يتحدث مسؤولون أمريكيون عن مساعٍ لتنفيذ خطة لحماية الممرات المائية من تهديدات إيرانية مباشرة أو غير مباشرة لحرية الملاحة البحرية في مضيق هرمز، الذي تتشارك فيه إيران وسلطنة عمان، ومضيق باب المندب في خليج عدن الخاضع تقريباً لسيطرة جماعة الحوثي الحليفة لإيران في البحر الأحمر.
ووفقاً لمسؤولين أمريكيين، فإن الولايات المتحدة لن تتولى قيادة "العملية البحرية" للحفاظ على أمن الممرات المائية، وستكتفي بالمشاركة بطائرات وقِطع بَحرية لمراقبة النشاطات الإيرانية.
وقالت القيادة المركزية الأمريكية اليوم الخميس 11 يوليو/تموز 2019، إن تهديد حرية الملاحة الدولية يستلزم "حلاً دولياً"، وذلك في أعقاب محاولة ثلاث سفن إيرانية اعتراض ناقلة تتبع شركة "بي بي" البريطانية خلال مرورها من مضيق هرمز.
طائرات استطلاع وسفن حربية لمهام "غير قتالية"
ويُتوقع أن تسهم الولايات المتحدة على الأرجح بطائرات استطلاع وسفن حربية لمهام "غير قتالية" تتعلق بتنظيم الاتصالات، للتنسيق بين القوات متعددة الجنسيات "المفترضة" وتقديم الدعم الاستخباراتي.
وتتحدث وسائل إعلام عن أن نحو عشرين دولة إقليمية وغير إقليمية تواصلت معها الولايات المتحدة طيلة أسابيع، لحشد الدعم لخطتها في تشكيل قوة بَحرية دولية.
غير أن رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، الجنرال جوزيف دانفورد، لم يفصح عن حجم القوات المشارِكة في خطة حماية الممرات المائية، تاركاً ذلك إلى "عدد الدول التي ستشارك في الخطة".
قوة دولية خلال الأسبوعين القادمين
ووفقاً للجنرال دانفورد، فإنه خلال الأسبوعين القادمين يمكن أن "تحدد الولايات المتحدة الدول التي تملك الإرادة السياسية لدعم الخطة الأمريكية قبل أن يبدأ العمل مباشرة مع جيوش تلك الدول لتحديد حجم القوات وإمكاناتها".
وأعدت الولايات المتحدة خطة يتولى بموجبها تحالف دولي مَهمة حماية الممرات المائية في مضيقي هرمز وباب المندب، ولا تزال قيد المباحثات مع عدد من الدول، لتحديد "ما إذا كان بإمكان الولايات المتحدة تشكيل مثل هذا التحالف، لضمان حرية الملاحة الدولية".
الخطة الأمريكية التي يمكن أن تتبلور خلال أيام، بتوفير الولايات المتحدة "سفن القيادة والسيطرة" للقوة البحرية الدولية وقيادة جهود المراقبة والاستطلاع، بالإضافة إلى مرافقة السفن التجارية وناقلات النفط، على أن توفر دول أخرى سفناً حربية لتسيير دوريات لمراقبة وحماية السفن الأمريكية.
كفاءة القوة الدولية أمام القدرات الإيرانية
وتهدد إيران منذ فترة طويلة، بإغلاق مضيق هرمز أمام حركة السفن التجارية وناقلات النفط إذا مُنعت طهران من تصدير نفطها. كما أن قيادات في الحرس الثوري الإيراني، مثل اللواء حسين نجات، تواصل تهديداتها للقواعد وحاملات الطائرات الأمريكية التي تقع في مرمى نيران صواريخ الحرس الثوري، ولها ما يكفي من القدرات على "تدمير حاملات الطائرات الأمريكية إذا ارتكب الأمريكيون خطأ ما، وهؤلاء يعرفون جيداً عواقب أي مواجهة عسكرية مع إيران".
لكن خبراء غربيين يعتقدون أن القدرات البحرية الإيرانية لا تزال محدودة في مواجهة القدرات البحرية الأمريكية أو المتحالفة معها بالمنطقة في سياق الحروب النظامية، في حين تتفوق على مثيلاتها في استخدام أساليب قتالية قادرة على إلحاق الضرر بالأعداء، سواء بالاستخدام المكثف للألغام البحرية أو الهجمات بقوارب صغيرة فائقة السرعة تحمل أعداداً من الصواريخ أو كميات من المتفجرات، يمكن وصفها بالقوارب "الانتحارية"، بالإضافة إلى قدرات متفوقة في مجال الحرب الإلكترونية.
