أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الإثنين، 24 يونيو/حزيران 2019، عقوبات جديدة تستهدف القيادة العليا في إيران ومن يُعتقد أنهم مسؤولون عن إسقاط طائرة أمريكية بدون طيار تحلق بالقرب من مضيق هرمز.
انضمت العقوبات الجديدة إلى القيود السابقة المفروضة من قِبل الولايات المتحدة على التجارة مع إيران لتشكّل بذلك مجموعة من أقسى العقوبات على أي دولة في العالم، وتشعر إيران بتأثيراتها بكل تأكيد، بحسب تقرير لموقع Business Insider الأمريكي.
وتفاخرت الصحافة الرسمية الإيرانية مؤخراً بشجاعتها العسكرية عند إسقاط طائرة أمريكية بدون طيار تبلغ قيمتها حوالي 130 مليون دولار، ووصفتها بالعين السوداء الشريرة للقوى العسكرية العظمى في العالم.
ولكن يشير تقرير حديث من وكالة Reuters إلى انخفاض صادرات النفط الإيراني إلى300,000 برميل يومياً فقط. في أبريل/نيسان 2018، وقبل انسحاب ترامب من الاتفاق النووي الإيراني، والذي كان سيخفف العقوبات على إيران في مقابل التزامها بعدم إنتاج أسلحة نووية أو مكوناتها الرئيسية، كانت إيران تصدّر 2.5 مليون برميل يومياً.
خسائر بـ 120 مليوناً يومياً
وبحسب السعر الحالي لبرميل النفط، تصل خسائر إيران من هذا الانخفاض في الصادرات والذي تسبب به ترامب إلى 120 مليون دولار يومياً من صادرات النفط فقط، أي تكلفة الطائرة الأمريكية بدون طيار تقريباً.
بالنسبة للولايات المتحدة، خسارة طائرة بدون طيار مكلفة ومُزعزعة للاستقرار، ولكنها ليست مشكلة كبيرة بالنسبة لبلد تصل فيها ميزانية الدفاع السنوية إلى 718 مليار دولار. ولكن في إيران، انهارت العملة، وأصبحت الدولة تعاني تحت وطأة الاحتجاجات والإضرابات. وتفرض الدولة قمعاً على الحرية المالية لكل المواطنين.
وبينما اختار العديد من الإيرانيين، خاصة المتشددين المقربين من آية الله علي خامنئي، القائد الأعلى للبلاد، إلقاء اللوم على الولايات المتحدة في تلك المشكلات الاقتصادية والمالية، كان للمواطنين الإيرانيين العاديين نظرة أكثر تبايناً في هذا الشأن.
قالت شيفا كيشافارز، محاسبة تبلغ 22 عاماً وتعيش في إيران، لوكالة الأنباء The Associated Press: "الحرب الاقتصادية واقع ويعيش الناس تحت ضغط شديد".
وقالت إن حكام إيران "يخبروننا بأن نكون أقوياء ونتحمل الضغط، ولكننا نسمع صوت تكسير عظامنا بالفعل"، بحسب الموقع الأمريكي.
ووفقاً لوكالة الأنباء، تجاوز التضخم 73%، بحسب الإحصائيات الحكومية. وبلغ معدل البطالة أكثر من 3 مليون شخص، أو 12% من المواطنين في سن العمل. وتصل هذه النسبة إلى الضعف لدى شريحة الشباب المتعلم".
بالكاد يمكن للإيرانيين اقتناء هواتف محمولة، وارتفعت أسعار المواد اليومية بشكل جنوني بالنسبة للعمال المتوسطين.
إيران تنتقد التخريب، والولايات المتحدة تتجاهلها
في الولايات المتحدة، وبحسب المقاييس التقليدية، فإن الاقتصاد مزدهر. حتى إن تغريدات ترامب عن النتائج المحققة في البورصة أكثر تكراراً من تغريداته عن إيران.
وعلى الرغم من أن سياسات ترامب لم تخلق سوقاً عظيمة بشكل مباشر أو خفضت معدلات البطالة بشكل تاريخي، فإنها تسير نحو ذلك فعلاً.
تتعرض إيران لضغوط مالية حادة لدرجة أن العديد من خبراء الجغرافيا السياسية، يرتبط العديد منهم بإدارة الرئيس السابق باراك أوباما وداعمين كبار للاتفاق الإيراني، يرون أن زرع الألغام بناقلات النفط والمتهمة به إيران والإسقاط المتعمد للطائرات بدون طيار "أمور متوقعة".
عند حديثه عن إيران، غالباً ما يشبهها ترامب بكوريا الشمالية، متعهداً بأن يكون لها مستقبل مشرق في حال تعاونها مع الولايات المتحدة.
على مر عقود من العداوة، عانت الولايات المتحدة من هجمات كوريا الشمالية، تضمنت احتجازاً للمواطنين الأمريكيين والهجوم على سفينة تابعة للبحرية الأمريكية وأسرها. ولكن الولايات المتحدة لم ترد قط على تلك الحوادث بالقوة.
قادة إيران يكرهون الولايات المتحدة من أعماق قلوبهم، وكثيراً ما ينشدون "الموت لأمريكا" أو يحرقون الأعلام الأمريكية. أما بالنسبة لإجراء حوار مع الولايات المتحدة، كما يعرض ترامب كثيراً، فإن إيران تستبعد هذه الفكرة تماماً وتعتبرها "مهانة" إن لم تخفف الولايات المتحدة من العقوبات أولاً.
تراجع ترامب عن استخدام القوة ضد إيران حتى الآن، ولكنه صعّد من حدة الحرب الاقتصادية على طهران، عاصمة إيران، ويلوّح في الوقت نفسه بفكرة عقد قمة دبلوماسية.
إذا استمرت هذه الديناميكية المفضلة لإدارة ترامب في التعامل مع إيران، ستصبح طهران، في غضون عقود قليلة، دولة فقيرة ومعزولة مثل كوريا الشمالية، بينما ستظل الولايات المتحدة، على الأرجح، كما هي الآن.