تستضيف مدينة أوساكا اليابانية خلال يومي الـ28 و29 من يونيو/حزيران الجاري قمة مجموعة العشرين بمشاركة قادة دول المجموعة الكبرى بالإضافة إلى مصر التي تم توجيه دعوة لها للمشاركة ولأول مرة، بصفة رئاستها للاتحاد الإفريقي. إذ ستحمل القمة في طياتها ملفات ساخنة، مثل أزمة إيران، والحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وأزمة صواريخ إس 400 التي اشترتها تركيا من روسيا، وكذلك مواجهة ولي العهد السعودي بنتائج تقرير الأمم المتحدة حول اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي، وتهديد تركيا بإثارة قضية وفاة الرئيس المصري الراحل محمد مرسي خلال القمة.
أزمات عدة ستطغى على جدول أعمال القمة
من المفترض أن تناقش قمة العشرين هذا العام ملفات اقتصادية عدة كالاستثمار في البنية التحتية والهيكلة المالية الدولية، وكذلك التحولات المناخية، إذ رفع منتدى القمة منذ نشأته عام 1999 شعارات تعزيز الاستقرار المالي الدولي وإيجاد فرص للحوار ما بين البلدان الصناعية والبلدان الناشئة.
لكن ملفات سياسية وأزمات مختلفة بين دول مشاركة بالقمة، يبدو أنها ستطغى على جدول أعمالها، وخصيصاً تلك الاجتماعات التي ستعقد على هامشها. إذ قال مسؤول كبير بالإدارة الأمريكية إن الرئيس دونالد ترامب من المقرر أن يجري اجتماعات ثنائية مع ما لا يقل عن 8 من قادة العالم على هامش قمة العشرين.
وبحسب المسؤول فإن أبرز من سيعقد معهم ترامب محادثات، هم الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس الروسي فلاديمير بوتين وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
مرسي وخاشقجي حاضران
بعيد وفاة الرئيس المصري الراحل محمد مرسي في 17 يونيو/حزيران الحالي، تعهد الرئيس التركي ببذل جهود لضمان "محاكمة الحكومة المصرية أمام المحاكم الدولية، بسبب وفاة مرسي الذي أصيب بنوبة قلبية خلال إحدى جلسات محاكمته بالقاهرة، إذ أشار أردوغان أن مرسي "لم يمُت، ولقد تم اغتياله".
وكان أردوغان قد أكد الأسبوع الماضي، إلى أنه سيثير مسألة مرسي في قمة مجموعة العشرين باليابان، حيث سيكون الرئيس المصري ولأول مرة حاضراً، وسيتقابل الرئيسان وجهاً لوجه.
بالإضافة لمرسي، سيحضر ملف الصحفي السعودي الراحل جمال خاشقجي جو القمة ذاتها للمرة الثانية، إذ كانت المرة الأولى هي تلك التي انعقدت فيها القمة في 30 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بالأرجنتين، وكان حضور ولي العهد السعودي فيها مثيراً للجدل بعد اتهامات وجهت له بالضلوع في مقتل خاشقجي.
واليوم يثير تقرير مكون من 101 صفحة نشرته مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان الأسبوع الماضي، يحمّل السعودية مسؤولية قتل خاشقجي عمداً.
إذ لفت التقرير الدولي إلى أن العقوبات المتعلقة بمقتل خاشقجي، يجب أن تشمل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وممتلكاته الشخصية في الخارج. كما دعا الحكومة السعودية إلى الاعتذار من أسرة خاشقجي، أمام الرأي العام، ودفع تعويضات لها.
ودعم التقرير جميع النداءات الداعية لمحاسبة الضالعين في مقتل الصحفي السعودي، كما حض الشركات الدولية على عدم التعامل مع الأشخاص والشركات التي لها أي صلة بجريمة قتله المروعة في قنصلية بلاده بإسطنبول، في أكتوبر/تشرين الأول 2018 الماضي.
وعلى إثر هذا التقرير صوت مجلس الشيوخ الأمريكي لمصلحة وقف مبيعات أسلحة تقدر قيمتها بنحو 8 مليارات دولار إلى المملكة العربية السعودية، في تحد واضح لترامب في هذا الصدد. بعد أن كان ترامب تجاوز الكونغرس الشهر الماضي في محاولة لتمرير الصفقة، متذرعاً بالتهديدات التي تواجهها السعودية من منافستها الإقليمية إيران.
