أما وقد اتفق الفرقاء السودانيون.. مجلة بريطانية: ما حدث هو البداية وليس النهاية للأزمة!

أُعلن الأسبوع الماضي في السودان توقيع اتفاق بين المجلس العسكري الانتقالي الحاكم وتحالف المعارضة المعروف باسم "قوى الحرية والتغيير"، يقضي بتقاسم السلطة خلال فترة انتقالية تبلغ 3 سنوات.

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/07/20 الساعة 14:14 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/07/20 الساعة 17:42 بتوقيت غرينتش
نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي السوداني محمد حمدان دقلو، ورئيس التحالف المعارض أحمد الربيعة/ رويترز

أُعلن الأسبوع الماضي في السودان توقيع اتفاق بين المجلس العسكري الانتقالي الحاكم وتحالف المعارضة المعروف باسم "قوى الحرية والتغيير"، يقضي بتقاسم السلطة خلال فترة انتقالية تبلغ 3 سنوات. 

الاتفاق الذي وقعه نائب رئيس المجلس الانتقالي الفريق أول محمد حمدان دقلو (المعروف أيضاً باسم حميدتي)، من شأنه تأسيس مجلس سيادي للإشراف على الفترة الانتقالية، بحسب صحيفة The Independent البريطانية.

سيضم المجلس السيادي 5 عسكريين، و5 مدنيين، بالإضافة إلى عضو مدني آخر يتفق عليه كلا الطرفين. 

ويتضمَّن كذلك التوقيع على إعلانٍ دستوري في الأيام المقبلة، وفتح تحقيقٍ مستقل في عمليات القتل التي وقعت منذ الانتفاضة على الرئيس عمر حسن البشير في ديسمبر/كانون الأول الماضي، التي أنهت حكمه الذي امتد 30 عاماً.

1- مَن وقَّع على الاتفاق؟

وقَّع على الاتفاق كلٌّ من قوى الحرية والتغيير نيابةً عن المحتجين المطالبين بالديمقراطية والحكم المدني، والمجلس العسكري الانتقالي، الذي يتألَّف من كبار ضباط البشير.

ويعتقد وسطاء من إثيوبيا والاتحاد الإفريقي أنَّ الاتفاق سيكون كافياً لنزع فتيل المواجهة بين العسكر والمدنيين في السودان، لكن يبدو أنَّ قوى سياسية أخرى غير سعيدة. 

إذ رفضت "الجبهة الثورية"، وهو تحالف للميليشيات المسلحة التي انخرطت في العديد من الحروب الأهلية ضد نظام البشير في مناطق دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان وجبال النوبة، أن تكون جزءاً من الاتفاق، مُبرِزةً اختلافات مع قوى الحرية والتغيير بشأن حصص تقاسم السلطة. 

وقال "الحزب الشيوعي"، الذي اضطلع بدورٍ حيوي في حشد وتنظيم الاحتجاجات الجماهيرية ضد البشير والجيش، إنَّ قوى الحرية والتغيير قدَّمت تنازلات أكثر من اللازم لقادة الجيش. 

ويطالب الاتفاق بتشكيل مجلسٍ تشريعي في غضون ثلاثة أشهر. ومن شأن هذا المجلس أن يسنَّ القوانين ويراقب العمل خلال الفترة الانتقالية. 

لكنَّ الكثير من السياسيين يقولون إنَّ الجيش أصرَّ على تأجيل الاتفاق بشأن المجلس في محاولة للالتفاف على مطالب قوى الحرية والتغيير الرامية للحصول على حق اختيار 67% من أعضاء المجلس.

2- ما موقف المملكة المتحدة؟

شكَّلت بريطانيا مجموعة ثلاثية (ترويكا) مع كلٍّ من الولايات المتحدة والنرويج لمتابعة الانتفاضة السودانية والضغط على المجلس العسكري من أجل احترام مطالب الشعب بالحرية والديمقراطية. 

