أسقطت إيران الأسبوع الماضي طائرةً أمريكية بدون طيار من طراز RQ-4A Global Hawk. وقبل عدة سنوات، أظهرت أيضاً قدراتها المتطوِّرة على اعتراض الطائرات بدون طيار عندما أسقطت عام 2011 طائرة أمريكية من طراز RQ-170 Sentinel واستحوذت عليها. وزعمت إيران استخدامها منظومة الدفاع الصاروخية أرض-جو "خرداد 3" لإسقاط الطائرة Global Hawk.
قدرات التصدي الإيرانية الكبيرة للطائرات الأمريكية
وفي وقتٍ سابق لذلك، يُفترض أنَّ إيران شوَّشت على روابط الاتصالات الخاصة بطائرة شبح أمريكية بدون طيار من طراز RQ-170 Sentinel وسيطرت عليها داخل الأراضي الإيرانية، ثم استخدمت الهندسة العكسية لإنتاج نسخةٍ محلية من الطائرة الأمريكية حملت اسم "Shahed-171" و "Saeqah".
لذا، بالإضافة إلى قدرات تصنيع الطائرات بدون طيار، تمتلك إيران بعض قدرات التصدّي لتلك الطائرات، والتي تتمثّل في القدرة على اكتشاف الطائرة وتحديد موقعها وتعقّبها أو السيطرة عليها، كما تقول مجلة The National Interest الأمريكية.
وتتباهى طهران أيضاً بقدراتٍ سيبرانية هجومية قوية يُمكن استخدامها للسيطرة على طائرات العدو. تقول المجلة الأمريكية: ينبغي تركيز الجهود حالياً على منع إيران من تعزيز تلك القدرات، من خلال التصدّي لمحاولاتها الرامية إلى الحصول على تقنية الأنظمة الجوية الغربية المضادة للطائرات بدون طيار.
السوق السوداء للأنظمة الجوية المضادة للطائرات المسيّرة
نجحت إيران على مدار سنوات في تهريب أجزاء ومكوّنات طائرات بدون طيار على الرغم من العقوبات الدولية، والآن انتقلت جهود التهريب إلى أسواق تقنية الأنظمة الجوية المضادة للطائرات بدون طيار. ويُتوقع أن تصل قيمة هذه الأسواق، من بينها أمريكا الشمالية وأوروبا وآسيا ومنطقة المحيط الهادئ وأمريكا اللاتينية، إلى 2.93 مليار دولار بحلول عام 2025.
وتتطلع الدول المجاورة لإيران أيضاً إلى امتلاك قدرات التصدي للطائرات دون طيار. إذ تمتلك تركيا ما لا يقل عن ثلاثة منتجات معروفة في سوق الأنظمة الجوية المضادة للطائرات بدون طيار، وتتطلَّع دولتا الإمارات والسعودية إلى الانخراط في هذا المجال.
ونظراً لقربهما الجغرافي من إيران، فهاتان الدولتان الخليجيتان ربما تصبحان دون رغبةٍ منهما مراكز للشحن العابر ومناطق انطلاق للشركات الصورية وشبكات التهريب، التي تعمل نيابةً عن إيران وتسعى للحصول على التقنيات الغربية المضادة للطائرات بدون طيار.
ظهرت منذ فترةٍ طويلة دعاوى لمراقبة الصادرات في الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا، حيث أُلقي القبض على عملاء إيرانيين يُهرّبون أجزاء ومكوّنات من طائرات بدون طيار. وتتعلق القضية الأخيرة بموظف في منظمة صناعات الطيران الإيرانية، المسؤولة عن إدارة برنامج الصواريخ الإيراني.
إذ اتهمت الولايات المتحدة الأمريكية المهندس الإيراني جلال روح الله نجاد بمحاولة تصدير أنظمة مضادة للطائرات بدون طيار إلى "رايان رشد أفزار"، وهو كيان يُقال أنَّه ينتج مكوّنات تقنية لبرنامج الطائرات بدون طيار التابع للحرس الثوري الإيراني.
كيف تحصل إيران على ما تريد لبناء أنظمتها هذه؟
وقبل تلك الواقعة، اتُّهمت مواطنة ألمانية تُدعى إيمان وشخص آخر اسمه داود بانتهاك قانون التجارة الخارجية الألماني، لاستخدامهما أساليب احتيالية للحصول على 61 محرّكاً ملائماً للاستخدام في الطائرة الإيرانية طراز "أبابيل".
وهناك أيضاً خطر حصول إيران على تقنيةٍ مضادة للطائرات بدون طيار من الصين، التي يُقال إنها تتّبع سياسة "عدم طرح الأسئلة" فيما يتعلق بتصدير الطائرات بدون طيار إلى الشرق الأوسط.
وقد أفاد مركز دراسات الطائرات بدون طيار بكلية Bard College الأمريكية في شهر فبراير/شباط 2018 بأنَّ الصين لديها 8 منتجات من الأنظمة المضادة للطائرات بدون طيار في السوق، ويتمثَّل الخطر في أنَّ وكلاء المشتريات في الصين، الراغبين في تحقيق أرباح فاحشة، وفي ظل وجود بيئة تنظيمية متساهلة، يسعون لبيع مثل هذه السلع الاستراتيجية إلى إيران.
فهناك مثلاً واقعة إميلي ليو، التي سعت إلى شراء مكوِّنات إلكترونية أمريكية الصنع نيابةً عن شركة "شيراز" الإيرانية للصناعات الإلكترونية، المسؤولة عن إنتاج الرادارات وإلكترونيات الطيران وأنظمة التحكُّم، وجميعها مكوّنات ذات صلة بإنتاج الطائرات بدون طيار والأنظمة المضادة لها.
هل تتنبه واشنطن لهذا التقنيات؟
ونظراً لأنَّ تقنيات التصدّي للطائرات بدون طيار ما زالت قيد التطوير، تقول المجلة الأمريكية، إنه يتعيَّن على شركات الولايات المتحدة وشركائها إحكام السيطرة عليها بقوة. وحتى الآن، ركّزت مقترحات التشريعات المُتعلّقة بتقنيات الأنظمة المضادة للطائرات بدون طيار على إيلاء المسؤولية إلى وكالات الإنفاذ الوطنية المعنية بالأمن والقانون للاستفادة من قدرات التصدّي للطائرات بدون طيار.
ومع ذلك، ينبغي أن تشمل التشريعات أيضاً الصادرات إلى الدول الأجنبية، والتي تتضمن تصنيف صادرات الأنظمة المضادة للطائرات بدون طيار باعتبارها مبيعات عسكرية أجنبية، تؤدي فيها الحكومة الأمريكية دور الوسيط بين البائع والمشتري بدلاً من المبيعات التجارية المباشرة، التي بموجبها تستطيع أي شركة التفاوض مباشرةً مع دولةٍ أخرى.
وفي ضوء انتشار هذه التقنية في جميع أنحاء العالم، هناك حاجة إلى تشريع صارم يتبعه اعتقال ومحاكمة لأي شخص يحاول تصدير هذه المواد بدون ترخيص. وإذا لم يحدث ذلك، على الأرجح سوف تستخدم إيران ووكلاؤها الإقليميين التقنية الغربية المضادة للطائرات لأغراض اعتراض الطائرات والاتصالات في المستقبل القريب، كما تقول المجلة الأمريكية.