برحيله، يدقّ محمد مرسي، الرئيس المصري الأسبق، ناقوس الخطر، ويسلط الضوء على الموت الذي يهدد حياة المسجونين السياسيين بشكل خاص، جراء ما يعتبره حقوقيون "إهمالاً طبياً".
ناقوس تتعالى دقاته محذراً من الموت المخيم على السجون المصرية، وذلك منذ وفاة مرسي التي أثيرت حول ملابساتها شكوك كثيرة، محلياً ودولياً؛ حيث اعتبرها البعض "قتلاً متعمداً" بسبب الإهمال الطبي، وطالبوا بتحقيق دولي في الأمر، وهو ما رفضته القاهرة، وقالت إن الشكوك "لا تستند إلى أي دليل"، و "قائمة على أكاذيب ودوافع سياسية".
مرسي يدق ناقوس الخطر
لكن وراء القضبان، وفي الزنازين، تتخذ المقاربة أبعاداً أخرى، بشهادات عدد من محامي وذوي المعارضين.
المرشح الرئاسي المصري الأسبق والسياسي البارز عبدالمنعم أبوالفتوح، دخل السجن قبل نحو عام ونصف، حاملاً معه 4 أنواع من الأدوية، تضاعفت مؤخراً إلى 14 نوعاً؛ إثر معاناته من أمراض مزمنة وأوضاع صحية غير مستقرة.
حالة صحية متدهورة يعاني منها أبوالفتوح وعشرات المعارضين، أثارت المخاوف الشديدة على حياتهم، خصوصاً عقب وفاة مرسي أثناء جلسة محاكمته.
وإثر وفاة مرسي، اتهمت 9 منظمات حقوقية محلية، السلطات المصرية بـ "الانتقام من الخصوم السياسيين، بالتعذيب والإهمال الطبي المتعمد والحبس الانفرادي"، محذرةً في بيان مشترك من أن "مرسي لن يكون الأخير إذا استمر الوضع على ما هو عليه".
وفيما لا تتوافر إحصاءات عن عدد المرضى بسجون مصر، وفق جورج إسحق، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان (رسمي)، إلا أن منظمات حقوقية محلية تُعنى برصد عشرات الحالات قالت إنهم معرضون للوفاة أكثر من أي وقت مضى.
وقال إسحق إن المجلس الحقوقي يتعامل مع أي شكوى تصله عن الأوضاع المرضية بالسجون، كان آخرها الأحد من قبل هيئة الدفاع عن أبوالفتوح.
وأوضح أن المجلس بدأ في مخاطبة إدارة السجون والنيابة العامة ووزارة الداخلية لمتابعة الأمر.
وعن دور المجلس، لفت إلى أنه ليس له صفة التنفيذ، وإنما يقتصر دوره على متابعة الحالات ورصدها، وتقديمها للجهات المختصة للتعامل معها، شريطة أن تكون بدليل مادي وليس كلاماً مرسلاً مثل تقديم تقرير طبي عن وضع السجين.
كما دعا إسحق السلطات إلى إحداث انفراجة في الأوضاع بالسجون، بالتحقيق في الحالات المرضية، وتوفير الرعاية الصحية لأصحابها.
ومنذ الإطاحة بمرسي صيف 2013، أوقفت السلطات المصرية آلاف المعتقلين، بينما توفي معارضون بارزون داخل السجون في ظروف مرتبطة بحالتهم الصحية، بينهم المرشد العام السابق للإخوان مهدي عاكف، ورئيس مجلس شورى الجماعة الإسلامية عصام دربالة.
وفي السنوات الأخيرة، أطلقت السلطات سراح المئات بعفو رئاسي على مراحل لأسباب بينها الوضع الصحي للسجين، كان أبرزهم المعارض والدبلوماسي السابق معصوم مرزوق، والصحفي البارز عبدالحليم قنديل.
وفي ما يلي، ترصد الأناضول أبرز الحالات التي تعاني أمراضاً مزمنة داخل السجون، وأوضاعاً غير مستقرة وفق محاميهم وذويهم:
أبوالفتوح.. 14 نوعاً من الدواء
محاميه عبدالرحمن هريدي، قال في تصريحات إعلامية مؤخراً، إن أبوالفتوح دخل السجن بأربعة أنواع من الأدوية، وحالياً يعالج بـ14، في إشارة إلى معاناته طبياً، بجانب "عزله في حبس انفرادي".
بينما قال نجله، أحمد أبوالفتوح، الثلاثاء الماضي، عبر فيسبوك، إن والده (68 عاماً) "أبلغهم خلال زيارته مؤخراً، بتعرضه لذبحة صدرية مرّت بسلام، ولولا كونه طبيباً أسعف نفسه بنفسه لكانت النتيجة مختلفة"، متهماً السلطات بـ "القتل البطيء" لوالده.
