هل يسير حميدتي على خطى السيسي ويصبح رئيساً؟
"نملك تفويضاً شعبياً لتشكيل حكومة تكنوقراط" عندما خرجت هذه الكلمات من نائب رئيس المجلس العسكري السوداني محمد حمدان دقلوا أحسّ الكثيرون أنهم سمعوها من قبل، فما أشبه التفويض الذي تحدث عنه حميدتي بالتفويض الذي طلبه السيسي بعد مظاهرات 30 يونيو/حزيران 2013 وعزل الرئيس الأسبق محمد مرسي.
ففي 24 يوليو/تموز 2013 بعد 20 يوماً من عزل الرئيس المنتخب محمد مرسي إثر مظاهرات ضخمة في 30 يونيو/حزيران، طلب السيسي تفويضاً من الشعب المصري.
ومنذ تلك اللحظة لم يتوقف السيسي عن الحديث باسم الشعب في ظل غياب أي قدرة حقيقية على قياس مدى رضاء الشعب عن قراراته.
تفويض السيسي، الذي جاء عندما كان يتولى منصب القائد العام للقوات المسلحة المصرية، وجّه لما وصفه بجموع المصريين "الشرفاء" طالبهم بالنزول إلى الشوارع يوم الجمعة المقبل.
والهدف كان منحه تفويضاً بالحرب على "الإرهاب والعنف" المحتملين.
فعلياً لم يكن هناك أي إرهاب واسع النطاق عندما طلب السيسي التفويض.
ولكن منذ ذلك اليوم فإن الإرهاب لم يتوقف في مصر، ولم يؤدّ التفويض لمنعه أو وقف الإرهاب، بل استغل لقمع أي معارضة من أي اتجاه بدءاً من مذبحة رابعة ضد الإخوان المسلمين وصولاً إلى اعتقال قائد السيسي لقائده السابق الفريق سامي عنان رئيس أركان الجيش المصري الأسبق.
يومها نزل الميادين مؤيدون يرفعون صورة السيسي، عدتهم وسائل إعلام مؤيدة له وقتها "ملايين"، في مقابل حشود مضادة في ميادين أخرى، وفق تقديرات معارضة، كانت تعترض على الإطاحة بمحمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطياً من منصبه قبلها بنحو 3 أسابيع.
لم تغب ذكرى "التفويض" عن أحاديث السيسي بشكل لافت، منوهاً ومشيداً بالتفويض الذي حصل عليه 6 مرات في الأعوام الأربعة التالية على التفويض الأول.
ماذا كانت نتائج تفويض السيسي؟
منذ ظهور التفويض الأول تنبهت أصوات خافتة إلى خطورة فكرة التفويض الجماهيري الشعوبية التي لا تستند إلى صندوق انتخابات، وأنها قد تستغل بشكل مختلف عما يريده من تحمسوا لها.
ويسترجع الدبلوماسي السابق معصوم مرزوق، في حديث سابق مع وكالة الأناضول، تفويض السيسي قائلاً: "يومها قلت لمؤيدي الدعوة لن تجدوا من يدافع عنكم في المستقبل".
واعتبر مرزوق، وهو سياسي يساري بارز اعتقل في عام 2018، أن التفويض "كان بداية لحالة الانهيار، التي وصلت لها مصر، حتى أن تداعياتها السلبية جاءت على شعبية السيسي".
وأرجع ذلك إلى "عدم وفاء" السيسي بكثير من تعهداته للمصريين في مواجهة الإرهاب، وسط حالة من ارتفاع الأسعار يعاني منها معظم المصريين.
كما يقول القيادي اليساري مدحت الزاهد، القائم بأعمال رئيس حزب التحالف الشعبي، للأناضول، أن التفويض "لم ينجح في القضاء على الإرهاب الذي كان محتملاً وقتها وصار واقعاً وسمح بتشديد العقوبات والجور على الحقوق والحريات".
لماذا يبدو حشد الجماهير سهلاً من قبل العسكريين؟
والآن يستخدم حميدتي نفس فكرة التفويض من أجل تمرير فكرة تشكيل حكومة تكنوقراط تكون خاضعة للعسكري السوداني.
