خرج الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مساء الأربعاء 3 يوليو/تموز 2019، محذراً من أنه مع استمرار إسرائيل في نقض الاتفاقات المبرمة مع الفلسطينيين، فإن سلطته لن تلتزم بهذه الاتفاقات.
وتتعرض السلطة الفلسطينية لضغوط أمريكية وإسرائيلية، بسبب موقفها الرافض للتعاطي مع صفقة القرن، إضافة لاقتطاع إسرائيل نحو 10 ملايين دولار من عائدات الضرائب التي تجبيها لصالح السلطة الفلسطينية، وتصل إلى نحو 190 مليون دولار شهرياً، وهو ما دفع السلطة لرفض استلامها منقوصة.
تهديد لفظي دون تنفيذ على أرض الواقع
هذه التصريحات ليست الأولى من نوعها، فقد لوّحت السلطة الفلسطينية على مدار السنوات الماضية بورقة تخلّيها عن الاتفاقات الموقعة مع إسرائيل، لكنها لم يسبق أن نفذت تهديدها، على الرغم من أن إسرائيل تقوم بخرقها باستمرار.
وأضاف القاسم لـ"عربي بوست": "ربما يشعر عباس أحياناً بأنه خارج وسائل الإعلام، فلا يكلفه شيء أن يقول كلمة، فيعود اسمه ليتصدر وسائل الإعلام، أما إذا تساءلنا: هل هو جدي في تهديده؟ وهل يعني ما يقول؟ الإجابة بالطبع: لا".
ما الذي يمنع الرئيس أبومازن من تنفيذ تهديداته؟
تراجُع الرئيس الفلسطيني عن تنفيذ تهديداته يثير علامات الاستفهام عن أسباب هذا العجز، خاصة في ظل ضياع معظم ثوابت الشعب الفلسطيني، وعدم وجود أي بارقة أمل لإقامة دولة فلسطينية كما نصّت اتفاقية أوسلو.
يعلم الرئيس الفلسطيني أن "حبله السري" مربوط بالتنسيق الأمني، هكذا أجاب الكاتب الفلسطيني عدنان أبوعامر.
وقال أبو عامر في تصريحات لـ"عربي بوست": "يعلم الرئيس عباس أن السلطة الفلسطينية تحللت من كينونتها كمؤسسات وأجهزة ووزارات، ولم يبق شيء مما تم تأسيسه في اتفاقية أوسلو عام 1993، باستثناء بعض الهياكل الإدارية سوى منظومة التنسيق الأمني برعاية أمريكية".
وأضاف: "يعلم الرئيس أبومازن أيضاً أن اليوم الذي يقوم فيه بإيقاف الاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل، خاصة التنسيق الأمني، يعني اليوم الذي قد لا يصبح فيه رئيس للشعب الفلسطيني"، ويتابع أبوعامر: "فالتنسيق الأمني هو الذي يوفر لأبومازن الحماية أيضاً من بعض الغضب الشعبي الداخلي في حال حدث يوماً".
ماذا لو نفذ عباس تهديده وألغى التزامه بالاتفاقيات؟
في الوقت الذي تعاني في السلطة الفلسطينية من الضغوط، تطرح الكثير من التساؤلات عن خطة الفلسطينيين لمواجهة هذه الأزمة، وما الخيارات البديلة لهم، في ظل منح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القدس لإسرائيل وإعطائهم شرعية المستوطنات، وتلميح صهره جاريد كوشنر بتوطين اللاجئين في أماكن تواجدهم.
وبحسب المؤشرات، فإنه لا توجد أي خطة لدى السلطة الفلسطينية لمواجهة هذه التحديات، وما يخرج من قادتها لا يعدو عن كونه تصريحات لن تقدم ولن تؤخر في هذه المرحلة.
يقول أبوعامر: "الإسرائيليون قالوا علانية تصريحاً وليس تلميحاً، إن أبومازن من دون الأمن الإسرائيلي لن يبقى رئيساً للفلسطينين يوماً واحداً.. وأصبح لدى الفلسطينيين قناعة أنه وبدون التنسيق الأمني لن يبقى لا سلطة ولا رئيس".
لكن وفي حال أقدم الرئيس عباس على تنفيذ تهديده وتخلى عن الالتزامات التي تقوم بها سلطته، فإن ذلك ستكون له آثار كبيرة على أرض الواقع.
ففي حال تخلت السلطة عن التزاماتها تجاه إسرائيل فيما يتعلق بالتنسيق الأمني مثلاً، فإن ذلك سيقلب المعادلة الأمنية في الضفة الغربية رأساً على عقب، ويفتح مواجهة مسلحة في الضفة الغربية لا ترغب بها إسرائيل.