أدان تقرير أممي صادر عن الأمم المتحدة الحكومة السعودية، بقيادة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بمسؤوليتها عن جريمة مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول 2018.
وطالبت مقرّرة حقوق الإنسان، أغنيس كالامارد، الأمينَ العامَّ للأمم المتحدة بفتح تحقيق جنائي دولي في القضية، سواء تم تنفيذه أو لم يتم، يضع مسؤولية أخلاقية على عاتق المجتمع الدولي بأَسره؛ نظراً إلى بشاعة تفاصيل الجريمة، من التخطيط لها على أعلى مستوى وتكريس موارد السعودية لتنفيذها.
إليك أهم ما جاء في التقرير:
مسؤولية السعودية كدولة
أشار التقرير إلى أن "جريمة مقتل خاشقجي تمثل إعداماً خارج القانون، تتحمل مسؤوليته المملكة العربية السعودية كدولة، كما أن محاولة خطفه تمثل انتهاكاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان. من ناحية مفاهيم القانون الدولي لحقوق الإنسان، لا تخضع مسؤولية الدولة لسؤال أيٍّ من المسؤولين أمر بقتل السيد خاشقجي، فسواء كان مسؤولاً أو أكثر هو مَن أمر بالخطف، أو أن العملية فشلت وأصبحت قتلاً خطأ، أو أن من قاموا بالتنفيذ تصرفوا من تلقاء أنفسهم، لا ينفي مسؤولية الدولة".
المسؤولية الفردية لولي العهد
أدلة موثقة.. توصل تقرير المقررة الخاصة إلى أدلة موثوقة تستدعي التحقيق مع مسؤولين سعوديين رفيعي المستوى، لضلوعهم كأفراد في الجريمة، من بينهم ولي العهد. وحذرت من التركيز بشكل مبالَغ فيه، على تحديد مَن الشخص الذي أعطى الأمر بالقتل، مشيرة إلى أن البحث عن العدالة والمسؤولية لا يعتمد فقط على إلقاء القبض على الشخص متلبّساً بجريمته وفي يده أداة الجريمة.
اكتشفت المقررة الخاصة أيضاً أن التحقيقات التي أجرتها تركيا والسعودية فشلت في تحقيق المعايير الدولية بشأن التحقيق في الإعدام بشكل غير قانوني.
وفي هذا السياق ركز التقرير على محاولات المدعي العام السعودي التغطية على دور ولي العهد، بصورة تجافي كل قواعد المنطق.
"في فبراير/شباط الماضي، ظهرت تقارير تفيد بأن المدعي العام السعودي تعاقد مع شركة أمن خاصة هي (كرول)، كي تجري فحصاً جنائياً لموبايل محمول يخص السيد سعود القحطاني مستشار ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. ركزت المراجعة على رسائل الواتساب المتبادلة بين ولي العهد والقحطاني يومي 2 و3 أكتوبر/تشرين الأول 2018 (يوم تنفيذ جريمة القتل واليوم الذي يليه)، ولم يأخذ التقرير في الاعتبار الرسائل أو المحادثات بين الطرفين عبر تطبيقات أو قنوات تواصل أخرى.
وبحسب تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية التي اطلعت على التقرير المبدئي للشركة الأمنية، كانت هناك رسالة محذوفة من سجلِّ رسائل القحطاني. المدعي العام السعودي أبلغ شركة كرول أن "القحطاني كان قد أرسل تلك الرسالة، لكنه لاحظ أن بها أخطاء إملائية فحذفها وصحَّحها وأعاد إرسالها".
وبعد مراجعة التقرير خلص المدعي العام السعودي إلى أن رسائل الواتساب المتبادلة بين القحطاني وولي العهد لا علاقة لها بخاشقجي أو جريمة قتله. ولم يتم نشر تقرير شركة كرول حتى اللحظة.