وعلى غرار السيسي لجأ إلى الجماهير التي تُحشد في الميادين.
كأن لسان حاله يقول إذا كان المعارضة قادرة على حشد المظاهرات فنحن نستطيع أن نفعل أيضاً.
وفي ظل قدرة على العسكري السوداني على قمع مظاهرات كما حدث في فضّ الاعتصام، وفي ظل الهيمنة على التلفزيون الحكومي والقيود على وسائل الإعلام الأجنبية والعربية وقطع الإنترنت فإن المظاهرات المؤيدة للعسكريين ستحظى بأفضلية فهي لن تقمع ويمكن أن تحظى بتغطية إعلامية أفضل من الإعلام المحلي وإعلام الدول الحليفة للعسكري السوداني.
وهو ما حدث أيضاً خلال الفترة التي حصل فيها السيسي على تفويض الشهير في 24 يوليو/تموز 2013.
إذ قال السيسي والمعارضون لحكم محمد مرسي آنذاك إن ملايين احتشدوا ضد حكم مرسي، في المقابل، قال أنصار مرسي إن الملايين خرجوا أيضاً تأييداً لمرسي ورفضاً لعزله.
ولكن بصرف النظر عن أيهما أكبر، فإن المظاهرات المناهضة لمرسي في 30 يونيو/حزيران 2013، ومن بعدها مظاهرات التفويض للسيسي تمتعت بحماية الجيش والشرطة مع تغطية إعلامية واسعة حملت بصمات سينمائية مثلما حدث عندما ساعدت القوات المسلحة المخرج خالد يوسف على تصوير مظاهرات 30 يونيو/حزيران من الطائرة (خالد يوسف فرّ خارج مصر بعد تسريبات فضائحية يعتقد أن الأمن يقف وراءه بسبب اعتراضه على التعديلات الدستورية التي مددت فترته الانتخابية).
بينما لم تحظ المظاهرات المؤيدة لمرسي بتغطية إعلامية من قبل الإعلام المحلي، والأهم أنها تعرضت للقمع من الأمن وفي الأغلب من البلطجية الذين كان يصفهم الإعلام بالمواطنين الشرفاء.
شاركت معظم قوى المعارضة غير الإسلامية في مظاهرات 30 يونيو التي أفضت لإقالة مرسي، حيث حظيت بالتغطية الإعلامية وحماية الجيش.
ولكن منذ بداية التفويض ضد الإرهاب، بدأت بعض القوى المعارضة المصرية تشعر بالقلق من اللجوء لهذا الأسلوب.
ومنذ ذلك الحين أصبح التظاهرات التي تنظمها المعارضة، تتعرض للقمع والتجاهل الإعلامي في الوقت ذاته، ليذوقوا من نفس الكأس الذي تذوق منها المتظاهرون من أنصار مرسي.
ولكن أوجه التشابه بين حميدتي والسيسي لا تقتصر ذلك.
لا نطمع في السلطة
يركز خطاب حميدتي على أن المجلس الانتقالي في السودان لا يطمع في السلطة.
فقد قال: "لا نريد الاستمرار في السلطة، ونفهم اللعبة السياسية جيداً من خلال دعوتهم إلى فترة انتقالية لأربع سنوات لحكم السودان من دون انتخابات"، في إشارة إلى اقتراح قوى الحرية والتغيير.
وقال السيسي قبل توليه السلطة إن القوات المسلحة لا تطمع في السلطة.
كما ركّز السيسي ومازال على الحديث على التأييد الشعبي له، وهو تأييد لا يمكن قياسه في ظل غياب الديمقراطية والمنافسين حرية وسائل الإعلام واعتقال المعارضين البارزين.
وعلى نفس المنوال يسير حميدتي، إذ يقول إنه يستمد نفوذه من الشعب ولا يستقوي بقوات الدعم السريع التي يقودها.
هبة إلهية لإنقاذ البلاد
وعلى غرار السيسي الذي يظهر من العديد من حواراته إنه يرى نفسه هبة إلهية لإنقاذ مصر، فإن حميدتي إنه يعتقد أنه لولا وصوله إلى منصبه لضاع السودان.
