وفي حديثه إلى الصحفيين الأسبوع الماضي، قال ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الرئاسة الروسية: "هذا مشروع مهم. عندما يُفعَّل، لا يمكننا استبعاد التفاعل في هذا الشأن". وأضاف أن نظام المدفوعات الجديد صُمم لمساعدة الشركات الأوروبية على التصدي لـ "المحاولات غير القانونية الرامية إلى تقييد أنشطتها".
عبرت إيران عن إحباطها بشأن عدم بذل بقية الدول الموقعة على الاتفاق النووي المزيد من الجهد لتخفيف حدة العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها من قبل الولايات المتحدة، خاصةً العقوبات التي تحد من قدرتها على تصدير النفط. وأكدت استياءها لخرق الحدود المتفق عليها في الاتفاق النووي بشأن عمليات تخصيب اليورانيوم.
وصف محمد جواد ظريف، وزير خارجية إيران، مسبقاً آلية دعم التبادل التجاري بأنها "ليست كافية".
موقف أمريكا من نظام "إينستكس"
أثار دعم موسكو لنظام "إينستكس" تحذيراً من جانب وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوشن، الذي كان ضمن الحضور في قمة مجموعة الدول الصناعية السبع في فرنسا.
هدد منوشن، بعد مناقشة الشأن الإيراني مع نظيره الفرنسي برونو لو مير: "إذا أردت المشاركة في النظام الدولاري، التزم إذا بالعقوبات الأمريكية. نريد التأكد من أن إينستكس حريص جداً ولا يفعل أي شيء يمكنه يؤدي إلى مشاكل مع عقوباتنا". وذكر أن التصدير إلى إيران لأغراض إنسانية ما زال مسموحاً.
وكان الاتفاق النووي البارز، المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، قد رفع سلسلة من العقوبات الدولية المفروضة على إيران مقابل التزام طهران بخفض برنامجها النووي.
تسبب فرض واشنطن لهذه العقوبات مجدداً في تدمير الاقتصاد الإيراني، ويعزى جانب من هذا إلى وقف حصة كبيرة من صادرات النفط الإيرانية، الذي يعتبر أهم سلعة بالنسبة لإيران.
وقالت روسيا إن آلية دعم التبادل التجاري "هي أداةٌ جيدة لتنفيذ المشروعات.. التي هاجمتها الولايات المتحدة بقوة (عبر فرض العقوبات)"، لكنها دعت إلى توسيع نطاق الآلية ليشمل النفط الخام.
وأضافت: "إذا دعم الاتحاد الأوروبي بخطوات ملموسة وإجراءات عملية، بما فيها استخدام آلية دعم التبادل التجاري لخدمة تجارة النفط الإيراني، فإنه سيسهم في استقرار الوضع الصعب الذي نشأ حول خطة العمل الشاملة المشتركة".
علاقة وثيقة تربط إيران بروسيا
عززت روسيا علاقاتها مع إيران خلال السنوات الأخيرة في إطار بزوغ نجم روسيا باعتبارها لاعباً جيوسياسياً مهماً في منطقة الشرق الأوسط، بما فيها دورها في دعم نظام الأسد أثناء الحرب في سوريا.
وخلال اجتماعٍ مع الرئيس الإيراني حسن روحاني الشهر الماضي، يونيو/حزيران، تعهد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باستمرار تطوير الروابط التجارية مع طهران وقال إن موسكو ملتزمةٌ بمشروعٍ لتوسيع محطة بوشهر النووية في إيران.
ظلت جهود إنقاذ الاتفاق النووي مجالاً يندر فيه التعاون بين بروكسل وموسكو، اللتين تدهورت علاقتهما بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم في 2014، ومحاولة قتل عميل روسي مزدوج في بريطانيا، والمحاولات المزعومة لتدخل روسيا في انتخابات الاتحاد الأوروبي.
منذ انسحاب ترامب من الاتفاق النووي في شهر مايو/أيار الماضي، سارع الموقعون الآخرون -ألمانيا، وفرنسا، وبريطانيا، والصين، وروسيا- للبحث عن سبل للحفاظ على التبادل التجاري مع إيران. لكن خوف الشركات من المخاطرة بإغضاب واشنطن وقف عقبةً في طريق هذه المساعي.
أُطلقت آلية عدم التبادل التجاري في يناير/كانون الثاني الماضي لكن تطبيقها تأخر بسبب العقبات البيروقراطية والتعقيدات الناجمة عن العقوبات الأمريكية. ولم يبدأ تطبيقها إلا الشهر الماضي، يونيو/حزيران وسط انتقادات طهران لها بأنها تحتوي على قيودٍ كبيرة.
ولم تنضم سوى 10 دول من الاتحاد الأوروبي إلى الآلية، إذ يبلغ قيمة خط الائتمان المبدئي الخاص بهذه الآلية بضع ملايين من اليوروهات، وهو جزءٌ صغير من حجم التبادل التجاري بين إيران والاتحاد الأوروبي، الذي بلغ أكثر من 20 مليار يورو قبل فرض العقوبات الأمريكية.
موقف الاتحاد الأوروبي من انضمام روسيا لهذه الآلية
وقال مسؤولان من الاتحاد الأوروبي في حديثهما إلى الصحيفة إن بروكسل مهتمة بانضمام روسيا إلى آلية دعم التبادل التجاري، لكنهما أوضحا أن الاتحاد الأوروبي يسعى أولاً إلى تشغيل هذه القناة المالية وإدارة تجارة المساعدات الإنسانية قبل توسيع نطاق عمل الآلية أو عضويتها.
قالت فيديريكا موغيريني، رئيسة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، هذا الأسبوع إن آلية دعم التبادل التجاري "كان يُنظر إليها دوماً باعتبارها آلية مفتوحة لأطرافٍ ثالثة.. ونرى بالفعل اهتمام بعض منها بالمشاركة فيها" دون تسمية هذه الأطراف.
وتابعت: "إن مسألة تعامل آلية دعم التبادل التجاري مع السلع النفطية هي محل نقاشٍ مستمر بين الدول المشتركة في الآلية".
وتريد إيران أن تشتري أوروبا نفطها كي تستخدم أرباحها من العملة الصعبة لاستيراد السلع الأساسية والأدوية عبر آلية دعم التبادل التجاري.
وقالت موسكو في وقتٍ سابق إنها ستبحث عن سبل لتسهيل أو تمويل صادرات النفط الإيرانية، إذا لم تُطلق آلية دعم التبادل التجاري أو في حالة عدم ثبوت فعاليتها.
وكانت الفكرة وراء آلية دعم التبادل التجاري هو إنشاء نظام تبادل مالي يحل محل نظام الدفع المالي الدولي الخاضع للعقوبات الأمريكية بين أوروبا وإيران عبر دفعات مالية لا تتجاوز الحدود الإيرانية.
وقال محللون إن الصين، التي أظهرت استعدادها لتحدي العقوبات الأمريكية، لديها قدرة أكبر لمنح طهران طوق نجاة اقتصادي عبر الاستمرار في شراء صادرات النفط الإيرانية.