وسيط محاط بالشكوك.. قصة الدولة البعيدة التي تخرج السجناء الغربيين من معتقلات كوريا الشمالية

عربي بوست
تم النشر: 2019/07/17 الساعة 15:49 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/07/17 الساعة 21:38 بتوقيت غرينتش
كيم جونغ أون يحصل على لقب الرئيس في الدستور الجديد لكوريا الشمالية - رويترز

عندما اختفى الطالب الأسترالي أليك سيغلي في كوريا الشمالية في مطلع يوليو/ تمّوز الجاري، توجّهت كانبيرا إلى دولة إسكندنافية يفصلها عنها أكثر من 15 ألف كم لطلب المساعدة، دولة تقوم بالوساطة بين الغرب وكوريا والشمالية في صمت.

كانت السويد لسنوات عديدة بمثابة وسيط دبلوماسي مع هذا النظام الآسيويّ المنعزل؛ وهو ما يُطلق عليه في اللغة الدبلوماسية "قوة حماية" للعديد من الدول الغربية.

يوم الخميس 4 يوليو/ تمّوز 2019، تبيّن أن المفاوضات لتحرير الشاب البالغ من العمر 29 عاماً قد نجحت، ولم يتضح سبب اعتقاله بعد، حسبما ورد في موقع BBC Mundo الذي يصدر باللغة الإسبانية.

أول دولة غربية تقيم علاقات مع كوريا الشمالية 

توجه رئيس الوزراء الأسترالي، سكوت موريسون، بالشكر إلى السويد على مساعدتها، معرباً عن "امتنانه العميق للسلطات السويدية لمساعدتها التي لا تُقدّر بثمن".

شأنها شأن غالبية الدول الغربية، لا تمتلك أستراليا سفارة في البلد الآسيوي شديد الانغلاق، لكن السويد لديها سفارة هناك منذ ما يقرب من 50 عاماً.

في الواقع، كانت السويد أول دولة غربية تقيم علاقات دبلوماسية رسمية مع كوريا الشمالية في عام 1973. 

مثلاً، لم ترسل المملكة المتحدة أول سفير لها إلى كوريا الشمالية سوى عام 2000.

وقبل ذلك مثلت المصالح البريطانية في إيران

لم يكن التفاوض بشأن إطلاق سراح سيغلي، الذي يدرس الأدب الكوري في جامعة كيم إيل سونغ في بيونغ يانغ، هي المرة الأولى التي تساعد فيها السويد بلداناً أخرى في القضايا الدبلوماسية الحساسة.

في الماضي، مثّلت الدولة الاسكندنافية المصالح البريطانية في إيران عندما انهارت العلاقات مع طهران، كما حدث عام 1989، عندما أصدر المرشد الأعلى لإيران فتوى يأمر فيها المسلمين بقتل الروائي سلمان رشدي.

تاريخ من الحياد يعود للقرن التاسع عشر أنقذها من الطرد من كوريا

ينبع دور ستوكهولم الاستثنائي من تقاليد عريقة تتسم بالحياد. 

يعود هذا إلى بداية القرن التاسع عشر، عندما تبنت السويد موقفاً مفاده أنه من الأفضل أن تتحرر من التحالفات العسكرية في وقت السلم حتى يمكنها أن تظل محايدة إذا اندلعت الحرب.

أدى هذا إلى محاولة السويد الرأسمالية الحفاظ على موقف محايد خلال الحرب الباردة مع الكتلة  الشرقية الشيوعية،

كذلك اتخذت السويد موقفاً محايداً فيما يتعلق بشبه الجزيرة الكورية.

في نهاية الحرب الكورية عام 1953، أُنشئت لجنة الإشراف على الأمم المحايدة (NNSC)، التي تتألف من السويد وسويسرا وبولندا وتشيكوسلوفاكيا، للإشراف على الهدنة التي أنهت الحرب الحرب الكورية.

بعد سقوط الستار الحديدي، طردت كوريا الشمالية المراقبين البولنديين والتشيكوسلوفاك في التسعينيات.

وفي حديثه مع BBC، قال فيودور ترتيتسكي الخبير في شؤون كوريا الشمالية: "لكن السويسريين والسويديين ما زالوا هناك، مما جعل كلا البلدين يضطلعان بدور أكبر في كوريا".

إطلاق سراح السجناء الأمريكيين

شمل دور السويد كوسيط مع بيونغ يانغ التعامل مع الشؤون القنصلية للولايات المتحدة.

قالت مارتينا آبيرج سوموغي، نائبة المدير السابق للسفارة السويدية في بيونغ يانغ، العام الماضي لموقع NK News الإخباري المتعلق بأخبار كوريا الشمالية  :"اتفقت السويد مع الولايات المتحدة على تمثيل المصلحة القنصلية لمواطنيها في جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية".

وتابعت: "إذا علمنا أن مواطناً أمريكياً يحتاج إلى مساعدة، فسوف نقدم أفضل ما نستطيع ونعمل بكل ما أوتينا من قوة لحل المشكلة".

دبلوماسية الحُب التي يتبعها ترامب
السويد هي وسيط بين كوريا الشمالية وأمريكا/ رويترز

مثل كانبيرا، لا تمتلك واشنطن سفارة أو قنصلية في كوريا الشمالية، وتعد السويد بمثابة "قوة حماية".

قبل قمة كوريا الشمالية والولايات المتحدة الأمريكية 2018 التاريخية في سنغافورة، سافر وزير خارجية كوريا الشمالية إلى السويد لإجراء محادثات.

ساعدت السويد أيضاً في كثير من الأحيان في إطلاق سراح مواطنين أمريكيين معتقلين في البلد الآسيوي.

كانت أحدث قضية شهيرة هي حالة الطالب الأمريكي أوتو وارمبير، الذي سُجن في كوريا الشمالية في عام 2016 بعد اتهامه بسرقة ملصق دعائي خلال جولة منظمة.

اعتُقل وارمبير لمدة 17 شهراً وتوفي بعد أيام من إعادته إلى الولايات المتحدة في غيبوبة.

تقول سوموجي إن مساعدة المواطنين الأجانب كانت "بالتأكيد واحدة من أصعب الوظائف التي قمت بها أنا وزملائي على المستوى المهني، ولكن كذلك الشخصي".

وهم يعانون لكي يزورا المشروعات الإنسانية التي يمولونها

لا يقتصر دور السويد في كوريا الشمالية على مساعدة مواطني الغربية المعرضين للخطر.

كما تضطلع هام أخرى، مثل تنفيذ المساعدات الإنسانية السويدية في كوريا الشمالية وإصدار تأشيرات للمقيمين في كوريا الشمالية الذين يسافرون إلى منطقة الشنغن في أوروبا (المنطقة التي تضم 26 دولة ألغت الضوابط الحدودية عند الحدود الداخلية).

في الوقت الحالي، هناك دبلوماسيان سويديان يعملان على أساس التفرغ في بيونغ يانغ.

لكن أولئك الذين عملوا في السفارة يقولون إنه لا يزال هناك قصور في التفاهم المتبادل بين الكوريين الشماليين والسويديين.

وقال الدبلوماسي السويدي أوغست بورغ لـ NK News في عام 2015: "يتم تلقي المبادرات والرحلات الجديدة دائماً بشكوك عميقة".

وتابع: "حتى لو كنا نريد فقط زيارة مشروع تموله السويد، فنحن بحاجة إلى اتّخاذ ترتيبات تستغرق الكثير من الوقت".

تحميل المزيد