وفي مقابلة مع مدير مكتب صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في القاهرة ديكلين وولش، قال حميدتي إنه يعتقد أنه لولا وصوله إلى منصبه لضاع السودان.
وفي ظل تزايُد الضغوط الدولية، يرغب الجنرال حميدتي (45 سنة) في تقديم نفسه باعتباره منقذ السودان وليس مُدمِّره.
كما أن كلاهما يستخدم شخصاً آخراً كواجهة للوصول للحكم
بعد قيادة السيسي لعملية عزل مرسي، لم يتولّ هو الحكم بشكل مباشر بل تم تعيين رئيس المحكمة الدستورية العليا المستشار عدلي منصور رئيساً للبلاد، ولكن السيسي كان ينظر له خلال تلك الفترة على أنه الحكم الفعلي للبلاد.
وخلال حكم عدلي منصور رقّي السيسي من رتبة فريق أول إلى مشير.
ويعتقد كثيرون أن حميدتي هو الحاكم الفعلي للبلاد، وأن وضع عبدالفتاح البرهان لا يختلف كثيراً عن وضع عدلي منصور.
إذ يقول وولش: إن حميدتي هو الحاكم الفعلي في البلاد ويريد أن يقدم نفسه على أنه المنقذ لا المخرب، لافتاً إلى أن لسان حال السودانيين هو أن صعود حميدتي إلى قمة السلطة يعكس واقعاً مخيباً للآمال، إذ إنهم أزاحوا ديكتاتوراً في أبريل/نيسان الماضي ليأتوا بجلاد في مكانه.
كما أن قوات الدعم السريع تبدو المتحكمة في المشهد في البلاد مقابل تراجع لدور الجيش والأمن، الأمر الذي يعتقد أنه سبب في غضب في أوساط الجيش، قد يكون وراء محاولة الانقلاب التي تم إحباطها.
والآن تتحقق المخاوف التي راودت السودانيين منذ زمنٍ بعيد، من أن قواته ستهيمن على البلاد، القوات التي كان البشير قد روَّضها لسنوات كحرسٍ إمبراطوري يحمي كرسيه.
هذه القوات يبلغ عدد مقاتليها 50 ألفاً، وفقاً لبعض التقديرات، واستُقدمت لقمع التمرد في أنحاء السودان، وللقتال لقاء أجرٍ في اليمن كجزءٍ من الائتلاف الذي تقوده السعودية.
ويقول الباحث والصحفي جيروم توبيانا، الذي عمل في تغطية الصراعات في تشاد والسودان لأكثر من 20 عاماً: "كرر جنرالات الجيش وقادة دارفور من العرب تحذيراتهم من أن تلك الميليشيات أشبه بقنبلة موقوتة. والآن ها نحن ذا، وربما يكون الآوان قد فات للرجوع".
إذ تراقب قوات الدعم السريع العاصمة كالصقور، وتقف الشاحنات الصغيرة المُسلحة في تقاطعات الشوارع وعلى الكباري، أو تثير الفوضى في الشوارع الرملية بالمواكب الطويلة المزودة بمقاتلين يلوحون ببنادق القنص والقنابل ذات الدفع الصاروخي.
ولكن كيف أسكت حميدتي الجنرالات؟
أما جنرالات الجيش ذوي المناصب العليا، وهؤلاء الجنرالات في المستويات العليا بالسودان تجمعهم المصالح الاقتصادية المشتركة على اختلاف رتبهم.
جعلت الحرب حميدتي ثرياً، ومنحته مصالح في تعدين الذهب وأعمال البناء، بل وفي شركة لتأجير سيارات الليموزين. ومن بين داعميه، ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ورجل الإمارات القوي الشيخ محمد بن زايد.
وبحسب سليمان بالدو من مشروع "كفاية"، الذي يهدف إلى إنهاء الأعمال الوحشية في مناطق النزاع الإفريقية، فإنَّ الجنرال حميدتي وجنرالات الجيش الآخرين صاروا تحت حكم البشير من كبار رجال الأعمال، واحتكروا قطاعات اقتصادية كاملة.
