موانئنا حلال لكم.. إليك ماذا ستفعله شعوب الخليج مع إسرائيل إذا انفض مولد التطبيع

عربي بوست
تم النشر: 2019/07/03 الساعة 08:45 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/07/03 الساعة 10:47 بتوقيت غرينتش
وزير خارجية إسرائيل السابق في أبوظبي/ مواقع التواصل الاجتماعي

بعد أيام قليلة من مؤتمر البحرين المثير للجدل، أعلنت إسرائيل أن وزير خارجيتها، إسرائيل كاتز، زار أبوظبي، وأجرى لقاء مع مسؤول إماراتي كبير لبحث "تطبيع استخباراتي وأمني"، وعرض مبادرة حول التعاون الاقتصادي الإسرائيلي الخليجي.

وتأتي زيارة الوزير الإسرائيلي ضمن موجة غير مسبوقة لعمليات التطبيع من قبل العديد من دول الخليج العربية مع إسرائيل. 

وتظهر هذه الزيارة التي جاءت للمشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة حول البيئة، أن ورشة العمل الخاصة بصفقة القرن التي عقدت في البحرين وسط مقاطعة فلسطينية ودولية واسعة النطاق، قد تمثل بالفعل بداية لموجة من التطبيع الخليجي مع إسرائيل وسط تساؤلات حول موقف شعوب دول المنطقة من هذه التحركات. 

مبادرة جديدة.. إسرائيل تقترح على الإماراتيين الاستفادة من موانئها وسككها الحديدية

هذه الزيارة هي الأولى التي يقوم بها وزير إسرائيلي إلى دولة عربية بعد مؤتمر البحرين مباشرة التي عقدت في 25 يونيو/حزيران 2019، حسب بيان صدر عن الخارجية الإسرائيلية الإثنين 1 يوليو/تموز 2019.

الوزير الإسرائيلي عقد اجتماعاً مع مسؤول كبير في الإمارات، حسبما ذكرت الخارجية الإسرائيلية .

وجرى خلال الاجتماع مناقشة الجوانب الإقليمية والعلاقات بين البلدين، وضرورة التعامل مع تهديدات إيران بشأن القضايا النووية وتطوير الصواريخ ودعم الإرهاب الإقليمي واعتداءات إيران على مصالح دول المنطقة.

وفي مؤشر على رغبة إسرائيل في استغلال الزخم المفترض الذي أحدثته ورشة البحرين ذكرت الخارجية الإسرائيلية أن كاتز عرض خلال اللقاء مبادرة "مسارات السلام الإقليمي"، التي "تشتمل على اتصال اقتصادي واستراتيجي بين السعودية ودول الخليج عبر الأردن، وشبكة السكك الحديدية الإسرائيلية وميناء حيفا في البحر الأبيض المتوسط".

سعادة إسرائيلية غامرة بموجة التطبيع التاريخية

ولم يخف المسؤولون الإسرائيليون سعادتهم بهذه الموجة معتبرين أنها تمثل لحظات تاريخية.

واللافت أن عمليات تطبيع في دول الخليج العربية تتم دون ردود فعل داخلية في هذه الدول، فهل يعبر هذا السكوت عن رضا شعبي في الخليج عن العلاقة إسرائيل، وهل يعني ذلك أن تل أبيب حققت  اختراقاً تاريخياً للمجتمعات العربية أم أن وتيرة التطبيع السريعة قد تأتي بنتيجة معاكسة لما تتمناه الدولة العبرية؟
null

هل هناك قبول لعمليات التطبيع في المجتمعات الخليجية؟

من الصعب تحديد  الموقف الشعبي من عمليات التطبيع داخل المجتمعات الخليجية وهل هناك رفض شعبي واسع النطاق أم لا؟، في ظل غياب الحريات وعمل الأحزاب في أغلب دول  الخليج.

وتقليدياً كانت تعاني معظم الدول الخليج من غياب للحريات ومحدودية الفرص المتاحة أمام الأصوات المعارضة أو المختلفة للحديث.

ولكن الوضع الحالي بات أكثر تقييداً بشكل كبير عن الوضع المُقيد الذي اعتادته هذه الدول لعقود.

فحتى حرية اختلاف النبرة وليس المعارضة قد اختفت من كثير من  هذه الدول، ولاسيما تلك التي تهرع للتطبيع.

أعلام فلسطين فوق المنازل والرافضون في السجون

في البحرين، شنت السلطات حملة اعتقالات بحق عدد من النشطاء السياسيين المعارضين للنظام البحريني خلال اليومين الماضيين تزامناً مع عقد "ورشة البحرين".

ورغم ذلك نظم معارضون بحرينيون حملة لرفع أعلام فلسطين على أسطح البيوت، فيما أصدرت المنظمات المعارضة خارج البلاد بيانات تدين حضور ولي عهد البلاد الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة للورشة ومصافحته للوفود الإسرائيلية وتصريحات وزير الخارجية البحريني خالد آل خليفة لوسائل إعلامية إسرائيلية التي قال فيها إن "دولة إسرائيل باقية ونحن نريد السلام معها".

توسع التطبيع مع إسرائيل
وزير الخارجية البحريني خالد بن احمد آل خليفة كان الصوت المعبر عن ورشة البحرين/ رويترز

ومنعت السلطات البحرينية جمعية "نهضة فتاة البحرين" من إقامة فعالية نقاشية تتعلق بورشة السلام وعنوانها "قراءة نقدية في ورشة السلام ودور المجتمع المدني البحريني في دعم الاقتصاد الفلسطيني"، دون تقديم أي أسباب تذكر.

