72 الحديثة إلى إسرائيل، ولكنها أُدرجت في وثائق شحن مزيفة بوصفها "معدات زراعية". وجاء الرادار من واحدة من طائرات MiG-29 السابقة بجيش ألمانيا الشرقية والتي أصبحت متاحة للغرب بعد إعادة توحيد ألمانيا. وبعد إجراء تقييم فني شامل، أعادت إسرائيل الوحدة إلى أصحابها.
كان تقييم الرادار مفيداً، ولكنه لم يُجب سوى عن جزء بسيط من أسئلة القوات الجوية الإسرائيلية؛ لابد من توافر طائرة كاملة.
وعلى عكس طائرات قتال الصفوف الأمامية في الماضي، بدا أن إسرائيل غير قادرة على الحصول على طائرة من خلال إجراءات وتدابير سرية. ولكن مع نهاية الحرب الباردة، أصبح من الممكن إجراء فحص وتقييم لإحدى الطائرات عبر استئجارها، وهو ما فعلته إسرائيل.
اقتراض الطائرات
حلّق الطيارون الإسرائيليون بالطائرة في واحدة أو أكثر من دول أوروبا الشرقية، وربما ألمانيا، خلال النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي. ولكن إجراء تقييم كامل ومفصّل سيتطلب محاكاة معركة ضد مقاتلات الخطوط الأمامية لدى القوات الجوية الإسرائيلية.
لذا رتبت إسرائيل اقتراض ثلاث طائرات MiG-29 من إحدى دول شرق أوروبا لم يُكشف عنها (بولندا على الأرجح) في عام 1996 أو 1997. وبدا أن الطائرات، التي تضمنت 35105، من طرازات A الأولى. وحلقت طائرات MiG-29 من عدد من القواعد الجوية في النقب، من بينها قاعدة رامون الجوية، خلال فترة تجريبية استمرت أسبوعين في شهر أبريل/نيسان 1997.
وأفادت التقارير إن كل طائرة حلقت 20 مرة. وأجرت إسرائيل محاكاة لمواقف قتالية ضد طائرات F-15 و F-16، بالإضافة إلى تقييمات فنية أخرى لأنظمة البحث والتتبع بالأشعة تحت الحمراء المثبّتة على الخوذة. وبحسب ما ورد، فقد أُعجب الإسرائيليون بهذه الخصائص وبالطائرة كلها.
الميغ 29.. "الطائرة الجديرة بالاحترام"
قال الرائد (ن)، أحد طياري القوات الجوية الإسرائيلي الذين حلّقوا بالطائرة MiG-29: "قدرات طائرات MiG تعادل وأحياناً تتفوق على قدرات طائرات F-15 و F-16. قابلية المناورة بالطائرة رائعة، كما توفر محركاتها نسبة أعلى بين الوزن إلى الدفع. ينبغي أن يحذر طيارونا في المعارك الجوية مع تلك الطائرة. عندما يقودها محترفون بتدريب جيد، ستصبح خصماً جديراً بالاحترام" .
وأيد الفريق (م) كلام الرائد (ن) قائلاً: "التحليق بطائرة MIG واحدة من التجارب الفريدة للطيار. الآن أعلم أن نتيجة معركة جوية بين طائرات MIG والمقاتلات الإسرائيلية سوف تعتمد على مدى تطور القتال. في معركة متكافئة، قد تمثل تهديداً حقيقياً. إنها طائرة متقدمة، ومذهلة في المناورات القريبة. يمكنها الدوران بمنعطفات حادة، وتمتاز بالسرعة. في رأيي، إنها ليست أقل من طائراتنا المقاتلة المتقدمة في شيء" .
كنز من البيانات
تقول مجلة National Interest، إن تقييم الطائرة كان مكلفاً لإسرائيل بالتأكيد، ولكنه قدّم بيانات قيمة عن تهديدات جوية لم يكن من الممكن الحصول عليها من قبل.
وُضعت علامات تعريفية تحدد المالكين الحقيقيين لطائرات MiGs. ولكن الغريب، عدم وضع العلامة الوطنية الإسرائيلية على الطائرات، ربما كان ذلك من شروط التعاقد. ووضعت العلامات على ذيول طائرات السرب 253 من طائرات F-16 (حيث استضيفت طائرات MiG-29) ومركز اختبارات الطيران (#104 و 110، على الترتيب).