فيما قضت محكمة بريطانية بأن الحكومة خالفت القانون بسماحها بتصدير أسلحة إلى السعودية ربما استخدمت في حرب اليمن، وذلك بعد أن قالت تقارير إن استخدام الأسلحة ينطوي على الأرجح على انتهاك لقانون حقوق الإنسان.
صفقة "إس 400" الروسية وطائرات "إف 35" الأمريكية
خلال اجتماعهما الجانبية في القمة، سيناقش كل من أردوغان وترامب أزمة شراء تركيا للمنظومة الدفاعية الروسية S400 التي ترفضها واشنطن بشكل كامل وتهدد من أجلها أنقرة بعقوبات اقتصادية، بينما يتوعد أردوغان بالرد في حالة اتخاذ مثل هذه الخطوة.
وأكد أردوغان الأسبوع الماضي في مؤتمر صحفي لوسائل الإعلام الأجنبية، أن شراء منظومة صواريخ إس-400 الروسية بات أمراً محسوماً وأضاف أن على الولايات المتحدة التفكير ملياً قبل فرض عقوبات على عضو في حلف شمال الأطلسي.
وقال أردوغان: "أنا لا أرى أي إمكانية لمثل هذه العقوبات" لكنه استدرك قائلاً إنه في حال فرضت الولايات المتحدة عقوبات "فسيكون لدينا عقوباتنا الخاصة بنا".
ويستند توقع أردوغان بعدم فرض عقوبات أمريكية على بلاده فيما يبدو على علاقته الشخصية بالرئيس دونالد ترامب. إذ أشار الرئيس التركي بالقول: "أقول هذا بكل صراحة وصدق، علاقاتنا مع ترامب في وضع يمكنني القول عنه إنه جيد للغاية.. ففي حالة وقوع أي مشكلات، نجري اتصالات هاتفية على الفور".
وأعلنت وزارة الدفاع الأمريكية في وقت سابق من الشهر الجاري وقف تدريب الطيارين الأتراك على الطائرة المقاتلة إف-35 في قاعدة جوية أمريكية في ولاية أريزونا بعد أن اشترت تركيا منظومة إس-400.
ويدور خلاف بين الدولتين العضوين في حلف شمال الأطلسي حول هذا الأمر منذ شهور. وتقول الولايات المتحدة إن منظومة إس-400 لا تتوافق مع الشبكة الدفاعية لحلف شمال الأطلسي ويمكن أن تهدد المقاتلات إف-35 التي ساعدت تركيا في إنتاجها وتعتزم شراء عدد منها، وقال أردوغان إن تركيا ستلجأ إلى المحاكم الدولية وستطالب باسترداد المبالغ التي سبق أن دفعتها لشراء مقاتلات إف-35 إذا لزم الأمر.
وتؤكد واشنطن أنها ما زالت هي ودول أخرى حليفة بحلف شمال الأطلسي في مباحثات مع تركيا لحل هذا الخلاف، وأنه ربما ينتج عن لقاء أردوغان وترامب في قمة العشرين نتائج جديدة لحل هذه الأزمة.
الأزمة الإيرانية
ستطغى كذلك الأزمة الإيرانية الأمريكية على أجواء قمة العشرين، خصيصاً بعد فرض واشنطن لعقوبات جديدة على طهران أمس الإثنين، حذرت من عواقبها طهران وصديقتها موسكو التي ستكون حاضرة بقمة العشرين.
من جانبها قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إن على المجتمع الدولي أن يسعى للتوصل إلى حل سياسي لأزمة إيران بعد العقوبات الأخيرة، مؤكدة أن قضية إيران ستطرح للنقاش خلال قمة مجموعة العشرين، وإن كان ذلك على مستوى المحادثات الثنائية.
وبحسب قناة العربية السعودية، سيناقش ترمب مع ولي العهد السعودي تصاعد التوترات مع إيران، والتهديدات لاستقرار المنطقة، والهجمات المستمرة التي تتعرض لها السعودية من قبل الحوثيين المدعومين إيرانياً.
وكان الرئيس الأمريكي قد أعلن الإثنين 25 يونيو/حزيران فرض حزمة جديدة من العقوبات على إيران تستهدف مسؤولين بارزين على رأسهم المرشد الأعلى في إيران آية الله علي خامنئي.
وأضاف ترامب إن فرض هذه العقوبات يأتي رداً على إسقاط الطائرة الأمريكية المسيرة و"أشياء أخرى". مشيراً إلى إن خامنئي مسؤول في النهاية عما وصفه "بالسلوك العدائي من قبل النظام".