إذ يقول بالدو: "الأمر ليس مجرد سلطة فقط، بل يتعلق بالمال أيضاً. قادة الجيش ومعهم حميدتي متورطون في الفساد حتى أعناقهم، ولهذا لا يتسامحون البتة مع قيام حكمٍ مدني في السودان".
ويذكر هذا الموقف بتحالف السيسي بعد 30 يونيو/حزيران مع صدقي صبحي رئيس الأركان في عهد مرسي وترقيته إلى وزير دفاع بعد عزل مرسي، والآن يعتقد أن الرجل قيد الإقامة الجبرية.
رابعة السودان.. ما أشبه الليلة بالبارحة
وعلى غرار مذبحة رابعة في مصر التي ارتبطت باسم السيسي، ارتبطت مذبحة فض الاعتصام بحميدتي بعد أن نفذتها قوات الدعم السريع التي يترأسها.
ويتضارب موقف حميدتي من المذبحة، تارة يتعهد بشنق من نفذها.
إذ أقسم على القصاص ممن تورّطوا في فضّ الاعتصام حتى لو ثبت أنهم من المجلس العسكري، وقال إن العدالة ستأخذ مجراها "حتى نوصلهم لحبل المشنقة"، معتبراً أن فضّ الاعتصام فخ نصب لقوات الدعم السريع التي يقودها من أجل تشويهها.
ولكن تارة أخرى، يتحدث حميدتي عن أسباب يراها منطقية، لفض الاعتصام بالقوة.
وقال حميدتي إنَّ ما دفع قواته إلى التحرك كان "الأعمال الاستفزازية الدنيئة" من جانب المتظاهرين، كما وصفها.
وأضاف: "لقد دُمرت واحدة من عرباتنا أمام أعيننا، وقاموا بتصوير بثٍّ حيٍّ لها. كانت هناك الكثير من تلك الأعمال الاستفزازية".
اللعب على تناقضات القوى السياسية
ويبدو أن العسكريين السودانيين يحاولون الوقيعة بين القوى السياسية السودانية، بدءاً من استغلال قلق اليسارييين من الإسلاميين نظراً لارتباطهم بحكم البشير وصولاً إلى تقديم أنفسهم على أنهم مدافعون عن الشريعة في وجه اليساريين.
كما يؤكدون أنهم يفضلون الديمقراطية، بينما قوى الحرية والتغيير تريد الحكم بلا تفويض شعبي، وما يساعد العسكريين على هذا الحجة هو طول الفترة الانتقالية التي تريدها قوى إعلان الحرية والتغيير والتي تبلغ أربع سنوات.
وقال حميدتي إن المجلس العسكري يسعى إلى التفاوض لتنفيذ رغبات الشعب، مشيراً إلى أنه سيتواصل مع كل من أسهموا في الثورة الشعبية، وليس من حق أي جهة أن تحكم السودان إلا بموجب تفويض.
ويلمح العسكري السوداني إلى وجود انشقاق في صفوف الثوار السودانيين.
إذ أكد الفريق الركن ياسر العطا، نائب رئيس اللجنة السياسية بالمجلس العسكري، العزم على تشكيل حكومة بغضّ النظر عن شكل الاتفاق، واعتبر أن مجموعات شبابية ثورية سئمت من قوى التغيير.
الانقلاب على القادة السابقين
التشابه بين الرجلين قد يكون أقدم من هذه الأحداث، إنه سلوك متأصل يمكن تتبعه في مسيرتها رغم تباين نشأتهما.
بدأ حميدتي حياته كتاجر إبل لم يستكمل تعليمه ثم زعيم ميليشيا ثم أصبح جنرالاً بفضل البشير بعدما هدد بالإنضمام للتمرد وبعد ذلك رقي إلى فريق أول، وأخيراً نائب للمجلس العسكري الحاكم.
أما السيسي فمن ضابط مشاة إلى مدير المخابرات الحربية وأصغر عضو بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي حكم البلاد بعد عزل الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، ثم وزير دفاع في عهد مرسي وعدلي منصور إلى رئيس جمهورية.
