لا تتوقف انتقادات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لخصومه عن حد النقد، بل الأمر وصل إلى التطاول والاتهام بأن بعضهم غير ذكي، مثلما حدث مع نائبات من الحزب الديمقراطي اللاتي أطلق عليهن الفرقة.
وبحسب تقرير لشبكة CNN الإخبارية الأمريكية، فإن ترامب أثار موجة من الغضب بعدما أرسل سلسلة من التغريدات العنصرية تحثّ أربع عضوات ديمقراطيات من أصول مختلفة على "العودة" من حيث أتين، وها هو يعيد الكرّة مجدداً.
مَن هن الفرقة؟
وبحسب الشبكة الأمريكية، فإن "الفرقة"؛ اسم يطلق على ألكساندريا أوكاسيو-كورتيز النائبة عن ولاية نيويورك، وأيانا بريسلي النائبة عن ولاية ماساتشوستس، وإلهان عمر النائبة عن ولاية مينيسوتا، ورشيدة طليب النائبة عن ولاية ميشيغان، يوم الإثنين، 22 يوليو/تموز قائلاً: "الفرقة هي مجموعة عنصرية من مثيرات الشغب اللائي هن صغيرات السن وعديمات الخبرة، والمفتقرات للذكاء. إنهن يسحبن الحزب الديمقراطي الذي كان عظيماً في وقت من الأوقات إلى أقصى اليسار، ووقفن ضد المساعدات الإنسانية على الحدود… والآن يقفن ضد وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك وأمن الوطن. وهذا سيئ جداً لبلادنا!" .
أريد التعليق على أحد أبعاد تلك التغريدة؛ عندما قال رئيس الولايات المتحدة إن "أعضاء الفرقة لسن ذكيّات" .
كيف توصَّل ترامب إلى هذا الاستنتاج؟
وتساءلت الشبكة الأمريكية أنه على أي أساس توصّل ترامب إلى هذا الاستنتاج بخصوص القدرات الفكرية للعضوات التقدميات الديمقراطيات الأربع في الكونغرس؟
من الصعب أن نتخيل وصول ترامب بشكل مفاجئ إلى اختبارات الذكاء للأربع، أو أن تخصص أوكاسيو-كورتيز المزدوج في العلاقات الدولية والاقتصاد من جامعة بوسطن أو شهادة طليب في القانون من جامعة ميشيغان دلائل على افتقارهنّ للذكاء. تخرجت عمر في جامعة ولاية شمال داكوتا، وارتادت بريسلي جامعة بوسطن لمدة عامين قبل أن تتخلى عن دراستها لمساعدة أمها العاملة.
كيف توصَّل إلى ذلك إذاً؟
الإجابة بالتأكيد هي أن عضوات "الفرقة" أولاً نساء، وثانياً لسن من البيض.
لماذا قد يكون ذلك هو السبب الحقيقي، والوحيد، لكي يصفهن ترامب بـ "غير الذكيّات"؟ إنه التاريخ.
وأثناء جولة ترامب في البلاد خلال حملة منتصف مدته الرئاسية في 2018، تضمنت كل خطاباته سطراً يهاجم فيه نائبة كاليفورنيا، ماكسين ووترز، الأمريكية من أصل إفريقي. غرّد ترامب في يونيو/حزيران 2018: "عضوة الكونغرس ماكسين ووترز، الشخصية منخفضة الذكاء بشكل لافت وغير معتاد، أصبحت، إلى جانب نانسي بيلوسي، واجهة الحزب الديمقراطي"، مضيفاً: "لقد دعت للتو إلى إيذاء مناصري حركة (اجعلوا أمريكا عظيمة مرة أخرى)، وهم كثيرون. كوني حذرة مما قد تتمنيه ماكس!" .
وبعد شهرين من ذلك، كتب ترامب هذه التغريدة، التي تستهدف الصحفي دون ليمون من شبكة CNN وليبرون جيمس نجم الدوري الأمريكي للمحترفين لكرة السلة، وهما ليسا بيض البشرة: "أجرى ليبرون جيمس للتو مقابلة مع أغبى رجل على شاشة التلفزيون، دون ليمون. لقد جعل ليبرون يبدو ذكياً، وهذا ليس بالأمر الهيّن. أنا أحب مايك!" (وكان يقصد مايكل جوردان، أسطورة كرة السلة الأمريكي من أصل إفريقي أيضاً).
حسناً، يبدو الأمر أكثر من مجرد مصادفة.
هذا السبب وراء استنتاجه
وبحسب الشبكة الأمريكية فإن أفضل تفسير لوصول ترامب لهذا الاستنتاج، البعيد عن الحقائق، بشأن ذكاء عضوات "الفرقة" هو أن الرئيس الأمريكي ينتهك مبدأ تكافؤ الفرص في ما يتعلق بالحديث سلباً عن معدل ذكاء أي شخص. وكما كتب فيليب بامب في صحيفة Washington Post في أغسطس/آب 2018: "غالباً ما يقسّم ترامب العالم إلى مجموعتين؛ مجموعة الأغبياء (أو الحمقى أو منخفضي الذكاء) ومجموعة ليست كذلك. ويُذكر أن ترامب غالباً ما يستخدم وصف أشخاص أغبياء، في الآونة الأخيرة، مع من ليسوا من أصحاب البشرة البيضاء" .
وأضاف: "ولم يكن هذا هو الحال دائماً. قبل الانتخابات الرئاسية، كثيراً ما كان يستهين ترامب بأشخاص بيض ويصفهم بالأغبياء" .
وهناك بعض الدلائل على هذه النظرية في تغريدات ترامب الأخيرة، بخلاف التي يستهدف فيها عضوات "الفرقة". على سبيل المثال، وصف السفير البريطاني الأسبق في الولايات المتحدة، كيم داروك، في وقت سابق من هذا الشهر بـ "الشخص الغبي للغاية". وغرّد أيضاً عن بول كروغمان، كاتب أعمدة الرأي لدى صحيفة New York Times قائلاً: "إنه مهووس بالكراهية، مثل هوس الآخرين بمدى غبائه" . ويُذكر أن كلاً من داروك وكروغمان من الذكور بيض البشرة.
إذاً، على أقل تقدير، نتوصل إلى استنتاج أن الرئيس الأمريكي يعتمد على أسلوب طلبة المدارس ("أنت غبي للغاية!) لوصف الأشخاص المختلفين معه.
وعلى أقصى تقدير، يعرف ترامب ما يفعله تماماً بتوجيه تلك الأوصاف التي تنال من ذكاء عضوات "الفرقة" وآخرين ممن ليسوا بيض البشرة. وهو يجهل تماماً التاريخ السلبي الذي يستحضره عندما يهاجم النساء وذوي البشرة الملونة ويصفهم بالأغبياء.