تزايدت الحاجة إلى حماية وحراسة الممرات المائية بعد زيادة الهجمات على ناقلات النفط في المنطقة خلال شهري مايو/أيار ويونيو/حزيران، ومخاوف واتهامات أمريكية لإيران بالوقوف خلف الهجمات.
وأواخر الشهر الماضي، أعلن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، أنه عقد اجتماعاً "مثمراً" مع الملك سلمان بن عبدالعزيز، ناقشا خلاله التطورات المتصاعدة في المنطقة والحاجة إلى تعزيز الأمن البحري في مضيق هرمز، الذي يمر عبره ما يصل إلى أكثر من خُمس الإنتاج العالمي من النفط.
الهدف تأمين مضيقَي هرمز وباب المندب.. وحديث عن مشاركة 20 دولة
وتحدَّث بومبيو عن احتمال مشاركة أكثر من 20 دولة، اكتفى بذكر كل من السعودية والإمارات، للعمل على ضمان أمن الممرات المائية في المنطقة، مشدداً على أن الرئيس الأمريكي "حريص على عدم تحمُّل الولايات المتحدة تكلفة ذلك".
وقد يكون الاهتمام الأمريكي بحماية مضيق باب المندب في البحر الأحمر قبالة السواحل اليمنية الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي الحليفة لإيران، هو التطور الأهم في الخطة الأمريكية الجديدة بعد أن كان المسؤولون الأمريكيون، وبينهم وزير الخارجية مايك بومبيو، يتحدثون فقط عن حماية مضيق هرمز الواقع على السواحل الغربية لإيران في الخليج العربي.
تطمح الولايات المتحدة إلى الحصول على مزيد من الدعم الدولي لخطتها بحماية الممرات المائية في أكثر مناطق العالم ازدحاماً بالسفن التجارية وناقلات النفط والتي تستوجب إجراءات مراقبة بَحرية وجوية واسعة النطاق وحراسة عسكرية.
هل تنجح الخطة الأمريكية؟
بحسب "الأناضول"، ليس من المؤكد نجاح المساعي الأمريكية في إنشاء مثل هذه القوة البحرية الدولية المفترضة مشاركة عدد من الدول الإقليمية والأجنبية فيها، وضمنها دول آسيوية مثل الهند والصين واليابان والتي تستورد معظم حاجتها من النفط عبر مضيق هرمز أو مضيق باب المندب.
بالتأكيد لن تكون إيران، التي تمتلك الساحل الشرقي للخليج العربي بالكامل، جزءاً من القوة الدولية لحماية أمن الممرات المائية، على الرغم من الدعوات الإيرانية عن جهوزيتها وتسخير قدراتها للمساهمة الفاعلة إلى جانب دول أخرى في تأمين الملاحة البحرية بالمنطقة.
هناك ثمة فرص متاحة لتشكيل مثل هذه القوة البحرية على شكل تحالف، قكثيراً ما نجحت الولايات المتحدة في تشكيل تحالفات مماثلة شبه دولية دون الرجوع إلى مجلس الأمن الدولي، طالما أن القانون الدولي يعطي المشروعية لمثل هذه التحركات التي تعمل في نطاق المياه الدولية أو بمياه أعالي البحار.
سيكون مسار تحركات القوة البحرية مواكباً لحركة السفن التجارية وناقلات النفط لحمايتها في المياه الدولية بعيداً عن المياه الإقليمية السيادية لأية دولة في المنطقة.
لذلك، قد لا تجد القوة البحرية "المنتظرة" خلال مهامها المستقبلية، أي اعتراض من دول المنطقة، وضمنها إيران، ما لم تخرق سيادة المياه الإقليمية لها أو للدول الأخرى، وسيكون لوجودها مع إمكانات متقدمة في مجالات المراقبة والحراسة وكذلك القدرات القتالية دافع لتردُّد أي دولة أو قوة محلية في استهداف السفن وناقلات النفط، وتراجعها عن تنفيذ هجمات مماثلة لتلك الهجمات التي شهدتها المنطقة خلال الأشهر القليلة الماضية.
في مقابل ذلك، هناك ثمة احتمالات لتصادم بين سفن بحرية إيرانية وأخرى دولية إذا حاولت القوة الجديدة "المفترضة" التعرض للقطع البحرية الإيرانية، سواء بطلب تفتيشها في حال ممارستها نشاطات مريبة خارج مياهها الإقليمية، واحتمالات رفض إيران ذلك؛ وهو ما قد يدفع القوة البحرية إلى إجراءات قد تكون قسرية، لإرغام السفن الإيرانية على الامتثال لطلبها بالتفتيش.