بيانات المدعي العام السعودي تهدف إلى التغطية
وبحسب التقرير، رغم وجود مسؤولين سعوديين في القنصلية السعودية ومقر إقامة القنصل بإسطنبول في الفترة من 6 إلى 15 أكتوبر/تشرين الأول 2018، تحت زعم التحقيق في جريمة القتل- فإنهم لم يقدموا للمحققة الخاصة أي معلومات تخص الأدلة التي ربما جمعوها في أثناء تلك الفترة. ورغم أن المدعي العام السعودي أصدر بياناً بشأن ما توصلوا إليه في 15 نوفمبر/تشرين الثاني، فإن البيان خلا من أي تفاصيل واقتصر على عدة ادعاءات عامة.
ورغم أن المقررة الخاصة رحبت بالبيانات التي تخص أفعال ومسؤولية أفراد بعينهم، فإنها لاحظت تضارباً بشأن البيانات نفسها التي تخص 11 شخصاً يخضعون للمحاكمة بتهمة تنفيذ الجريمة. ولا يزال مطلوباً من السعودية الكشف عن مكان وجود بقايا جثمان السيد خاشقجي.
السعودية تعرقل العدالة
وصلت المقررة الخاصة إلى أنه بموجب الاتفاقيات المنظِّمة لأوضاع وحصانة البعثات الدبلوماسية، لم يكن هناك مبرر قانوني للسلطات السعودية لمنح المسؤولين الأتراك حق الدخول إلى القنصلية للتحقيق، لكن في الوقت نفسه كانت السعودية ملزمةً التعاون مع تركيا في التحقيق بجريمة مقتل خاشقجي، وهذا ما كان يحتم الاستجابة الفورية من جانب السعودية، وهو ما لم يحدث.
مسرح الجريمة تم مسحه بدقة.. وجدت المقررة الخاصة دليلاً موثوقاً يشير إلى أن مسرح الجريمة لم يتم فقط تنظيفه، بل جرى مسحه بدقة من جانب فريق جنائي متخصص، وهو ما يدلل على عدم نزاهة التحقيق السعودي، بل يرتقي إلى جريمة عرقلة العدالة.
ترامب أول من روَّج لنظرية القتلة المارقين
في 15 أكتوبر/تشرين الأول، غرّد ترامب قائلاً إنه تحدّث مع ولي عهد السعودية، الذي نفى أي علم "بما حدث لجمال خاشقجي أياً كان"، وفي اليوم نفسه علَّق ترامب على تلك المحادثة، قائلاً: "لا أريد أن أدخل لما يدور في ذهنه، لكن بدا لي أنه ربما يكون مَن فعلها قتلة مارقين، من يدري؟ لكننا سنحاول معرفة ما حدث بالفعل قريباً جداً، لكن كلامه (بن سلمان) كان نفياً قاطعاً".
المقررة الخاصة، بحسب ما توصلت إليه في تقريرها، كانت تلك هي المرة الأولى التي يتم فيها ذكر "نظرية القتلة المارقين"، وبعدها بنحو أسبوع -أي في 21 أكتوبر/تشرين الأول- قدمت السعودية رسمياً تلك النظرية كتفسير لما حدث!
تحليل الحقائق.. 4 فرضيات موثقة
ارتكزت المقررة الخاصة في تحليلها للحقائق، على أربع فرضيات موثوقة: أولاها القتل العمد مع سبق الإصرار، وثانيها الخطف مع القتل العمد إذا ثبتت استحالة الخطف أو فشله، وثالثها القتل نتيجة حادث في أثناء عملية الخطف، ورابعها اتخاذ قرار القتل من جانب فريق التنفيذ في أثناء العملية.
ومن وجهة نظر القانون الدولي، فإن الفرضيات الأربع تشير إلى جريمة تمثل انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان، وتوصلت المقررة إلى أن الفرضية الأولى والثانية هما الأكثر موثوقية بحسب الأدلة المتوافرة.