وكانت "الجمعية البحرينية لمقاومة التطبيع مع العدو الصهيوني" قد أصدرت بياناً أكدت فيه "رفض شعب البحرين والشعب العربي من المحيط إلى الخليج للورشة وما سمي بصفقة القرن والتفريط بالحقوق الفلسطينية، وبراءة شعب البحرين بكل أطيافه ومكوناته السياسية من الورشة المشؤومة ومن مخرجاتها التي حكم عليها بأن تولد ميتة".

في السعودية الصمت بدأ قبل سنوات

لكن في السعودية يبدو الصمت مطبقاً حيال الموضوع بعد أن تعرضت الأصوات المحدودة التي كانت تقدم رأياً مختلفاً في بعض القضايا للإسكات تماماً خاصة في السنوات الأخيرة بعد أن أصبح ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مسيطراً.

وتقليدياً كانت نصرة القضية الفلسطينية هي إحدى الحالات القليلة التي تحدث فيها مظاهرات في السعودية، والتي كانت تواجه بالرفض من قبل السلطات، رغم أنه في ذلك الوقت لم تكن المملكة متورطة في مسألة التطبيع مع إسرائيل.

أما اليوم فيصعب تصور إمكانية تنظيم حملات معارضة لعملية التطبيع في وقت ينظر فيه للأمير محمد بن سلمان بأنه القوة الدافعة وراء صفقة القرن مع صهر الرئيس الأمريكي ومستشاره جاريد كوشنر.

فكيف يمكن أن يعارض سعودي توجهاً يعلم أن الأمير محمد هو الذي يقوده بعد أن تم اعتقال رجل دين مثل الشيخ سلمان العودة له ملايين المتابعين، لمجرد دعوته لأن يقرب الله بين حكام البلاد العربية، بعد اتصال  بين أمير قطر الشيخ تميم بن حمد والأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي.

وكيف يمكن لسعودي أن يعبر عن رأيه في قضية فلسطين قضية العرب المركزية، بعدما رأى أعضاء بارزين في الأسرة المالكة يعتقلون وتصادر أموالهم، مثل الأمير الوليد بن طلال، الممنوع من السفر حتى الآن.

وصحفي مثل جمال خاشقجي كان مقرباً للنظام لم يستطع تحمل مقدار التضييق في السعودية الجديدة التي يعيد الأمير محمد هيكلتها، حتى إنه كتب مقالاً في صحيفة واشنطن بوست بعنوان "السعودية لم تكن قمعية الى هذا الحد.. إنها حالياً غير محتملة".

ورغم أنه قرر العيش في المنفى، فقد لاحقته يد النظام الثقيلة ليتم تقطيع جسده في قنصلية بلاده في إسطنبول.

ففي مثل هذه الأجواء لا يمكن أن توقع أن يجرؤ السعوديون داخل البلاد خاصة على معارضة ما تريده السلطة حتى لو رأوا في تصرفاتها مساساً بالثوابت القومية والدينية.

وبعدما حدث مع خاشقجي ومطاردات غيره من المعارضين،  أصبح حتى من يعيش من السعوديين في الخارج يخشى أن يبدي معارضة لسياسات حكومات بلاده.

ولقد وصل  الأمر إلى أن عدداً من الدعاة السعوديين المشاهير توقفوا عن مجرد إبداء الدعم للقضية الفلسطينية عندما نقل ترامب السفارة الأمريكية في إسرائيل إلى القدس، بل إن أحدهم حذف تغريدة سابقة يبدي فيها تأييده للقضية الفلسطينية.

فبينما أصبح تقديم التنازلات فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية هو بوابة إرضاء الإدارة الأمريكية  الحالية بالنسبة لكثير من حكام العرب، فإن تأييد القضية بالتبعية تحول في نظر هؤلاء الحكام إلى مظهر تمرد أو رفض لسياستهم، ولذا ينبغي وأد هذا التأييد في مهده. 

ولكن هل يؤدي القمع إلى تغلغل التطبيع في المجتمعات الخليجية؟ تجارب سابقة تخبرك بما يحدث

محاولات التطبيع مع إسرائيل دون منح الشعب الفلسطيني حقوقه تكررت في بلدان عدة من قبل، أولها مصر بعد توقيع اتفاق السلام مع إسرائيل، وإيران في عهد الشاه، والأردن بعد اتفاق وادي عربة، وغيرها من الدول.

وفي كل الحالات السابقة، ارتبط التطبيع بقرار السلطة، وعندما خفت حماس السلطة للتطبيع أو تغيرت السلطة نفسها أو أتيح للشعب التعبير عن موقفه، كانت الشعوب العربية والإسلامية تسارع بإعلان رفضها للتطبيع.

بل على العكس، فإن الطابع القسري للتطبيع وارتباط التطبيع بقمع السلطة يؤدي في الأغلب إلى زيادة الاحتقان الشعبي تجاه إسرائيل، وقد يؤدي مثل الحالة الإيرانية إلى مواقف حادة في رفض إسرائيل.

وبالتالي فإن مثل هذه الخطوات قد تشكل اختراقاً إسرائيلياً للدول والأنظمة، أما الشعوب العربية، بل حتى أغلب شعوب العالم، فقد أثبتت في مواقف عديدة أن موقفها من إسرائيل مرتبط بالحقوق الفلسطينية، وبالتالي ليس غريباً أن يعلو صوت التأييد للقضية الفلسطينية كلما ازدادت الديمقراطية في أي من بلدان المنطقة، ويعلو صوت التطبيع كلما خفت صوت الديمقراطية.

فهل تستحق إسرائيل لقب واحة الديمقراطية في المنطقة كما تسميها الأدبيات الغربية رغم أنها أكثر مستفيد من غيابها؟   

تحميل المزيد