واضطلعت الترويكا بدورٍ محوري في تشجيع البلدان الغربية الأخرى على دعم المطالب الديمقراطية، وأحبطت محاولات روسيا والصين للتدخُّل وملء الفراغ في هذا البلد الاستراتيجي المهم الذي يضم 40 مليون نسمة ويتحكم في الطرق بين منطقة القرن الإفريقي ومصر وشمال إفريقيا وأوروبا.

كان البلد يُعتَبَر معقلاً لمؤسس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، ولا يزال مُدرَجاً على القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب. وفي الأيام القليلة الماضية، فرضت الولايات المتحدة ضغطاً على كلا الطرفين وألقت بثقلها خلف توقيع اتفاق. 

وفي أوروبا، كان هناك قلقٌ كبير بشأن تعريض استقرار السودان للخطر، وهو ما قد يؤدي إلى موجة لاجئين أكبر مما شُوهِد في ذروة الصراعين في سوريا وليبيا.

3- ما الذي يعنيه الاتفاق للقوى الإقليمية؟

بحسب الصحيفة البريطانية، فإن العديد من الدول في الشرق الأوسط لا تريد أي نوع من الحكم الديمقراطي في السودان، لاسيما الدول العربية الكبرى مثل مصر والسعودية والإمارات. 

بالنسبة لمصر، التي لطالما نظرت إلى السودان باعتباره ساحتها الخلفية، يُعَد الاتفاق إخفاقاً كبيراً، فهو يمنح إثيوبيا، المُنافِسة الإفريقية الرئيسية لمصر والوسيط الرئيسي في المفاوضات، نفوذاً كبيراً على النظام المُؤسَّس حديثاً بعدما اختار الرئيس عبدالفتاح السيسي الانحياز إلى زملائه العسكريين في السودان. 

ولطالما شعر قادة قوى الحرية والتغيير بالتشكك حيال نوايا مصر وسوابقها مع الانتفاضات الشعبية. 

ويريد السعوديون والإماراتيون إعداد حميدتي ليصبح القائد المستقبلي للسودان، وهو ما يُمثِّل مبعثاً للقلق بين النشطاء الديمقراطيين.

وتتحمل قوات حميدتي العبء الثقيل في مواجهة المتمردين الحوثيين في اليمن، حيث سعى الرجل لجعل نفسه حصناً موازِناً ضد إيران. وتهتم كذلك دول الخليج الثرية بالاستثمار في قطاع الزراعية والموانئ الاستراتيجية بالسودان.

4- هل هذه هي النهاية إذاً؟

ترى الصحيفة البريطانية أن توقيع الاتفاق ما هو إلا بداية، فمن المتوقع أن تفتقر المرحلة الانتقالية إلى الاستقرار، إلى جانب أنَّ الثقة هشة بين الطرفين الرئيسيين. 

ويعتقد الكثير من المحللين أنَّ الجنرالات لن يتنازلوا عن السلطة بتلك السهولة، فقد طلب قادة الجيش حصانة كاملة من الملاحقة القضائية خلال السنوات الثلاث المقبلة، وهو ما يعني أنَّ المحتجين عليهم زيادة الضغط على الجيش.

وسيتعين على قوى الحرية والتغيير الحفاظ على قدرتها على حشد الناس في الشوارع متى احتاجت لذلك. 

وتُعَد الصدامات بين الجيش والمدنيين حتمية، وسيكون لدى الغرب دور يلعبه في عملية ضبط الجيش إذا ما كان الغرب راغباً في رؤية ديمقراطية حقيقية في السودان. 

وسيتغلب السودانيون على اختلافاتهم إذا ما أُتِيح لهم ذلك. لكنَّ المشكلة المتأصِّلة ستتمثَّل دوماً في لامبالاة القوى الإقليمية غير الديمقراطية، التي تبدو قادرة على إغراق السودان في الثورة وخلق حالة من عدم اليقين.

تحميل المزيد