التخطيط للجريمة.. مصادر متعددة شاركت في الجريمة
خطط للجريمة بعناية.. كانت عملية رصد السيد خاشقجي نتيجة لمهمة مفصلة ومخطط لها على قدر كبير من التنسيق وشاركت فيها مصادر متعددة، ويظهر الدليل من كندا أن السيد خاشقجي كان على الأقل هدفاً غير مباشر للمخابرات السعودية. وتشير تسجيلات الاتصالات في اليومين السابقين على تنفيذ الجريمة إلى أن السيد خاشقجي كان واحداً من عدة أفراد "تسعى وراءهم" السلطات السعودية، وعندما سنحت الفرصة تم إطلاق العملية من الرياض وتمت إدارتها على أعلى مستوى في الحكومة السعودية، وتكشف التسجيلات التركية عن تورُّط موظف لدى مستشار كبير في الديوان الملكي (السيد مطرب) والقنصل العام وآخرين.
الدعم اللوجستي المستخدم في العملية كان معقداً، حيث قام مسؤولون سعوديون بالترتيبات العملية بما فيها السفر والإعاشة، وشملت العملية رحلات طيران متعددة من ضمنها طائرتان خاصتان إحداها حصلت على تصريح دبلوماسي. العملية أيضاً شملت التدريب، حيث سافر ملحقان سعوديان من إسطنبول للرياض من أجل تدريب وتجهيز "على درجة عالية من السرية والسرعة"، وهو أمر يتطلب التخطيط والتنفيذ في إسطنبول.
كما أنه من الواضح اتخاذ الفريق إجراءات مضادة بغرض التمويه والخداع مثل اقتراح حجز تذاكر طيران عائلية على الرحلة للرياض، وكذلك استخدام شركة سياحة للحجز في فنادق إسطنبول، وطلب غرف مطلة على البحر لفريق المسؤولين السعوديين.
تم التخطيط للعملية وتجهيز فريق عمليات خاصة في ظرف 48 ساعة
إن حقيقة تشكيل فريق تنفيذ الجريمة في ظرف 48 ساعة تشير إلى سيناريو "عمليات خاصة"، حيث يكون أعضاء الفريق الأساسيون معروفين ومستعدين للتحرك عند صدور الأوامر، ولا يوجد سيناريو آخر يفسّر الأحداث بالكيفية التي وقعت بها.
الأمر نفسه يؤكده ما حدث داخل القنصلية بإسطنبول، حيث كان مطلوباً مزيد من التخطيط والتجهيز، إذ دخلت المجموعة الأولى إلى القنصلية في اليوم السابق على القتل لتحديد أفضل الطرق للتنفيذ، وتم مناقشة موقع الاستجواب أو التخلص من الضحية في ذلك اليوم، وقد توجّه ملحق في القنصلية إلى غابة بلغراد على الأرجح لتقييم موقع التخلص من الجثة.
وفي يوم الجريمة قام القنصل العام بإخلاء القنصلية من معظم الموظفين غير السعوديين، والتأكيد على أي موظفين باقين بعدم مغادرة مكاتبهم، وبحسب المسؤولين الأتراك تم تعطيل الكاميرات داخل القنصلية، رغم أن إحدى المنظمات الإعلامية بثت خبراً أن شرائط كاميرات المراقبة تم حذفها.
مسؤولون سعوديون على أعلى مستوى خططوا وأشرفوا على المهمة
أصدر المدعي العام السعودي بياناً يوم 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، زعم فيه أن العملية خطط لها نائب مدير المخابرات "السابق"، وهو على الأغلب أحمد عسيري المُدان حالياً في المحاكمة السعودية، وأكد البيان أنه أمر "قائد العملية" بـ "إحضار الضحية بالإقناع ولو فشل الإقناع أن يعيدوه بالقوة". وطلب عسيري من مستشار "سابق" بالديوان الملكي تخصيص واحد من موظفيه للانضمام للفريق. المستندات عرّفت المستشار على أنه سعود القحطاني والموظف الخاص به على أنه مطرب، الذي زعم أنه أصبح قائد فريق التنفيذ وكانت مسؤوليته التفاوض مع خاشقجي.