كلا الرجلين عُرف عنهما قربهما الشديد للقادة السابقين قبل أن ينقلبا عليهم.
حميدتي هو اللقب الذي أطلقه البشير على محمد حمدان دقلو، بمعنى حمدان حميد الخاص بي، وخو يدل على فرط ثقة البشير في تاجر الإبل الذي جعله فريقاً بعد أن قضى على التمرد في دارفور، وأنقذ نظام البشير من غزوة أم درمان التي نفذتها قوات المتمردين في دارفور على الضاحية الغربية للعاصمة السودانية.
أراد البشير جعل حميدتي قائداً لحرسه الإمبراطوري الذي يحمي كرسيه، لكنه تخلى عنه بل اتهمه بأنه يريد قتل ثلث الشعب السوداني ليبقى في الحكم.
وقبل ذلك ساهم حميدتي في إلقاء القبض على ابن عمه موسى هلال، قائد ميليشيات الجنجويد.
تاريخ السيسي لا يختلف كثيراً، كان ينظر له أنه مقرب من رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المشير محمد حسين طنطاوي، لكنه اتفق مع الرئيس محمد مرسي على أن يحل محله بعد أن تمت إقالة طنطاوي بشكل مفاجئ هو الفريق سامي عنان رئيس الأركان.
ثم رقاه مرسي إلى فريق أول، وكان واثقاً من ولائه حتى قال: "لدينا في القوات المسلحة رجال من الذهب"، وهو يشير للسيسي.
وفي النهاية كان السيسي هو الذي قاد عملية عزل مرسي بعد أن كان أقنعه بنزول قوات الجيش للشارع قبل مظاهرات 30 يونيو/حزيران لحماية النظام العام من الاحتجاجات.
ثم بعد ذلك بسنوات اعتقل السيسي الفريق سامي عنان لإبدائه الرغبة في الترشح ومنافسته في انتخابات الرئاسة، كما تم جلب الفريق أحمد شفيق المرشح الرئاسي السابق من الإمارات، ويعتقد أنه خاضع للإقامة الجبرية للسبب ذاته.
هل يسير حميدتي على خطى السيسي وهل نراه رئيساً للسودان قريباً؟
التشابه اللافت بين الرجلين هل هو مجرد صدفة، أم أنه أمر طبيعي في ظل التشابه العام بين طبيعة البلدان العربية خاصة البلدين الجارين مصر والسودان؟
قد يكون سبب التشابه أعقد من ذلك، فالقوى ذاتها هي التي تدعم الرجلين، وتحديداً الإمارات والسعودية، كما أنه يعتقد على نطاق واسع أن النظام السيسي يدعم كل النظم العسكرية في المنطقة العربية، مثلما يفعل مع الجنرال المتقاعد خليفة حفتر، وبالتالي فالعلاقة بين النظامين قد تتعدى التأثير المتبادل إلى استعارة الأساليب ونقل الخبرات في التعامل مع الثورات.
فهل سير حميدتي على خطى السيسي صدفة أم أنه مخطط عام يطبق في المنطقة مع إضفاء التعديلات اللازمة؟
وهل تنجح فكرة التفويض في الشعبي في إيصال حميدتي للحكم، أم أن الوضع مختلف في ظل نجاح قوى المعارضة السودانية في حشد الجماهير كما ظهر في الاستجابة الواسعة للعصيان المدني، وفي ظل اختلاف الأوضاع بين الحالة المصرية والسودانية؟
إذ إن السيسي ظهر في مُناخ شديد الاستقطاب بين مؤيدي مرسي ومعارضيه سمح له بتقديم نفسه باعتباره منقذاً للبلاد، بينما فقد حميدتي سُمعته بسرعة بعد تورُّطه في مذبحة فض الاعتصام، وأصبح الوجه المكروع أكثر من قبل أنصار الحراك السوداني.
نقطة الاختلاف الرئيسية أن السيسي ابن المؤسسة العسكرية، بينما حميدتي دخيل عليها.
فإلى متى سيرضى الجيش السوداني بأن يصعد رجل الميليشيات السابق على أكتافه ليحقق هدفه في أن يصبح رئيساً للسودان.