القيادي السلفي أبوإسماعيل
مطلع الأسبوع الجاري، تحدثت تقارير حقوقية عن أن القيادي الإسلامي البارز حازم صلاح أبوإسماعيل دخل في غيبوبة، بعد الاعتداء عليه داخل محبسه في سجن العقرب جنوبي القاهرة، وهو ما لم يتسن الحصول على تعقيب بشأنه من السلطات.
وأبوإسماعيل (58 عاماً) كان في طليعة القيادات الإسلامية التي قُبض عليها يوم 3 يوليو/تموز 2013، حين أطاحت قيادات من الجيش بمرسي.
البلتاجي ونجله
جددت أسرة القيادي البارز بجماعة الإخوان المسلمين محمد البلتاجي طلباً موجهاً للسلطات بتوفير إشراف طبي متخصص له، أو نقله لمركز طبي متخصص على نفقتهم الخاصة، فضلاً عن جمعه بشمله مع نجله المحبوس أنس، وفق ما تقرّه لوائح السجون، في ظل "تدهور حالته الصحية" بمحبسه الانفرادي.
وفي 3 مارس/آذار الجاري، طالب البلتاجي بعرضه على أحد المستشفيات لمعاينة حالته الصحية بعد إصابته بجلطة دماغية، في إحدى جلسات محاكمته.
والخميس، قالت سناء عبدالجواد، زوجة البلتاجي عبر فيسبوك، إن "الأسرة تتخوّف على صحة البلتاجي منذ وفاة مرسي، خاصة بعد معاناته الصحية في الفترة الأخيرة، وكذلك نجله أنس "في ظل أنباء مقلقة عنهما، ومنع تام عن الزيارة وعدم وجود أي تواصل".
متحدث الإخوان محمولاً على الأكتاف
المتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين، جهاد الحداد (38 عاماً)، ألقي القبض عليه في سبتمبر/أيلول 2013، وتحدث في أكثر من مناسبة عن معاناته بمحبسه من وضع صحي غير مستقر.
ووفق أحاديث متكررة لأسرته، يدخل الحداد جلسات محاكمته محمولاً من قبل أفراد الأمن، لعدم استطاعته الوقوف على قدميه بسبب عجز ركبتيه.
الحقوقية هدى عبدالمنعم
في إحدى جلسات محاكمتها قالت المحامية والناشطة الحقوقية هدى عبدالمنعم للقاضي إنها لا ترى أي حقوق إنسانية بمحبسها، ولا يسمح لها بالزيارة، ويتم إحضارها لقاعة المحكمة محمولة من قبل الأمن لعدم قدرتها على الحركة.
وفي تصريحات إعلامية سابقة، قالت أسرة هدى (60 عاماً) التي تم توقيفها قبل أشهر، إنها فقدت الكثير من وزنها، وتبدو عادة بحالة نفسية سيئة يصاحبها عدم اتزان وقلق.
الصحفي معتز ودنان
منذ احتجازه قبل نحو عام ونصف، يعاني الصحفي معتز ودنان، من أوضاع صحية غير مستقرة، فيما قالت أسرته في بيان قبل أيام إن معنوياته انهارت لدرجة تمزيقه لملابسه.
ومعتز (ثلاثيني) يحاكم حالياً على خلفية مقابلة صحفية مع هشام جنينة، الرئيس الأسبق للجهاز المركزي للمحاسبات، والأخير يعتبر أعلى جهاز رقابي بمصر.
أما جنينة فهو محبوس حالياً، وقد طرح اسمه كنائب للرئيس في حملة رئيس الأركان الأسبق سامي عنان في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، قبل أن يتم حبس الثلاثي.
وذكرت الأسرة في بيانها أن معتز أعلن إضرابه عن الطعام أكثر من مرة ويتعرض للتعذيب ومضايقات عدة.
الفريق عنان
الفريق السبعيني سامي عنان، رئيس الأركان الأسبق، محبوس في "ظروف غامضة"، وتصاعدت أنباء عن تدهور صحته مؤخراً، وأنه يرقد بمستشفى المعادي العسكري (جنوب القاهرة)، وفق تقارير صحفية صيف العام الماضي.
ولم تعلق أسرته أو محاميه أو على ما يتردد، ولم يظهر عنان للعلن منذ توقيفه.
وأُحيل الفريق للمحاكمة العسكرية مطلع 2018، على خلفية تحقيقات تقول إنه خالف القواعد بالترشح دون إذن عسكري كونه لا يزال بالخدمة وفق القانون.