كان مطرب مشاركاً في التخطيط للمهمة منذ البداية، حيث إنه بعد وصول خاشقجي للقنصلية السعودية أول مرة في 28 سبتمبر/أيلول كان مطرب خلال ساعات يناقش الموعد القادم لخاشقجي مع موظفي القنصلية، وصرح بأنه أبلغ "ضابط الاتصال" عن زيارة خاشقجي. وبحسب المدعي العام السعودي تقابل القحطاني مع فريق "التفاوض" قبل بداية المهمة، وكان هدفه إعادة خاشقجي للسعودية قائلاً إنه "يمثل تهديداً للأمن القومي".
أدلة موثقة على سبق الإصرار على القتل
مهمة طمس الهوية.. ضم فريق التنفيذ الدكتور المتخصص في الطب الجنائي صلاح الطبيقي الذي لا يوجد تفسير مقنع لوجوده ضمن الفريق سوى قيامه بالدور الوحيد المؤهل له وهو تقطيع الجثة والتخلص منها. بيان المدعي العام السعودي زعم أن دور الطبيقي كان طمس الأدلة إذا ما تم استعمال القوة، ولكن هذا التفسير خادع وغير واضح. فلو أن هذا كان دوره، فهناك مرشحون مناسبون أكثر للقيام بالمهمة وهم خبراء علميون أو جنائيون أو تقنيون، وهم مَن جاءوا بالفعل إلى تركيا بعد تنفيذ الجريمة.
الأدلة الموثقة تشير إلى أن قرار قتل خاشقجي تم اتخاذه قبل أن تقلع الطائرة التي حملت فريق التنفيذ من الرياض. وبحسب شهادة خبير مخابراتي له صلة بالعمليات الخاصة أمام المقررة الخاصة، يُعد وجود الطبيقي مع أعضاء الفريق الذين وصلوا إلى القنصلية قبل يوم من العملية كان على الأرجح لتقييم الموقع وإما تأكيد قرار القتل أو تقرير أن القتل كان ضرورياً، ولا يبدو أن الطبيقي من ضمن أعضاء الفريق الأساسيين ولكن تم تجنيده ضمن الفريق حديثاً على أساس التسجيلات التي أظهرت مخاوفه من أن رئيسه لا يعرف بتورُّطه وأنه ربما يكون غير محميّ، وبالتالي تم تجنيده تحديداً من أجل الدور الذي نفذه بالفعل وهو التخلص من الجثة.
وجود شبيه لخاشقجي يؤكد أن نية القتل كانت مبيّتة
يؤكد وجود شبيه وهو السيد المدني ضمن أعضاء الفريق لاستخدامه في تصوير الأمر على أن خاشقجي غادر القنصلية أن نية القتل كانت مبيّتة ومخططة منذ البداية، فلو أن المهمة كانت محاولة إقناع خاشقجي بالعودة للسعودية أو خطفه لما كانت هناك حاجة لوجود شبيه، وذلك بحسب شهادة خبير في العمليات الخاصة.
وأشارت المقررة الخاصة إلى أنه لم يتم أبداً استخدام شبيه من جانب السعودية في عمليات الخطف، ولكن المؤكد هو أن استخدام الشبيه يتم في عمليات الإخفاء القسري أو القتل بعرض خلق قصة مضادة لترويجها (وهو ما قامت به السعودية بالفعل منذ يوم 2 أكتوبر/تشرين الأول يوم القتل وحتى الاعتراف بالقتل بعدها بأسبوعين على الأقل). إضافة إلى ذلك فإن دور الشبيه (المدني) كان مخططاً له بوضوح منذ البداية: وضع ذقناً مستعارة كي يبدو شبه خاشقجي، وهي عملية تحتاج لإعداد، وبالتالي وجوده ضمن الفريق دليل على أن نية القتل كانت مبيّتة قبل مغادرة الفريق للرياض.
قرار وجود 5 أفراد من الفريق في مقر إقامة القنصل يشير أيضاً إلى دور تم التخطيط له داخل مقر إقامة القنصل العام وهو الدور الذي تم تنفيذه بعد نقل جثة خاشقجي من القنصلية إلى المقر، فلو أن أعضاء الفريق كانوا يستريحون انتظاراً لدورهم لظلوا في غرفهم بالفندق.
التسجيلات وثقت الجريمة
ناقش الطبيقي تقطيع الجثة داخل القنصلية في الساعة الواحدة ودقيقتين يوم 2 أكتوبر/تشرين الأول، أي قبل 13 دقيقة من وصول خاشقجي للقنصلية، حيث عبّر الطبيقي عن أمله في أن يكون تقطيع الجثة سهلاً، شارحاً أن تقطيع المفاصل لا يجب أن يمثل مشكلة، ومعلقاً أنه لم يقم بهذا الأمر على الأرض من قبل، وشعر بأن الجذع سيكون أثقل من أن يتم حمله في حقيبة، ووصف كيفية تقطيع جثة ثقيلة إلى أجزاء ولّفها ووضعها في أكياس بلاستيكية. وفي التسجيلات سأل شخص على الأرجح مطرب إذا ما كانت "الأضحية" (في سياق الحديث هذه إشارة لخاشقجي) قد وصل.
وفي الواحدة و15 دقيقة وصل خاشقجي إلى القنصلية وتم أخذه إلى الدور الثاني حيث مكتب القنصل العام أو في غرفة قريبة منه. تم سؤاله إذا ما كان سيعود إلى السعودية، وأجاب ربما في المستقبل. قال أحدهم إن هناك أمراً بالقبض عليه من جانب الإنتربول وإنه لابد أن يعود، وأجاب خاشقجي بأنه لا توجد قضايا ضده، وطُلب منه إرسال رسالة نصية إلى نجله أكثر من مرة لكنه رفض، فطلبوا منه خلع الجاكت وهي اللحظة التي يبدو فيها أنه رأى إبرة طبية فسألهم إن كانوا سيخدرونه.
وبعدها سُمعت أصوات مقاومة وصراع مع صوت يكرر "إخلص" أكثر من مرة، واستمر الصراع نحو 7 دقائق، ونحو الساعة الواحدة و39 دقيقة، أي بعد نحو 24 دقيقة من وصول خاشقجي، ونحو 37 دقيقة من مناقشة تقطيع الجثة، ظهر في التسجيل صوت منشار، بحسب تفسير المسؤولين الأتراك للمقررة الأممية.
نية القتل والتقطيع كانت مبيّتة
"يجب أن نستخدم المنطق العام عند التفكير وتقييم هذه الأدلة باستخدام "البناء المنطقي والعادل في ضوء المعرفة العامة". فلو أن تقطيع جثة تم مناقشته قبل نصف ساعة من وجود الجثة أصلاً، فالنتيجة الحتمية هي أن القتل والتقطيع كانا متعمّدين ومخطط لهما، خصوصاً إن كان الجناة يمتلكون بين أيديهم الأدوات المطلوبة للتنفيذ. نية القتل كانت مبيّتة في نقطة ما، وسواء كان التنفيذ مخططاً له أن يتم بعد 40 دقيقة من وصول السيد خاشقجي أم لا أمر لا يمكن الجزم به.
ليس من المحتمل أيضاً في خطة كهذه أن يكون قرار القتل وليد اللحظة من جانب الفريق أو قائده كما تدعي المحاكمة السعودية، فوجود الطبيقي ضمن فريق مكوّن من 15 شخصاً أمر حتميّ في تحديد النية الأصلية للمهمة من جانب مَن صرّحوا بها، حيث إن وجوده يشير إلى واحد من ثلاثة احتمالات: الأول: أن القتل كان النية الأساسية للمهمة، الثاني: أن القتل كان مخططاً أن يتم بعد عدة أيام من الاستجواب، الثالث: أن القتل كان الخيار الثاني مباشرة لو رفض السيد خاشقجي العودة للسعودية.
من غير الجائز أن يقوم قائد فرقة عمليات خاصة بتغيير المهمة للقتل بصورة منفردة دون تصريح من رؤسائه، فالقرار الفردي بالقتل تحدٍّ للأوامر سيعرّض الفريق وخصوصاً قائده للخطر، ومن الصعب جداً قبول نظرية أن قائد فريق من 15 فرداً خطط لهذه الجريمة دون تصريح من رؤسائه في الرياض.